أنت في سوريا منذ حوالي شهر، كيف هو الوضع هناك؟
هذه أكبر أزمة إنسانية شهدها العالم في السنوات الأخيرة، العديد من المراقبين يصفونها بالأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، نحن نرى هنا كيف أن نزوح المدنيين لا يتوقف، حركة النزوح طالت ما يقارب نصف السكان بعضهم غادر خارج البلاد والبعض الآخر هاجر إلى مناطق داخل سوريا، إنهم يعيشون في ظروف كارثية، لا وجود لفرص عمل وموارد الرزق قليلة جدا..
إلى جانب ذلك الجماعات المسلحة تتقاتل يوميا ومن دون توقف تقريبا، كان هناك هجوم خطير على مدينة حلب، وقال الأطباء داخل المدينة الذين تكلمت معهم، إن هذا الهجوم غير مسبوق منذ بداية الأزمة السورية، لحسن الحظ كانت هناك تغطية إعلامية عالمية لما يحدث، الآن هدأت الأوضاع بعض الشيء، رغم أن الحرب لم تتوقف بشكل نهائي.
دعنا في مدينة حلب التي كنت متواجدا بها، كيف هي ظروف العمل هناك؟
تنقسم المدينة إلى قسمين جزء خاضع للنظام السوري، والجزء الآخر تابع للمعارضة المسلحة، وكنت أعمل في هذا الجزء، ظروف العمل صعبة جدا، آخر طبيب للأطفال يعمل هناك قتل في قصف جوي، وهو ما أثر علينا كثيرا، والخطير في الأمر أنه يتم استهداف كل شيء بما في ذلك المستشفيات التي دمر الكثير منها، طبعا العديد من الأطباء غادروا البلاد للنجاة بأرواحهم، والذين لازالوا يمارسون عملهم رغم هذه الأوضاع المأساوية هم شجعان جدا بالنظر إلى هول ما يجري...
قدمت مساعدات في مناطق مختلفة في العالم، لكن يبدو أن الوضع في سوريا أثر فيك كثيرا؟
نعم..كما قلت في البداية، الأزمة السورية هي أكبر أزمة إنسانية شهدها العالم في السنوات الأخيرة، وأشعر أن الأوضاع ستزداد تأزما، خصوص في الشق المرتبط بعملي المتمثل في الولادة، معظم الأطباء ذوي الخبرة في هذا التخصص غادروا البلاد، والذين لا يزالون هنا ليست لديهم الخبرة الكافية، وأنا هنا لتدريبهم، وعند مقارنة ما أقوم به في سوريا مع ما قمت به في مختلف مناطق العالم، فأظن أن السوريين هم من بحاجة اليوم لتقديم يد المساعدة لهم.
نظرا للتطور المتسارع للأحداث في سوريا ألا تخاف على حياتك؟
نعم..أي إنسان يخشى على حياته، لكن أعتقد أنه يمكنني أن أقدم إضافة هنا، تعلم أن الانسان يمكن أن يغادر إلى دار البقاء وهو يقود سيارته مثلا، لذلك الموت يحيط بنا دائما وهو ليس بعيد عنا، أنا أتيحت لي الفرصة لأقدم المساعدة وهذا هو الأهم، وهذه هي طريقتي لأقول للسوريين إننا معكم.
العديد من السوريين الذين فروا من الحرب لجأوا إلى المغرب، هل تعتقد أن المغرب يقدم ما يلزم لهم؟
نعلم العديد من السوريين قصدوا المغرب عبر الجزائر، المغرب رحب بهم وقدم لبعضهم كما نعلم أوراق الإقامة، لكن لا توجد برامج لإدماجهم في المجتمع، سواء من قبل الدولة، أو من قبل منظمات المجتمع المدني، بالمقابل هناك بعض المغاربة يبدلون جهدا شخصيا لمساعدتهم...
العديد من اللاجئين لديهم مؤهلات، وفي حال العمل على إدماجهم فإن الكل سيستفيد، ونضرب هنا أمثلة بتركيا التي استقبلت أكثر من مليوني لاجئ والذين سيساهمون حتما في الدفع بالبلاد إلى الأمام بمؤهلاتهم ومواهبهم، وكذلك بالنسبة لألمانيا.
رؤيتهم يتسولون في أبواب المساجد تؤلمني كثيرا، وأكثر ما يؤلم هم الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدارس، أعتقد أنه يمكن للمغرب أن يستفيد من تواجدهم على أراضيه، وعلينا أن نستفيد من تجارب البلدان التي نجحت في دمج اللاجئين والاستفادة من خبراتهم.