القائمة

أخبار

نقل مهاجرة إيفوارية عبر طائرة طبية... عندما تصبح الرعاية الإنسانية موضع جدل في المغرب

في زمن أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للحكم السريع والتعميم المضلل، أثارت حادثة نقل مهاجرة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، تقيم بالمغرب في وضعية غير نظامية، من مدينة الداخلة إلى المستشفى الجامعي بمراكش عبر طائرة طبية مجهزة، موجة من السخط والتعليقات التي تخلط بين الرعاية الصحية والهوية الوطنية. لم يتردد البعض في وصف المشهد بـ "المستفز"، متسائلين: كيف تمنح مهاجرة ما لا يمكن أن تحلم به امرأة مغربية؟

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

خلال الساعات الأخيرة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من المنشورات والتعليقات الغاضبة، على خلفية حادثة نقل مهاجرة إيفوارية، تقيم بطريقة غير نظامية في مدينة الداخلة، إلى المركز الاستشفائي الجامعي بمراكش عبر طائرة طبية خاصة من نوع "Learjet 45". وصف المشهد بأنه "استفزازي"، بل وذهب البعض إلى اعتباره مثالا على "تمييز الدولة لصالح الأجانب ضد مواطنيها".

وأشارت المنشورات إلى أن "مغربية في وضع مماثل كانت لتنقل على ظهر نعش"، في إحالة على حالة أشارت ضجة واسعة لامرأة مغربية بمنطقة آيت عباس نقلت فوق نعش للوصول إلى مركز صحي.

لكن هذا التوصيف يتجاهل عن قصد أو جهل، أن المغرب دأب منذ سنوات على استخدام المروحيات والطائرات الطبية لإنقاذ أرواح مواطنيه، لا فرق بين من يملك بطاقة تعريف وطنية ومن لا يملك سوى نبض قلب يكاد يخبو.

ففي سنة 2015، شهدت مدينة العيون تدخلا مستعجلا لنقل سيدة مغربية في حالة حرجة نحو المستشفى الجامعي بمراكش، بعدما تعذر علاجها محليا إثر مضاعفات ولادة. وبعدها بسنة، تم نقل شاب يبلغ من العمر 30 سنة، أصيب بإصابات متعددة بعد سقوطه من علو تسعة أمتار، من العيون إلى المركز الاستشفائي الجامعي بمراكش بواسطة مروحية طبية.

في 2017، اضطرت السلطات إلى إرسال مروحية طبية إلى أعالي جبال بويبلان، حيث كانت امرأة حامل محاصرة وسط الثلوج، تنتظر مصيرها وسط ظروف مناخية قاسية.

وفي العام نفسه، تم إنقاذ ثلاث حالات حرجة عبر طائرات طبية، شملت نقل طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف من دوار تيبوردين إلى المستشفى الإقليمي بأزيلال، ورجل يبلغ من العمر 48 سنة من بوجدور إلى المركز الاستشفائي الجهوي بالعيون، وسيدة من سيدي يحيى أوسعد إلى المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بفاس.

في سنة 2018 وحدها، سجلت المروحية الطبية 8 تدخلات بإقليمي بني ملال وأزيلال، شملت نقل حالات استعجالية نحو مستشفيات بني ملال وأزيلال، إضافة إلى المركز الجامعي بمراكش . وفي سنة 2020، تدخلت مروحية أخرى لنقل سيدة مغربية من بوعرفة إلى وجدة، في حالة استعجالية خطيرة استدعت عناية طبية لا تتوفر إلا في المستشفى الجهوي.

وفي شتنبر 2024، أشرفت طائرة مروحية تابعة لمصالح الدرك الملكي، على نقل مريضتين من جماعة "تكموت" إلى المستشفى الإقليمي بطاطا قصد تلقي العلاجات اللازمة. الأولى حامل والثانية مصابة بالقصور الكلوي.

كل هذه الوقائع تؤكد أن استعمال النقل الطبي الجوي ليس امتيازا يمنح لفئة دون أخرى، بل هو خيار استراتيجي اتخذته الدولة لإنقاذ الأرواح في الحالات التي تستدعي ذلك، بغض النظر عن جنسية المصاب. ما يجب أن يثار، فعلا، ليس كيف نقلت هذه السيدة، بل لماذا لا يتمكن الجميع، دون استثناء، من الاستفادة من نفس الحق في أي منطقة بالمغرب، دون الحاجة إلى طائرة أو مروحية؟ هذا هو النقاش الحقيقي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال