تبني هذا الحلم في اتجاه إرساء اقتصاد عالمي أكثر توازنا وعدلا وإنسانية .
كما ساهم في إغناء الندوة ممثلون عن أمريكا اللاتينية ،إفريقيا وعن بعض هيئات المجتمع المدني بالرباط وعدد من المهتمين , ولقد أجمع كل المتدخلين على "خطورة الاعتماد على المديونية " لأنها تخدم الاقتصاد النيوليبرالي المتوحش الذي يلتهم جزءا ضخما من الناتج الداخلي للاقتصادات المحلية على حساب تنمية حقيقية تخدم الإنسان "العالمثالثي أولا وأخيرا , بل تلتهم أيضا حقوق فئات واسعة داخل البلدان المسماة بالكبرى والمتقدمة وهاهي الأزمة الاقتصادية العالمية تقدم أكبر دليل حجم ىالاختلالات وما يصاحبها من غضب شعبي تم التعبير عنه في اكثر من بلد .
ذلك ان الاقتصاد العالمي كما هو اليوم يتسم بهيمنة الشركات العابرة للقارات التي تلتهم الأرباح و معها السيولة المنتجة وذلك بتواطؤ من النخب الحاكمة التي تأخذ نصيبها من الكعكة مقابل تزكية هذه الخيارات مخلفة بذلك اختلالات هيكلية في اقتصادات البلدان النامية تنعكس بشكل صارخ على أوسع الفئات الاجتماعية التي تعيش حالة مزرية من الفقر والتهميش والإقصاء , وبهذا يكون القطاع الاجتماعي هو الأكثر تضررا لأنه يعتبر من وجهة نظر المانحين غير منتج فتتفاقم البطالة و تتقلص الحقوق الشغلية مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتتأثر مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية بشكل خاص .
وانطلاقا من الواقع المغربي فإن المديونية الخارجية بالمغرب تلتهم حوالي 53,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام أي حوالي 331,3 مليار درهم حسب معطيات سنة 2011 كما جاء في مداخلة الباحث "نجيب أقصبي" , وتصل المديونية العمومية العامة[2] في حدود شتنبر 2012 إلى 583 مليار درهم أي 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام ,فالمديونية تضاعف محصول الجبايات لسنة 2013 بنسبة 3,25 مرة حيث من المتوقع أن تصل ل179 مليار درهم , وبهذا تكون المالية المغربية تعتمد في تمويلها العمومي على الضرائب المباشرة وغير المباشرة وعلى الدين الخارجي بحيث تتضاعف الأزمة سنة عن أخرى ومعها التبعية لصناديق التمويل ولشروطهم وتوجيهاتهم التي تهتم أولا و أخيرا بالكيفية التي ستضمن لهم استعادة سيولتهم ومعها الفائض في الأرباح لا بحاجيات سكان مطالبون بتأدية الفاتورة من جيوبهم الشحيحة أصلا على حساب حاجياتهم اليومية الأكثر إلحاحا.
وبهذا تستمر الأزمة في دائرتها المغلقة ،علما أن جذور الأزمة المالية لها امتدادات تاريخية اعتبارا "للحركات المخزنية ،مرورا بمرحلة الاستعمار ثم بسياسات التقويم الهيكلي في الثمانينات وبندوة الجزيرة الخضراء إلى ما نعيشه اليوم من هيمنة للشركات العابرة للقارات وإملاءات االصناديق المانحة ’
ولقد خدم الباحثون توصيات للخروج من هذا المأزق بضرورة إرساء قواعد لتنمية بديلة تعتمد على المقومات الذاتية وضرورة ترشيد النفقات من خلال إلغاء استيراد المواد التكميلية وغير الضرورية والنهوض بالقطاع الفلاحي اعتمادا على حاجياتنا الخاصة
كما أكد العديد من المتدخلين على ضرورة احترام حقوق الإنسان إذ لا تنمية بدون تنمية الإنسان والحرص على حقوقه الشغلية بشكل خاص والإنسانية بشكل عام , فالإنسان هو هدف التنمية وغايتها , وبالتأكيد لن يتحقق ذلك إلا عبر تعبئة جماهيرية واسعة حول مكمن الداء الرئيسي وضرورة معالجته من الأصل وتحسيس المؤسسات (البرلمان مثلا" و الهيئات السياسية والمدنية بأهمية الموضوع وخطورته على مستقبلنا , فالأزمة تحاصر مستقبلنا أكثر من أي وقت مضى , و "ليس على الشعوب أداء تكاليف الأزمات " كما جاء في أحد الشعارات البليغة إبان مظاهرات احتجاجية ,
عائشة التاج .الرباط ,المغرب
[1] Eric Toussain
[2] dette publique totale