وفيما يلي نص المقال:
في سابقة خطيرة قررت السلطات الجزائرية في بحر هذا الأسبوع منع تزود اللاجئين الصحراويين فوق التراب الجزائري من المواد التموينية الجزائرية من مدينة تيندوف التي تعتبر الممون الوحيد للمخيمات باعتبارها الأقرب إليها، فلا يفصلها عن مخيم العيون سوى مسافة ستة كيلومترات. الإجراء يخص المواد الأساسية: الدقيق و العجائن و زيت المائدة، و قبل ذلك كانت تمنع الحليب و السكر.
كانت السلطات الجزائرية منذ منتصف السنة الفارطة، قد سيجت محيط المخيمات بحزام رملي تراقبه وحدات من الجيش الجزائري، ولم تبق للدخول و الخروج من والى المخيمات غير منفذ وحيد تحرسه كل تشكيلاتها الأمنية: (درك، حرس حدود، جمارك). ثم شرعت بعده في التضييق على حياة (اللاجئين )، حيث منعت عليهم منذ شهر أكتوبر الفائت التزود من السوق الموريتانية، و اعتقلت بعض التجار و صادرت بضائعهم، أتبعتها بمنع خروج البضائع الجزائرية نحو الأرياف الصحراوية، و أخيرا قتل شابين صحراويين بالرصاص الحي عند محاولتهم الخروج من المخيمات هربا من حواجز المراقبة التي باتت رمزا للاعتقال و المصادرة و امتهان الكرامة الإنسانية.
الإجراء الجديد تهدف السلطات الجزائرية من ورائه إلى إعادة الصحراويين المحتجين في المخيمات لبيت الطاعة عنوة، و فرض قيادة البوليساريو كممون وحيد للصحراويين لهم، و ضغط على المعتصمين أمام مكاتب مفوضية غوث اللاجئين بالمخيمات المطالبين بوثائقهم الثبوتية كلاجئين. و قد كان حري بالسلطات الجزائرية الالتزام بما تمليه عليها مسئوليتها القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين الصحراويين فوق أراضيها، و تسمح لهم بحرية التنقل و حق العمل بأجر و التكسب، وهي حقوق تنص القوانين الدولية وخاصة الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين على أن اللاجئ يعامل فيها معاملة لا تقل عن معاملة الأجنبي المقيم بصفة نظامية في البلد المضيف، و ظلت السلطات الجزائرية تمنع الصحراويين منها منذ عقود. و بدلا من ذلك ترى الجزائر أن أهون الحلول هي الضغط على المحتجين في الرابوني و مخيم السمارة لتوقيف احتجاجاتهم المتصاعدة التي باتت تحرجها، خاصة و أنها هذه المرة موجهة ضدها بعد قتل جيشها لشابين صحراويين أعزلين.
و إن كانت الجزائر قد دأبت على مثل هذا السلوك حتى مع مواطنيها كما تفعل حاليا مع سكان مدينة غرداية و فعلت في الثمانينات مع سكان منطقة القبائل، وكما فعلت مع جيرانها الازواديين منذ أيام بعد أن زار رئيس حركة تحرير ازواد المملكة المغربية. فإن المجتمع الدولي لا يجب أن يبقى صامتا أمام هذه الجريمة ( جريمة العقاب الجماعي للاجئين الصحراويين) التي تخالف كل المواثيق الدولية و الإنسانية وحتى التشريع الجزائري نفسه، فمنع إنسان من التزود بالمواد التموينية يعتبر جريمة، و أحرى منع عشرات الآلاف الذي لا يمكنه اعتباره أقل من جريمة شروع في إبادة جماعية بأبشع صورها، و من غير المستبعد أن تتكرر في المخيمات الصحراوية فوق التراب الجزائري صور و مشاهد الموت جوعا كما حدث في مخيم اليرموك الفلسطيني المحاصر في سورية.
و نظرا لخطورة الوضع نناشد الأمين العام للأمم المتحدة التدخل العاجل لإغاثة الصحراويين من الموت المحتم إذا أصرت السلطات الجزائرية في منع اللاجئين الصحراويين من التزود بالمواد التموينية.
كما نوجه نداء عاجلا لكافة المنظمات الحقوقية الدولية ووسائل الإعلام من أجل التدخل للضغط على السلطات الجزائرية للسماح بوصول المواد التموينية لأهالينا في المخيمات، و فتح المخيمات أمام المنظمات و الصحافة الدولية ....