حاورها لموقع دادس أنفو :كريم إسكلا
ـ كريم اسكلا : ماذا قدمت لك «آيت عتاب» كمسقط لرأسك ، وماذا قدمتِ لها ؟
ـ مليكة مزان : آيت عتاب قدمت لي ذاك الإحساس الجميل والحزين في نفس الوقت بالإنتماء إلى أرض تامازغا وشعب تامازغا وأمجاد تامازغا وجراحات تامازغا ، أما ما قدمته شخصيا لآيت عتاب فهو التمرد على مهنتها كعاهرة تعودت بيع جسدها من خلف حجاب وعلى سجادة صلاة وبدون أي مقابل!
ـ س : ماذا تبقى من مليكة مزان الطفلة ؟
ـ ج : مليكة مزان طفلة لا تشيخ ، فمازالت لديَّ قدرة على الضحك العالي رغم كل أشكال الإهانات التي تعرضت لها ، والأهم أني ما أزال أحافظ على كثير من عناد مليكة مزان الطفلة الذي صنع شخصية مليكة مزان الراشدة وأشعارها وكل أشكال نضالها في سبيل كرامة المواطن الأمازيغي.
ـ س : نبدأ من نضالك بالكلمة الشعرية والشاعرية ، إلى أي حد للشعر والأدب فاعلية في التغيير؟
ـ ج : للشعر ما للماء من قوة على نحت الصخر وتشكيله ، وأنا على يقين من أن الصخر المغربي بدأ يتشكل حسب ما تريده له أشعار كل المجانين الذين يعشقون هذا الوطن !
ـ س : لو لم يخترك الشعر ، ماذا كنت ستختارين كوسيلة للنضال والتعبير ؟
ـ ج : لو لم يخترني الشعر لكنت اخترت الشعر ، أقصد الشعر الذهني الفلسفي ، أنا لا أصلح سوى لهذا الفن الثائر المجنون !
ـ س : في مملكة الأدب اخترتِ «أن تعكري مزاج الرب وأن تزني مع أيما عصفور يهرب من غلمان الجنة» …
لماذا لم تختاري أن تكوني من الملائكة أو من الحور العين ؟
ـ ج : في مملكة الأدب وعن سبق إصرار وترصد اخترت أن ألعب دور مخلوقة أرضية تجد سعادتها البشرية في الإشفاق على الملائكة مطيعين منهم ومتمردين ، تماما كما تجدها في تعاليها عن أن تكون واحدة من الحور العين ، وكل ذلك كرد فعل منها صارخ قوي على كل منطق ذكوري (أرضي أو سماوي) عرفناه لحد الآن في أكثر هذياناته المدمرة .
هذا الدور الذي أعتقد أني أديته بنجاح هو إنجازي الأدبي الرائع وأنا راضية عنه كل الرضا .
ـ س : هل صحيح أن أغلب خصومك من الأمازيغ مع أنك مناضلة أمازيغية ؟
ـ ج : للأسف هذا صحيح ، وحين سأكتشف أن خصومي من الأمازيغ هم رجال حقيقيون سأعترف للجميع بأني مناضلة غير مشرفة للقضية الأمازيغية وأعتذر وأعتزل ، لكن لحد الآن أنا على يقين من أن خصومي الأمازيغ هم أشباه رجال وأنصاف أمازيغ ، أو هم فقط بقايا أمازيغ كانوا هنا ثم اضمحلوا فجأة وانتهى أمرهم !
ـ س : هل فوت الأمازيغ فرصة تاريخية عندما لم يستغلوا موجة «الربيع الديموقراطي» لتحقيق ثورتهم ؟
ـ ج : بل يمكن القول أن الأمازيغ لا يصنعون من الثورات سوى تلك التي بها يقضي عليهم أعداؤهم ، ولا أعرف من أين لهم جميعا بكل هذا الغباء الذي يجعلهم يضيعون كل فرصة تاريخية نادرة لإعادة الاعتبار لوجودهم ؟!
ـ س : القضية الأمازيغية ..هل ينطبق عليها القول بأنها قضية عادلة بمحام فاشل ؟
ـ ج : القضية الأمازيغية من أسوأ قضايا الإنسان العادلة حظا ، فهي قضية لا يدافع عنها محامون فاشلون فقط بل هي قضية بلا شعب ولا زعيم وربما بلا مستقبل ، وهو مصير لا أريده لها إطلاقا لهذا يراني الجميع أصر على الرفع من صراخي الأمازيغي أعلى فأعلى حتى الإنصاف الكامل !
ـ س : ما سر عدائك للعرب – كما يتهمك خصومك ـ إلى درجة أنك تحملينهم مسؤولية الإساءة إلى الإسلام ؟
ـ ج : وهل يحتاج ما تسمونه «عدائي» للعرب ولمن يدور في فلكهم من عبيد إلى مبررات وتفسير ؟! يا أخي تصرفات العرب وعبيدهم إزاء الآخرين وجرائمهم قديما وحديثا في حقهم كافية لأن تجلب عليهم ليس سخط الأمازيغية مليكة مزان فقط ، بل سخط العالم كله ، بل وسخط تلك السماء التي يتفاخرون دائما بالجهاد المقدس في سبيل إشراق أنوارها ولمعان نجومها ، وهم في الواقع لا يفعلون شيئا سوى دفع كل من الملائكة والشياطين دفعا إلى النفور منها !
ـ س : هل تعتقدين أن المشكل في الإنسان العربي كإنسان أم في ثقافته ؟
ـ ج : الإنسان العربي هو مبدع الثقافة العربية بما لها وما عليها ، ولا يمكن بأي حال الفصل بينهما ، فالمشكل فيهما معا ، وسيظل قائما فيهما معا ما لم يتنكر الإنسان العربي لكثير من التجليات الهمجية لهذه الثقافة ويبدع لنفسه وللعالم غيرها مما قد يشرف انخراطه في التأسيس لحياة إنسانية أجمل !
ـ س : هل ستحل مشاكل المغرب بمجرد أن يلقي الملك خطابا بالأمازيغية ؟
ـ ج : إلقاء الملك لأي خطاب له باللغة الأمازيغية ، اللغة الأم للشعب ، هو سلوك مواطن سيشرفه وسيقربه من الشعب الذي هو لحد الآن ما زالا بعيدا عنه ، كما أنه سيكون بمثابة نزول منه واجب من فوق برجه العربي العاجي إلى حيث يئن الجسد الأمازيغي في كينونته المتميزة العريقة ، غير أن أي خطاب ملكي باللغة الأمازيغية ليس له أن يحل مشاكل المغرب بل سيكون فقط إحدى السلوكات الصحيحة والمبادرات العقلانية نحو بداية حل شامل لتلك المشاكل .
ـ س : هل تلقيت ردا على رسالتك التي طالبت فيها رئيس الحكومة بالتفعيل الفوري لمقتضيات الدستور الجديد فيما يتعلق بالهوية الأمازيغية للأرض والشعب المغربيين وبحق المغاربة أجمعين في كل عيش كريم ؟
ـ ج : رئيس الحكومة الإسلامي الحالي مهووس أكثر بإرضاء شخصين اثنين في مهمته : زوجته في بيته ، وملكه على عرشه ، وأما أن يجيب على رسائل مواطنة أمازيغية متوجعة مثلي بسبب ما يطال انتماءها ووطنها وشعبها وثقافتها فليس من دين رئيس الحكومة هذا ، ولا من خلقه ، ولا من أجندا تدبيره للشأن العام لبلده !
ـ س : » آخر كلمة أقولها في حق هذا العالم : البصق! » ، هكذا قلت في إحدى قصائدك ، هل يستحق العالم هذا البصق ؟
ـ ج : هات وجه العالم أمامي وسترى إن كنت سأتردد في البصق عليه لحظة واحدة !
ـ س : تحاولين تكسير كل طابو وكل ممنوع ، والبعض يفسر ذلك بنزعة نحو الشهرة وإرادة الظهور ، ما ردك على ذلك ؟
ـ ج : أولا أنا لا أحاول تكسير كل طابو وكل ممنوع ، لقد تجاوزت هذه المرحلة في نضالي لأني حطمت فعلا كل الطابوهات وتجاوزت كل الخطوط الحمراء ، وإذا كان البعض يظن أني إنما أفعل ذلك فقط رغبة في الشهرة والظهور ليس إلا .. فما الذي يمنعهم من الاقتداء بي ؟!
يا سيدي ، دوافعي ليست على هذا القدر من التفاهة والبساطة ، وهدفي يتعالى عن أن يكون مجرد نزوع مريض إلى شهرة سريعا ما تخبو أضواؤها الباهتة لأقف بعدها أمام أنظار التاريخ عارية من كل معنى وقيمة ومجد !
ـ س : لماذا لست في حاجة لأمير المؤمنين ؟
ـ ج : لأن الدين والإيمان ليسا من شروط المواطنة ولا يجب أن يكونا من شروطها ، ولا هما من الأسس الضامنة لاستمرار أي نظام للحكم ولا لعدل أي حاكم ، وهي نصيحة لشعب كما هي نصيحة لملك من المفروض أن يكون ذكيا لأن اليوم الذي سيفقد فيه المغاربة الإيمان أو يصير بالنسبة لهم شأنا شخصيا لا يقبلون أن يكون أي مسؤول وصيا عليه ، ذاك اليوم سيفقد الملك فيه صلاحيته وعرشه ، كما سيفقدهما كل ملك مغربي علوي يأتي بعده ويحتاج مثله إلى إيمان المواطنين كي يحكم أو يسود ويكون !
على الملك أن يسهر على الاستجابة لحاجيات المواطنين المادية الملحة والتي لا يمكن تصور أي كرامة لهم من دون إشباعها ، أما حاجياتهم الروحية فهي مجال أكبر من أي سلطة له عليهم . ثم أين يضع الملك المواطنين المغاربة الذين يعتنقون الآن ديانات أخرى وكذا الملحدين منهم على طول وعرض الخريطة الروحية الموهومة التي يحلو له التشبث بها وفرضها على المملكة لأسباب محض سياسية ؟!
بل إني لأرى أمارة المؤمنين لا تفعل شيئا سوى تحريض فئات من الشعب المغربي على فئات أخرى، إنها من أسباب زرع الكراهية بين العقائد الدينية المختلفة التي شرعت تتشكل منها الحياة الروحية للمغاربة وذلك بالنظر إلى أن الإيمان في المغرب يشترط فيه أن يكون إيمانا في إطار من الإسلام لا خارجه أو لن يكون !
ـ س : هل يحدث أن يثور عليك جسدك ؟
ـ ج : كل نضالاتي هي استجابة للثورة التي أعلنها ضدي جسدي سواء في بعده الخاص أو بعده الوطني والقومي ، هو جسد متمرد على الجراح ، وهو ما يملي علي كفري وجنوني وصرخاتي ، وقد أمضيت سنوات وأنا أنصت لأناته ، وأخدمه بكامل إخلاص .
ـ س : ألم تشعري يوما ما أنك تمارسين الشوفينية ذاتها والاستبداد ذاته اللذين تنتقدينهما عند غيرك ؟
ـ ج : إذا كنت ترى في استنكاري للظلم الذي طال أرضي وشعبي وثقافتي أي نوع من أنواع الشوفينية وكراهية الآخر فتبا لكل منطق كهذا ، وليس لي بعدها إلا أن أقول : لك الله يا كل مظلوم !
ـ س : ملاعين مليكة مزان .. هل هم عفاريت وتماسيح عبد الإله بن كيران ؟
ـ ج : لعبد الإله بن كيران عفاريته وتماسيحه التي يبرر بها فشله في الوفاء لأصوات الناخبين وتدبير الشأن العام ، ولمليكة مزان أيضا عفاريتها وتماسيحها لكنها لا تتخذهم مبررا كي تتخلى عن الشعب أو تخون قضاياه ، ولعل من أخبث العفاريت والتماسيح التي انضافت أخيرا إلى قائمة ملاعين مليكة مزان هو عبد الإله بن كيران نفسه !
مفاهيم للتعريف حسب مليكة مزان:
ـ س : الإلحاد ؟
ـ ج : استراحة قد تكون مؤقتة أو دائمة لمن أتعبه البحث عن الله !
ـ س : الإسلام ؟
ـ ج : كان بالإمكان أن يكون الدين الأرقى الذي يوحد البشر في رحلتهم نحو الله على أساس أن الله حب وخير ، لكنه لم يزد البشر إلا شتاتا وتيها …
ـ س : العلمانية:
ـ ج : حل عقلاني حضاري لا بد منه لمشاكل أي مجتمع ذي نوايا صادقة قوية في إنصاف جميع أفراده وفئاته وإمتاعها جميعا بما لها من حقوق وحريات مستحقة .
حوار كريم اسكلا