هيأت وسياسات وقرارات وخيارات يجب ان تنحى جانبا، بعد نهاية المعركة الديبلوماسية في مجلس الأمن، أيا كانت النتيجة. لابد من وقفة صارمة مع الذات، ولابد من محاسبة ومراجعة الكثير من الأشياء التي قادتنا الى الوضع الذي نوجد فيه الان. فحتى لو أقنعنا امريكا بسحب مسودة قرارها، وحتى لو نجحنا في إقناع فرنسا باستعمال الفيتو الموجود في يدها ضد التوصية الامريكية في مجلس الأمن ، وحتى لو وصلنا مع القوى الكبرى لحل وسط يقضي أما بتأجيل النظر في التوصية المعروضة على مجلس الأمن الان ، او البحث ان الية اخرى لمراقبة حقوق الانسان في الصحراء غير بعثة المينورسو ، أيا كانت نتيجة المعركة ، فإن آثارها ستظل محفورة في الذاكرة .وسابقة الاصطدام مع القوة الكبرى في العالم حول ملف الوحدة الترابية للمملكة حدث كبير ومنعطف جطيرفي مسار النزاع حول الصحراء ، لهذا لابد من الاعتراف بحقائق كثيرة منها:
1. ليس لدينا لوبي ضاغط في امريكا وكل (التجار ) الذين يحيطون بالسفارة المغربية في واشنطن ووزارة الخارجية بالرباط، كلهم يبيعوننا الوهم ولا يجدون في الديبلوماسية المغربية من يحاسبهم على نتائج ما يتقاضونه من مال لخدمة المصالح العليا في مبراطورية كبيرة مثل الولايات المتحدة الامريكية، تعترف بحق الدول والشركات والمنظمات والحركات باستعمال لوبيات لإسماع صوتها في بيئة شديدة التعقيد. وهذا العجز عن تشكيل لوبي قوي لبلاد لها موقع استراتيجي وتعتبر نفسها حليفا لواشنطن ماهو الا جزء من إعطاب الآلة الديبلوماسية المغربية .لهذا يجب ان تشكل الوزارة لجنة من الخبراء المغاربة والأجانب لإعادة بناء لوبي ضغط قوي وجدي ومحترف في امريكا وتخصيص ما يلزمه من مال وإمكانات ودراسات وخطط وحجج للدفاع عن قضية عادلة في امريكا.
2. يجب انهاء حكاية( الكور كاس) التي ظهر منذ اليوم الاول انه محارة فارغة (.....) وانه اصبح جزء من المشكل وليس جزء من الحل. لم يقم هذا المجلس الذي أسس قبل سبع سنوات سوى بإغلاق فم خليهن ولد الرشيد الذي كان قد شرع في انتقاد السلطة الجديدة و اسلوب إدارة الملف الصحراوي. غير هذا لاشيء صور وبهرجة وميزانيات لا تنتج شيء اليوم يجب الانتقال الى هيأت ديمقراطية وذات مصداقية وتمثيلية لتوسيع التشاور مع الصحراويين حول افضل الطرق لإنزال مشروع الحكم الذاتي على الارض وتأسيس جسور للتواصل معهم.
3. يجب أبعاد وزارة الداخلية عن تدبير ملف الصحراء. الداخلية بطبيعتها وتكوين كادرها وأسلوب تفكيرها هي مؤسسة أمنية، والمقاربة الأمنية لا تشكل الا نسبة قليلة من إدارة الملف الذي يعتبر ملفا سياسيا، والمدخل الى حله اقتصادي واجتماعي بالأساس. في المرات القليلة التي التقى فيها الملك الراحل الحسن الثاني مع ممثلي جبهة البوليساريو قال لهم والرواية على لسان البشير مصطفى السيد احد أعقل قادة البوليساريو قال الحسن الثاني لإعدائه ( اعرف انني كسبت الارض لكنني لم اكسب قلوب كل الصحراويين بعد )هذا بالضبط هو المطلوب، كسب قلوب الصحراويين في العيون والسمارة والداخلة وفي المخيمات على الاراضي الجزائرية وإعطائهم الثقة في المستقبل، والدليل على ان الوحدة مربحة أكثر من الانفصال. هذا عمل سياسي يجب ان تقوم به الحكومة ورئاستها، وان يقوم بها ممثلوا السكان في المدن والجهات. الجمعيات والأحزاب وليس العمال والولاة والقياد والدرك والجيش.
ادريس البصري وزير الداخلية السابق خطف هذا الملف من يد الحكومات التي كان يشارك فيها من اجل ان يقوي مركزه في جهاز الدولة، وقد نجح بفضل تهريب هذا الملف الى الداخلية في ان يتحول الى جزء من مقدسات البلاد، كما وصفه بيان القصر سنة 1994 عندما اشترط القائد الاستقلالي استبعاد البصري من حكومة التناوب الاولى.
للأسف لم نسمع صوتا لبنكيران رئيس الحكومة المنتخب، وقائد الأغلبية التي جاءت الى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع في انتخابات هي الاكثر شفافية في تاريخ المغرب ،كان اولى لرئيس الحكومة عبد الاله بنكيرا عوض ان يذهب الى اجتماع المستشارين الثلاثة مع الاحزاب السياسية، ان يستدعي صامويل كابلان السفير الامريكي في الرباط وممثلي الدول الاعضاء في مجلس الامن الى مكتبه ويتحدث معه بلغة واضحة وصارمة ويقول لهم : الصحراء خط احمر وهي قضية شعب وليست قضية نظام . بنكيران صوته اليوم مسموع في الخارج لانه يمثل اغلبية الشعب اتفقنا معه ام اختلفنا، هذه أوراق وغيرها نضيعها في معركة حاسمة ومصرية لماذا ؟
أنا عاجز عن الفهم