القائمة

الرأي

«السحر المغربي»... سرٌّ يشعل قلوب الخليجيين!

 

لمّا بدأت تخطو على رأس القاعة الكبيرة في فندق «سافوي لو غراند» في المغرب بدا المكان صاخباً. وكأنما خطواتها الرشيقة لحن يُعزَف على الحضور.

لمّا بدأت تخطو على رأس القاعة الكبيرة في فندق «سافوي لو غراند» في المغرب بدا المكان صاخباً. وكأنما خطواتها الرشيقة لحن يُعزَف على الحضور.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

تحركوا في تناغم، كُلّ استقر في مقعده، وفي الوسط سيدة وقفت تنظم الحدث بابتسامة جذّابة وعينين برّاقتين.

هنا المغرب... وهنا المرأة المغربية التي تتقن فن الاحتفاء بالضيف، فكانت كما صُبح أضاء يوم المؤتمر الدولي «حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية... الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة» الذي استضافته مدينة مراكش.

خارج قاعة المؤتمر الذي استقبل وفوداً عدة من ضمنها خليجيون نساء ورجال رفعت «المدينة الحمراء» أستارها مزهوة بجمال طبيعي، فكانت أشبه بغيمة من عطر جال الزمان فيها مع الكويتية الجائلة في المدينة، وكان «السحر المغربي» حاضراً من جديد في حفاوة مراكش التي بدت عند الظهيرة كأنها غصن مكللٌ بالذهب تموج في انحناءاته أشعة الشمس.

وبالقرب من الإطلالة «الأطلسية» الفاتنة حيث تثنّت أوشحة القفطان المغربي على رياح يناير الباردة، بدا السحر المغربي طاغياً... ولا عجب.

في ركن من أزقة المدينة القديمة، بُسُط مفروشة يبيع الجوالون فيها لوازم الجمال من الصابون المغربي ذائع الصيت إلى الزيوت الطبيعية التي بدت في زجاجات معتقةً دون تكلّف، وفي جوارها أخشاب البخور الحارقة كما «العيون المغربية».

وكما يليق ببدوية تتزين بالحناء وتفتش دوماً عنها، فإذا بالنبتة الخضراء المعجونة بالأسود تغطي أطراف يدي، وإذا بالجمال يلفّني من موطئ قدمي.

إنها بوابات مراكش العتيقة التي تأخذك عبر الأزقة إلى ساحة جامع الفنا التاريخية. والحمامات المغربية على طرفي الطريق، تقودك إليها رائحة الزيوت العطرية الفارهة.

حدائق «الماجوريل» الساحرة بناها الفرنسيون باللون الأزرق الفاتن لتزيّن قلب المغرب، وإذا بالسحر ينقلب على الساحر ويقع الفرنسيون في أسر الجمال المغربي.

الغرام الذي جعل المصمم العالمي الشهير إيف سان لوران وصديقه رجل الأعمال بيار بيرجييه يشتريان الحديقة التي بناها الرسام الفرنسي الشهير جاك ماجوريل وسماها باسمه قبل أن يتم تحويلها لاحقاً إلى متحف للحضارة الإسلامية والعربية.

لوران الذي كان من ضحايا العشق المغربي ومراكش الجميلة التي أوحت له بكثير من أعماله الفنية المثيرة، ما جعل الحب يصل إلى الموت فيطلب سان لوران في وصيته أن ينثر رماده خلف ورود الحديقة المترفة!

وفيما بدا الليل كريماً بوافرٍ من الضياء الفاتن، فتح المطعم المغربي العريق بابه على سقوف ملونة وحوائط صيغت زينتها بدقة، واكتملت الروعة حين آنستني بحب ودلال مضيفات مغربيات على لحن موشحات أندلسية، فكان المشهد الذي كشف لي سر وقوع الرجال في حب المغربيات!

«السيدة الحُرة» في المغرب تاريخ لا يزال مسموعاً بفخر في الأحاديث، فالمغربية الحرة أميرة قادت في الماضي جيشاً لحرية بلادها، وهي اليوم تتكرر في نسلها، فالمغربية الحُرة اليوم تقيم دروساً في الفكر، ولا تنسى أن «الحرة تأكل من يديها».

العشاء بمذاق الحرير على الشفاه كان بارتشاف «الحريرة» المغربية، والحديث كان حول عشق الرجل الخليجي للمرأة المغربية، وبلا مواراة ظهر «السحر» الذي عرفت به المغربيات ليغدو السبب واضحاً.

وهكذا عرفنا لماذا يقع الخليجيون القادمون من «مدن الأنوار» مسحورين «حباً وكرامة» في أجواء المغرب.

معي أنا كان «الدلال المغربي» لا السحر، هو الجواب.

ووسط «الدلال المغربي»، استحضر أحفاد الأندلسيين من العرب الأقحاح ليالي أندلسية غابرة مذيعين على أطراف الليل غزلاً للزوار على لحن موشحات «يا من حوى ورد الرياض بخده، وحاكى قضيب الخيزران بقدّه» لتنتهي الأمسية كما انتهى نهار المؤتمر بلا «صراع حضارات»، وكأن الخطوة الفارهة للمضيفات المغربيات قد رفعت شارة السلام بين الأنداد، معلنة كما في الشعر الأندلسي «دع عنك ذا السيف الذي جرّدته... عيناك أمضى من مضارب حده».

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال