أعلن علماء في دراسة حديثة نشرت يوم 18 نونبر 2024 انقراض طائر الكروان نحيل المنقار، وهو نوع من الطيور يعيش في ثلاث قارات مختلفة. يُعد هذا الحدث أول حالة انقراض معروفة للطيور في شمال إفريقيا وأوروبا وغرب آسيا حتى الآن.
وطائر الكروان، طائر ساحلي مهاجر كان يتكاثر في غرب سيبيريا ويقضي الشتاء حول البحر الأبيض المتوسط. وكانت آخر مشاهدة مؤكدة له في شمال المغرب في عام 1995.
بعد ذلك توقف الكروان عن العودة إلى موقعه الأساسي للشتاء في بحيرة المرجة الزرقاء بمولاي بوسلهام قرب القنيطرة.
وقالت نيكولا كروكفورد، مسؤولة السياسات الرئيسية في الجمعية الملكية لحماية الطيور التي تتألَّف من عدَّة منظمات حفاظ حياة بريَّة تُناضلُ في سبيل حماية الطيور وموائلها الطبيعيَّة على وجهٍ خاص، والتنوّع الحيوي العالمي على وجهٍ عام "هذه واحدة من أكثر القصص المدمرة في مجال الحفاظ على الطبيعة خلال القرن الماضي...، هذا أول انقراض عالمي موثق لطائر من أوروبا القارية وشمال إفريقيا وغرب آسيا، وقد حدث ذلك في عصرنا. كيف يمكننا أن نتوقع من الدول خارج أوروبا أن تتحمل مسؤولية حماية أنواعها، بينما فشلت الدول الأكثر ثراءً نسبيًا في القيام بذلك؟"
وبحسب أصحاب الدراسة فإنه قد لا تُفهم أسباب تراجع الكروان نحيل المنقار بشكل كامل أبدًا، لكن من المحتمل أن يقف وراء ذلك التجفيف الواسع للأراضي الرطبة المرتفعة التي كان يتكاثر فيها لاستخدامها في الزراعة، وفقدان المناطق الرطبة الساحلية التي كانت تُستخدم للتغذية الشتوية، والصيد، خاصة في المراحل الأخيرة من حياة هذه الفئة التي كانت قليلة العدد، ومجزأة، وفي تراجع مستمر.
وقد تكون هناك تأثيرات أخرى ناتجة عن التلوث، والأمراض، والافتراس، وتغير المناخ، لكن مدى تأثير هذه العوامل غير معروف.
وقال الدكتور أليكس بوند، أمين قسم الطيور الرئيسي في متحف التاريخ الطبيعي وعضو في الفريق الذي تتبع مصير الطائر المنقرض "عندما توقف الكروان ذو المنقار النحيل عن العودة إلى موقعه الشتوي الرئيسي في المرجة الزرقاء بالمغرب، بُذلت جهود كبيرة لمحاولة تحديد مواقع تكاثره. تم تنظيم عدة بعثات بحث، وشملت عمليات البحث مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة. لكن للأسف، لم تسفر كل هذه الجهود عن شيء".
وتابع "مع استمرار تغير المناخ، سيصبح هذا هو الوضع السائد. الأمور لا تتحسن بالنسبة للطيور. معالجة تغير المناخ، وتدمير الموائل، والتلوث هي أفضل فرصة لدينا لحمايتها، سواء على المستوى المحلي أو العالمي."
دق ناقوس الخطر
وتزامن الإعلان عن انقراض هذا الطائر، مع الإعلان عن ترقية 16 نوعًا آخر من طيور الشواطئ المهاجرة إلى فئات تهديد أعلى في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، نتيجة لتراجع أعدادها.
وقال أليكس بيري مان، مسؤول القائمة الحمراء في منظمة BirdLife International وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة "إن الفقدان المدمر لطائر الكروان نحيل المنقار يعد تحذيرًا بأن لا طائر محصن من خطر الانقراض. منذ عام 1500، انقرض أكثر من 150 نوعًا من الطيور عالميًا. غالبًا ما كانت الأنواع الغازية السبب الرئيسي، حيث أثرت على 90% من حالات انقراض الطيور في الجزر. ومع ذلك، بينما قد يتباطأ معدل الانقراض في الجزر، فإن معدل الانقراض في القارات في تزايد مستمر. يعود ذلك إلى تدمير الموائل وتدهورها، والاستغلال المفرط، وتهديدات أخرى. هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات حفظ عاجلة لإنقاذ الطيور؛ وبدونها، علينا أن نستعد لموجة أكبر من الانقراض تجتاح القارات."
فيما قالت نيكولا كروكفورد "تربط الطيور المهاجرة بين الدول. الجهود التي تبذلها بعض الدول للحفاظ على نوع معين يمكن أن تُقوَّض بالإجراءات الضارة التي تُتخذ في دول أخرى تشترك معها في نفس الأنواع المهاجرة. وكما يُعتبر الكربون في الغلاف الجوي مقياسًا للجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، فإن حالة الأنواع المهاجرة تمثل مؤشرًا على نجاح الجهود الدولية للحفاظ على التنوع البيولوجي. إن انقراض الكروان نحيل المنقار يُعد دعوة واضحة لتعزيز العمل من أجل الطبيعة، تمامًا كما تُعد الفيضانات، والحرائق، والجفاف التي تدمر الكوكب دعوة للعمل لمكافحة تغير المناخ."