• سبق لك أن أرسلت رسالة إلى الملك محمد السادس تخلع فيها بيعتك له، هلا حدثتنا عن السياق العام الذي أتت فيه هذه الرسالة و عن دوافعها.
o الرسالة هي رسالة احتجاج لأن الملك في هذه الحالة لم يتحمل مسؤوليته، ولحد الآن يرفض أن يتحمل مسؤوليته، هذه الرسالة سبقتها رسائل احتجاجية أخرى، وجهت إلى عدة مؤسسات رسمية لكنها قوبلت باللامبالاة من قبل المسؤولين.ووصل الأمر إلى درجة الاحتجاج على الملك مباشرة نظرا لمسؤوليته المباشرة في عدد من الاختلالات التي كان هو على علم بها، وفضل الصمت.
• هل تعرضتم للمضايقات بعد هذه الرسالة؟
o المضايقات موجودة والصحافة تكلمت عنها، والغريب أن بعض من أصبح اليوم وزيرا سبق له أن احتج على تلك المضايقات، لكن بمجرد استوزارهم فضلوا الصمت.
• هل تقصد مصطفى الخلفي ومحمد نجيب بوليف اللذان وقعا بمعية شخصيات أخرى على بيان تضامني معك و طالبا بإنصافك؟
o نعم، إضافة إليهما أقصد الوزير الحبيب الشوباني، هؤلاء بمجرد أن أصبحوا وزراء تغير موقفهم، وفضلوا الصمت.
• في ماي 2012 تأسست لجنة تضامن من أجل الكشف عن الحقيقة في قضيتكم، أين وصلت؟ و ماذا حققت؟
o ليست قضيتي، هي ليست مسألة شخصية، أو نزاع بين شخص وآخر ، هي قضية فساد وهي مجرد نموذج من نماذج متعددة للفساد، وكانت لي الصدفة أن اكتشفتها، المتضرر منها هو الوطن والمواطنين. هي مسألة دولة تتحدث عن أنها تحارب الفساد بينما هي في حقيقة الأمر تقوم بحماية المفسدين الكبار.
• كيف تحمي الدولة الفساد؟
أضرب لك مثالا بمحاكمة عبد المجيد ألويز الإطار بوزارة المالية المهندس بالخزينة العامة بالمملكة على خلفية تبادل العلاوات بين الوزير السابق مزوار و الخازن العام للمملكة بنسودة، التي أعتبرها فضيحة، فبذل أن يتم التنويه بمن يحارب الفساد، تلجأ الدولة إلى محاكمتهم، في حين أن المفسدين الكبار لا تطالهم يد القانون.
• تناقلت بعض وسائل الإعلام في السابق خبر دعوة وجهت إليكم للانضمام إلى حزب العدالة و التنمية، هل هذا صحيح؟
o الرسالة التي وجهتها إلى الملك، كانت في 26 يوليوز 2011 و كان آنذاك حزب العدالة و التنمية في المعارضة، وتمت دعوتي فعلا إلى الاتضمام إلى الحزب بطريقة غريبة.
• من وجه إليكم الدعوة؟
o من طرف الحبيب الشوباني، يوم 6 مارس 2012 وهو وزير، وكان ذلك في اجتماع بيني و بينه في مكتبه، حيث تأسف على ما وقع لي واعتبره منكرا، وعرض علي اقتراحا قائلا : عليك أن تتراجع عما ورد في رسالتك، وأعدك أنه في ظرف 24 ساعة سيعلن بنكيران أنك أصبحت عضوا في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية.
• و بما أجبتم؟
o طبعا كان جوابي الرفض، هذه المقايضة لا جدوى منها، أنا لم أطالب سوى بالإنصاف و محاسبة من يجب محاسبته، والكل يستحق الإنصاف سواء كان متفقا أو مختلفا مع من يحكم.
وخاطبته قائلا: إذا كان أمر خلع البيعة أمر يعاقب عليه القانون يجب أن تتم محاكمتي، أما إذا كان رأيا يدخل في نطاق حرية التعبير ف "ذلك شأني".
ثم قلت له أنتم تتحدثون عن محاربة الفساد فحاربوه، و رأيي من شأني ورأيك كذلك، إذا كنتم فعلا تؤمنون بحرية التعبير. كل ما لا يعاقب عليه القانون هو مباح لدى أطالب برد الاعتبار المادي والمعنوي لشخصي، ومحاسبة المتورطين في الفساد.
• مرت أكثر من سنة على حكومة بنكيران التي أتت نتيجة انتخابات جديدة و في ظل دستور جديد، ما تقييمكم لها؟
o هذه حكومة لا تحكم
• كيف؟
o صحيح أن الدستور الجديد الذي لا أتفق مع مضامينه، منح صلاحيات جديدة للحكومة، لكن السيد بنكيران و وزراءه لا يستغلون حتى هذه الصلاحيات. في المغرب عندنا حكومة الهمة برئاسة بنكيران. وبصفة عامة بنكيران مجرد ظاهرة صوتية، و حكومته تملصت من التزاماتها التي وعدت بها.
• ولكن الانتخابات الجزئية التي جرت مؤخرا أبانت عن سند و دعم شعبي للحكومة؟
o كل له رأيه، و كل يتحمل مسؤوليته، لو كانت الحكومة فعلا تخدم الشعب، لاستعملوا الوسائل العمومية المتاحة لهم مثل التلفزيون في محاربة الفساد والمفسدين، ولشرحوا للناس ميزانية القصر مثلا، و كانوا قد فسحوا الفرصة أمام الذين كانوا ضحية الفساد وحاربوا الفساد والمفسدين يدلون بدلوهم أمام الشعب على شاشة التلفزيون... لماذا لا يعطون الفرصة لخديجة الرياضي، ومحمد طارق السباعي، وترانسبرانسي المغرب، لإيصال رأيهم عبر الإعلام العمومي؟
و سأضرب لك مثالا بقناص تارجيست الذي طالب بحمايته، بعدما كشف عن نفسه، ألم يكن جديرا بابن كيران أن يكرمه، و يقول له أنت نموذج للمواطن الصالح، ويرفع من معنوياته؟
لماذا لا ينصف بنكيران مصطفى أديب الذي حارب الفساد في المؤسسة العسكرية؟ كل من حارب الفساد تحاربه الدولة، بالموازاة مع صمت رهيب لبنكيران.
• هل شكل المغرب فعلا استثناءا، و استطاع أن يجتاز الربيع العربي بسلام؟
o و كأنك تتحدث عن مصيبة نجا منها المغرب !!!
• لا، هذا ليس رأيي، هذا الخطاب تتداوله وسائل الإعلام العمومي، و أنا طلبت رأيك فيه؟
o ما أسميته ربيعا عربيا، أنا أفضل أن أسميه الربيع الديمقراطي، أما الاستثناء فهو مجرد وهم. على العموم التاريخ لم يعد يقبل الاستبداد و يتوجه نحو ترسيخ اتجاه الشفافية والمحاسبة وهذا الربيع سيصل للمغرب عاجلا أم آجلا.
إن مسار التاريخ يتجه نحو نهاية الأنظمة الاستبدادية. المستقبل لم يعد يقبل أنظمة الحكم الفردي...، والمغرب ليس في مأمن من التحولات التي تشهدها بعض البلدان، فعندما ستتغير موازين القوى، ستتغير الأمور، ما حدث في المغرب هو أن السلطة نجحت في استيعاب الموجة الأولى من الاحتجاجات، و نجحت في ربح للوقت فقط، لكن يبقى السؤال هل ستنجح السلطة على المدى البعيد؟ لا أعتقد أنها سوف تنجح دائما في الالتفاف على المطالب الحقيقية للمواطنين...
• فاز مؤخرا كل من حميد شباط بالأمانة العامة لحزب الاستقلال، و ادريس لشكر بالكتابة الأولى لحزب الاتحاد الاشتراكي، ما تعليقك؟
o هذا يدخل في إطار تكريس الشعبوية، وتكريس السخافة في الحقل السياسي. على هذه البلاد أن تحزن على نفسها لأنها نزلت إلى هذا المستوى.
• هل لك أن توضح أكثر؟
o ما وقع كارثة لأن المسؤول السياسي يجب أن يكون نموذجا في الأخلاق و الالتزام، و كذا الثقافة و الفكر، و لشكر وشباط نموذجين لغياب الفكر وللشعبوية.
• تحدث يوم الثلاثاء الماضي 12 مارس محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن المغرب طوى بصفة نهائية صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، ألا ترى أن المغرب يسير في خطى و لو بطيئة نحو تكريس الديمقراطية و حقوق الانسان؟
o حسنا. لماذا لم يتحدث عن الشباب الخمسة الذين احترقوا أو تم إحراقهم بالحسيمة يوم 20 فبراير 2011؟ أين التحقيق وما هي نتائجه ؟
• في كلمة أخيرة كيف تنظر إلى المستقبل؟
o أنا متفائل بطبعي، وعندما سنستحق الديمقراطية سنحصل عليها، ولن يتأتى ذلك إلا بتأذيه ثمن باهظ . والتاريخ كله صراع بين الحق والباطل وسيبقى هكذا إلى يوم يبعثون...