وتأسس اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش بالمغرب، وضم 5 دول هي موريتانيا، والمملكة المغربية، والجزائر، وتونس، وليبيا، وتمثل في مجملها الجزء الغربي من العالم العربي، ووقع المؤسسون على ما سمي بـ"معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي".
وتأثر مستقبل المنظمة الإقليمية بالخلاف الجزائري - المغربي حول ملف الصحراء، ثم أصيب الاتحاد بضربة ثانية جراء الأزمة الليبية.
وبحسب منوبي عدنان، الباحث الجزائري المتخصص في شؤون المنظمات الإقليمية والدولية، فإن سبب تعثر منظمة اتحاد المغرب العربي يعود عدة أسباب، أهمها هو "عدم وجود خيار حقيقي لدى الأنظمة الحاكمة في الدول الخمس في الاندماج". وأضاف عدنان أن "أغلب الخبراء في المغرب العربي وخارجه يعتبرون أن اتحاد المغرب العربي تعثر بسبب الخلاف العميق بين الدولتين الأكبر في المنظمة وهما الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء".
ومضى قائلا "إلا أن السبب الحقيقي هو التناقض الذي يعاني منه الخطاب السياسي المتعلق بالاندماج في الدول الخمس بين ما يقال على لسان المسؤولين حول الرغبة في ترقية التعاون وحقيقة الخلافات العميقة بين الأنظمة وأخص هنا بالذكر ليبيا، والجزائر والمغرب".
وبحسب منوبي فإن "الأنظمة السياسية في الدول الثلاث (ليبيا والجزائر والمغرب) لا ترتبط بأية علاقة ثقة متبادلة وحتى بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا، جاء النظام الجديد بمخلفات اتهام الجزائر التي آوت أسرة القذافي لديها بدعم نظام العقيد الراحل خلال الحرب الأهلية أو الثورة".
وقال منوبي "لسنا في وارد الحديث عن العلاقات السيئة بين الجزائر والمغرب التي وصلت حد الاشتباك المسلح في عام 1963 في حرب الرمال الشهيرة ثم حرب الصحراء التي نشبت عام 1975، ثم قرار غلق الحدود بين الجزائر والمغرب عام 1994 بسبب ما يعرف بأحداث فندق أسني في مدينة مراكش المغربية، ثم عادت قضية الصحراء كي تفرض نفسها على العلاقة بين البلدين طيلة أكثر من 20 سنة من غلق الحدود".
وتعيش العلاقة بين البلدين بحسب المصدر ذاته "سلاما باردا تتخلله بعض حالات الانقباض بسبب ما يعتبره المغرب استهدافا له من الجزائر في مسألة الصحراء، ورغم كل هذا فإن التنسيق الأمني بين البدين الجارين جيد، حيث يتعاون البلدان في عديد المسائل الأمنية أهمها التصدي لخلايا تجنيد الجهاديين للقتال في سوريا والعراق".
وأشارت صحيفة "الخبر" الجزائرية في تقرير نشرته مؤخرا إلى أن "العلاقات السيئة بين الجزائر والمغرب تخفي تنسيقا أمنيا قويا في مجال مكافحة الإرهاب، والسبب دائما هو ضغوط فرنسية أمريكية على البلدين للتعاون الأمني".
من جانبه، قال أحمد تاوتي، الباحث الأكاديمي الجزائري في العلاقات الدولية، إنه "رغم الخلاف بين الجزائر وليبيا فإن عددا كبيرا من السياسيين في ليبيا يعتقدون أن الحل السياسي في ليبيا يمر عبر الجزائر، حيث تواصل الدبلوماسية الجزائرية السعي لإيجاد حل للأزمة في ليبيا، وتعمل في نفس الوقت بالتعاون مع تونس على ضبط أمن الحدود بين الجزائر وتونس من جهة والجارة ليبيا التي تعيش حالة اقتتال داخلي منذ عام 2011، من جهة أخرى".
وتعيش العلاقات الثنائية بين الجزائر وتونس طفرة وقوة تنطلق من فكرة التهديد الذي تتعرض له الدولتان، ومصدره الجماعات التي توصف بالإرهابية مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكتيبة عقبة بن نافع التي أعلنت موالاة تنظيم "داعش"، وتنظيم جند الخلافة الموالي لـ"داعش" وجماعات أخرى تتمركز في ليبيا.
وأضاف تاوتي للأناضول "يبدو أن الجزائر باتت مرتبطة بأكثر من علاقة جوار مع الجارة تونس حيث باتت مواقف البلدين من الكثير من المسائل الإقليمية والدولية متقاربة إلى حد التطابق". وبحسب تاوتي فإن "هذا يعود إلى اعتقاد المسؤولين في تونس أن أمن بلادهم يرتبط بشكل وثيق بأمن الجارة الأكبر الجزائر، وتأتي زيارة الرئيس التونسي باجي قايد السبسي للجزائر يومي 4 و5 فبراير الجاري، والتي كانت الأولى له خارج تونس، في إطار العلاقة المميزة بين البلدين الجارين التي لم تعان خلال عمرها الممتد 5 عقود من أزمة حقيقية رغم بعض مراحل الفتور".
من جهة أخرى، ترتبط الدولة العضو في اتحاد المغرب العربي موريتانيا بعلاقة هادئة مع الجزائر، لكن العلاقة تحولت في عام 2010 إلى تحالف عسكري وأمني لمكافحة الإرهاب حيث وقعت الجزائر وموريتانيا في يوليوز عام 2010 اتفاقا أمنيا لإنشاء ما بات يعرف بمنظمة دول الميدان التي تضم الجزائر، مالي، موريتانيا، والنيجر. وأشارت صحف جزائرية في وقت سابق إلى أن تونس قد تلتحق بهذه المنظمة الأمنية الإقليمية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.