وهو النص الذي يضم فصلا كاملا حول البنوك التشاركية (البنوك الإسلامية )، وذلك بناء على إحالته من طرف رئيس مجلس المستشارين في يوليوز الماضي.
تفاعلات هذه الإحالة - عدا عن إثارتها لنقاش موضوعاتي غني حول تجربة هذه البنوك - شكّلت تمريناً دستورياً مهماً في باب العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة، وبين هيئات الحكامة والمؤسسات التي في حُكمها، وضمنهاً عطفاً على اجتهاد سابقٍ للمجلس الدستوري؛ يوجد طبعاً المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
في السياق، فإن قرار الإحالة أنتج هجوماً لاذعاً من طرف رئيس الحكومة الذي اعتبره مجرد [عرقلة للعملية التشريعية]، واصفاً إياه بنوع [من المناورات التي لن تفيد في أي شيء].
مع التقدم في عملية تفعيل الدستور، فإن محددات العلاقة بين البرلمان وهيئات الاستشارة والحكامة، تستمر من الناحية القانونية والمسطرية في مزيد من الوضوح والتدقيق، وهكذا، فإن قرار الإحالة المذكور، مثلاً، جاء مطابقاً للشرعية، سواء في علاقة مع الدستور، النظام الداخلي لمجلس المستشارين، والقانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
من ناحية عرقلة المسطرة التشريعية، فإن الدستور جعل البرلمان يحتكر تماماً السلطة التشريعية، وهو ما يعني بأنه هو الذي يملك في النهاية الكلمة الأخيرة في التصويت على القانون.
إن جوهر النقاش الذي شهده البرلمان بمناسبة مناقشة وإقرار القانون المنظم للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، خاصة على مستوى إجبارية الإحالة أم اختياريتها، يرتبط بالضبط بكون هذه الهيئات ذات وظيفة استشارية، وبأنها ليست دائماً جزءاً ضرورياً من مسطرة التشريع، ولا هي غرفة ثالثة من غرف البرلمان.
فلسفة المُشرّع - هنا وفي تجارب دستورية أخرى- من إقرار المجالس الاقتصادية والاجتماعية، تتمثل في فرضية توسيع الفضاء العمومي، والانفتاح على ديمقراطية المشاركة، وتنسيب القرارات والخيارات العمومية على ضوء الخبرة والمعرفة.
من حيث المضمون، فإن البنوك الإسلامية، تشكل حالة مدرسية، لحاجة النخب السياسية، إلى أراء متقاطعة تمتحُّ من مرجعيات اقتصادية ومالية متعددة ، لإغناء وجهات نظر الفاعل السياسي بصدد هذا الموضوع المعقد، بانعكاساته المؤكدة على كل النسيج البنكي والاقتصادي.
عموماً، وبعد كل هذا الجدل، فإن أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذين التأموا الخميس الماضي، في الدورة 41 للمجلس، صادقوا بالإجماع على رأي يعتبر ضوءا أخضر لإنشاء الأبناك التشاركية!
لكل ذلك لم يكن من اللائق، حتى على افتراض شعور الحكومة بتقاطعات مصلحية كبرى تهم بعض الفئات الاقتصادية، التي قد يهمها إقبار أو على الأقل تأجيل هذا المشروع، أن تتم مهاجمة مسطرة قانونية ومؤسساتية طبيعية، خاصة أن الأمر يتعلق بقرار سيادي لمكون من السلطة التشريعية التي من المفترض أن تشتغل في استقلالية عن الحكومة.