كيف ترى واقع الصحافة الإلكترونية في المغرب؟
لا توجد صحافة إلكترونية بمفهومها الحقيقي، هناك منابر إعلامية على الشبكة وفقط.
لم أفهم، هلا شرحت أكثر؟
الصحافة الإلكترونية بالمنظومة وبالتصور والرؤيا وبأخلاقيات المهنة غير موجودة، هناك مجموعة منابر يشرف عليها هواة أو ناس قدموا من الصحافة الورقية وانتقلوا للاشتغال في هذه المنابر، ولكن الصحافة الإلكترونية كمنظومة بالمعنى الذي نعرفه عند صحافة الإذاعة أو صحافة التلفزيون أو الصحافة الورقية غير موجودة، فبالاستناد إلى ما هو موجود الآن، لا يمكن أن نتحدث عن وجود صحافة إلكترونية في المغرب، هناك فقط منابر تنشط على الشبكة.
في المغرب هناك مقاولات إعلامية تدير مواقع إخبارية، وتراعي في عملها أخلاقيات المهنة وما إلى ذلك..
(مقاطعا)عندما أتكلم عن الصحافة الإلكترونية أتحدث عن المنظومة، فمثلا عندما نتحدث عن الصحافة المكتوبة الورقية نتحدث عن اليوميات والأسبوعيات والصحف التي تصدر شهريا، والمطبوعات المنتظمة وغير المنتظمة...، إذن هناك قانون ينظم هذه الحرفة إضافة إلى أخلاقيات المهنة وهناك تراكم ومعطيات تجعلنا نقر بوجود صحافة مكتوبة، هذه الصحافة لها مؤسسة قائمة وعندهم سجل تجاري ورخصة...
ولكن هذا ينطبق على بعض المقاولات الإعلامية التي تسير مواقع إخبارية إلكترونية؟
طبعا هناك منابر إعلامية تتوفر فيها هذه الشروط، لكن هذه المنابر مجتمعة لن تعطينا صحافة إلكترونية، لأنه عندما نريد قياس حالة نتأملها وننتظر حتى تتحول إلى ظاهرة، وعندما تصبح ظاهرة عامة عندها نسق اشتغال وآليات اشتغال وميكانيزمات الاشتغال، آنذاك يمكننا إصدار حكم والحديث عن صحافة إلكترونية.
أما في الحالة المغربية هناك مجموعة من المنابر وكل واحد منها يغني بالطريقة التي تريحه، فنحن لا نتوفر على منظومة أي أنه لا نتوفر على ظاهرة اجتماعية حتى نصفها بصحافة إلكترونية بأدواتها ومكانيزماتها بقانونها الاقتصادي، وبنموذجها الاقتصادي...، لأن هذه المنابر مجتمعة لن تعطيك منظومة تسمى الصحافة الإلكترونية.
أنا أؤكد على أنه بالمغرب توجد مجموعة من المنابر الإعلامية على الشبكة ، لأننا لا نتوفر على حالة عامة يمكن أن نقيس عليها، ونقول إن هناك صحافة إلكترونية.
أصدرت وزارة الاتصال مؤخرا الكتاب الأبيض الذي يروم تقنين الصحافة الإلكترونية، ما تعليقكم عليه؟
أنا كنت حاضرا في اللقاء الأول، و منذ ذلك الحين وأنا أقول بأن هذا المجال لا يجب أن يقنن، لأننا لا نمتلك أدوات تقنينه.
كيف؟
نحن لا نتحكم في الشبكة، لأنها أمريكية وعندها خلفية عسكرية، فنحن لا نتحكم في آليات الشبكة ولا نتحكم في البنية التحتية التي تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية كما هو معروف، و الأنترنيت شبكة لا تعترف بالحدود هي شبكة عالمية فهل سنطبق هذا القانون في فرنسا مثلا أو في تندوف...فالنقطة الأولى هي أننا لا نتحكم في الشبكة.
أما النقطة الثانية فهي أن الأصل في شبكة الأنترنيت هو الحرية، هذه الحرية لا تتماشى مع منطق التقنين ومنطق المراقبة ومنطق الرقابة... ، فالأصل هو الحرية والمسؤولية.
مسألة التقنين حق أريد به باطل، لا يمكن أن نقنن شيئا لم يستقر بعد، فمثلا إن تم إيقاف موقع يبث من المغرب، نفس الموقع سيبث غدا من السويد أو أمريكا فكيف ستتم متابعته.
هذا مجال افتراضي، وليس واقعي لا يمكن اتباعه وتقصى صيرورته، هذا المجال لا يمكن أن يقنن، وأنا أدليت برأيي هذا لوزير الاتصال مصطفى الخلفي، وعلى أساسه قاطعت اللقاءات التي أتت بعد اللقاء الأول. وبعد أن أصروا على التقنين قلت لهم افعلوا ما شئتم الحكم بيننا هو الواقع.
المسألة كلها، هو أن أصحاب المنابر الإلكترونية يريدون أخد الدعم من الدولة...لذا يلهثون وراء التقنين...
من جهة أخرى هناك من ينظر إلى مسألة التقنين على أنها مجرد وسيلة للضبط وفرض الرقابة، ما تعليقكم؟
طبعا، هذا الفضاء المنفلت من الرقابة تحاول الدولة أن تفرض عليه نوعا من القيود، حتى يحسب كل شخص ألف حساب لما سينشره. أتساءل ماذا تعطي الدولة كي تقنن بالمقابل، نحن نحترم الشرطي، لأنه مقابل أن يؤمننا ندفع له الضرائب، وفي المحكمة القاضي يحكم بالعدل مقابل الضرائب التي ندفعها له أيضا، وزارة الاتصال ما هو المقابل الذي قدمته حتى تقنن الصحافة على النت.
الأنترنيت توفر فضاء مفتوحا لماذا الحديث عن تقنينه، الفضاء مفتوح والدولة تريد تضيقه، الدولة تحاول أن تؤطر الكل وتراقب الكل...، لكن ماذا تمنحنا الدولة بالمقابل الشبكة ليست في ملكها وأسماء النطاقات لا تملكها...، ببساطة من يتحدثون عن تقنين الصحافة الإلكترونية "ناس حماق" يتكلمون في الفراغ، الدولة لا تتحكم في الشبكة ولا في أسماء النطاقات لا تتحكم في البنية التحتية للشبكة، فكيف ستقننها؟
وهذه القوانين التي ستضعها الدولة هل ستكون قوانين ناجعة، فكل شخص يستطيع أن يفتح عشر مواقع ويطلب عشر مرات الدعم...
يبدو أنك الوحيد الذي يرى الأمور من هذه الزاوية، فالكل يتحدث عن أهمية التقنين وضرورته؟
في أدبيات الصحافة الإلكترونية بالمغرب لن تجد الطرح الذي أدافع عنه، ستجد الطرح الذي يتكلم عن ضرورة التقنين. لكن أسائل هؤلاء لماذا نقبل بأن تفرض علينا الدولة شروطها في الوقت الذي لا تمنحنا أي شيء بالمقابل.
في ظل الثورة الرقمية، يتحدث البعض عن قرب زوال الصحافة الورقية، مارأيكم؟
عبر التاريخ لم يلغ مستجد المستجد الذي سبقه، التلفزيون لم يلغ الراديو والسينما لم تلغ الإذاعة أو التلفزة والأنترنيت لم يلغ التلفزيون، والكتاب الإلكتروني لم يلغ الكتاب الورقي، الذي سيقع هو إعادة توزيع المواقع.
كيف؟
فمثلا المكانة التي كانت تحظى بها الصحافة الورقية لن تبقى على حالها، لأنه ظهر منافس جديد لها. الذي سيقع هو إعادة توزيع المواقع، وللتوضح فمثلا الصحافة الورقية كانت تأخذ 10 والإلكترونية لا شيئ اليوم الإلكترونية ستأخذ 9 والورقية 1، ولكن كل صحافة ستبقى في مكانها.
الآن هناك عودة للراديو وهي مسألة غريبة، فمثلا الإذاعات الخاصة في المغرب لها نسب استماع مرتفعة جدا، فلا يوجد مستجد تكنولوجي يقضي على الذي سبقه، الذي يحصل هو أن هناك مستجد يؤثر في إعادة توزيع المواقع وفقط.