وأرجع الإعلامي المصري الذي اشتهر بتقديمه لبرنامج "نقطة ساخنة" و"يحكى أن" على شاشة قناة الجزيرة القطرية، عدم إنجاز اليوميات إلى من أسماهم ب"الحرس القديم" الذي يرفض أصحابه ظهور الملك في برنامج وثائقي.
وفيما يلي بعض مما كتبه أسعد طه عن هذه الواقعة:
تبدل الحال تماما عندما وصلت المغرب مرة أخرى عام ألفين وثلاثة ، حتى أني سألت عن إمكانية لقاء الملك ، قيل لنا أنه لا يجري لقاءات تلفزيونية ، ولكن بالإمكان أن يستقبلكم في قصره كتحية منه ، قبلنا التحية ، وذهبنا إلى هناك وكان لقاءا وديا ، غير أنه في نهاية الأمر رسمي تقليدي
الذي لم يكن تقليديا هو الصورة التي بدأت ترسم حينها عن الرجل ، إنه ملك للفقراء ، يدافع عنهم ويتبنى مطالبهم ، ملك يقود سيارته بنفسه في شوارع الرباط ويتوقف عند إشارات المرور ، ويناهض عادة تقبيل يده ، كان الأمر مدهشا بالنسبة لي ، وتخيلت فيلما وثائقيا عن الملك في حياته اليومية الخاصة
غادرت المغرب ، التي أذهلتني ، إنها بلاد ثرية بالثقافة والتاريخ والقيم ، ومواطنون بسطاء طيبون ، ونحن مازلنا في الشرق لا نعلم شيئا عنها ولا عنهم إلا القليل ، بعد مرور فترة قصيرة أبلغت بأن الملك رحب بالفكرة ، وعدت إلى المغرب ، هذه المرة لأعد فيلمي الوثائقي المتخيل عن الملك ، ما أن وصلت حتى كان بوسعي بسهولة أن أشم رائحة صراع بين فريقين ، حرس قديم يرفض الفكرة مطلقا ، يريد للملك أن يحتفظ بالصورة التقليدية ربما التي كانت لوالده ، ويظن أن فيلمي يهدد هيبته ، وحرس جديد ، يريد أن تدخل المغرب في مرحلة جديدة وتواكب عصرها ، ويرغب بشدة في أن تخرج صورة الملك إلى الناس على هذه الشاكلة ، أقتربت وأنا قلق ، لا أريد أن أتورط في مديح لأحد ، ولا في خلاف بين فريقين قد أدفع ثمنه ، أتفقت مع نفسي أني سأعالج الأمر على شاكلة يوميات ملك
حضرت إجتماعا ضم الملك مع حكومته مرة في القصر ، ومرة مع رئيس حكومته في سيارة الملك المخصصة لذلك وهي تسافر من الدار البيضاء إلى الرباط ، ويوم عمل آخر في القصر ، ويوم أيضا مع ولي عهده ، ويوم ثالث مع أخيه مولاي رشيد ، وفي ذلك كله أقر أنها كانت تجربة جديدة لي
الشغف كاد يقتلني ، كنت أود إكمال الأمر بأي ثمن ، أدهشني تواضع الرجل الجم ، لطفه في التعامل مع فريق العمل ، أدبه في الحوار مع موظفي القصر ، بساطته ، في المساء حدثت زملائي بذلك ، قال أحدهم إذا أنت تتفق مع سياساته ، أجبته لماذا التعميم دائما ، أنا أتحدث عن سلوك شخصي يعجبني ويدهشني ، لكن قد أتفق أو أختلف معه في سياساته ، الحد الأدنى من الإنصاف أن تذكر للمرء محاسنه كما تذكر عيوبه
في أحد الأيام كنت أنتظر في الفندق لتعليمات الخطوة المقبلة ، أنتظرت طويلا ، أنتهى اليوم دون تحقيق أي إنجاز ، مر يوم آخر ، ثم يوم ثالث ، فيوم رابع ، ثم كان علي أن أعترف أن الحرس القديم قد أنتصر ، وأن علي أن أحمل حقائبي وأرحل ، وأن المشروع قد أجهض ، وفي الطائرة حدثتني نفسي وأنا حزين على ما جرى : عليك أن تهيم بالمغرب حتى تدرك سره !