مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد عادة ارتفاعا في الاستهلاك، فاجأ بائع السمك، المعروف بلقب "مول الحوت"، الجميع بعرضه السردين، الذي يُعتبر أحد أبرز الأطعمة في مائدة الإفطار المغربية، بسعر يقل بشكل كبير عن الأسعار المعتادة في الأسواق.
ففي الوقت الذي يتراوح فيه سعر الكيلوغرام الواحد من السردين عادة بين 15 و25 درهما، قرر هذا البائع عرضه مقابل 5 دراهم فقط، ما أثار دهشة كبيرة بين المتابعين، لاسيما بعد انتشار مقاطع الفيديو التي توثق هذه المبادرة.
ورغم هذا النجاح الظاهري، لا يبدو أن الجميع يشاركون "مول الحوت" رأيه. فقد تبنى هذا البائع موقفا ضد الوسطاء الذين يتهمهم بتضخيم الأسعار، وأشار إلى أنهم يساهمون في رفع أسعار السردين بشكل غير مبرر. ولكن هل يمكن بيع السردين بـ 5 دراهم للكيلوغرام في ظل تعقيدات سلسلة التوريد، التي تشمل الصيادين وتجار الجملة والوسطاء؟
في الجنوب، حيث تتوافر كميات كبيرة من السردين، يحدد سعر بيع السردين للصيادين في موانئ مثل أكادير والداخلة بـ3.20 دراهم للكيلوغرام، بينما يختلف هذا السعر في الشمال وفقا للعرض والطلب.
محمد، أحد تجار الجملة في ميناء آسفي، الذي يشتهر بجودة السردين المحلي، أوضح أن عملية بيع السردين معقدة. ففي البداية، تعرض الأسماك للبيع في مزادات، ثم يتم بيعها بأسعار تتراوح بين 13 و15 درهمًا للكيلوغرام في السوق، ما يرفع من سعرها النهائي.
وأشار محمد إلى أن النظام الداخلي الذي يُعتمد عليه في موانئ الصيد يساهم في رفع الأسعار، فالمزادات التي تُجرى على الرصيف تشهد بيع السردين بأسعار مرتفعة جدا، مما يزيد الأعباء على تجار الجملة.
حتى السردين المخصص للصناعات يتحمل تكلفة أعلى من ذلك الذي يقدمه "مول الحوت". إذ أكد مسؤول من مصنع لتحويل السردين أن المصانع تشترى السردين بسعر 7 دراهم للكيلوغرام، ويظل هذا السعر ثابتا على مدار العام.
وفي هذا السياق، تساءل ممثل المصنع: "إذا كان بإمكان هذا الرجل بيع السردين بسعر 5 دراهم للكيلوغرام وبجودة عالية، فنحن على استعداد لشراء كميات ضخمة منه يوميا."
من جانب آخر، يعتبر السردين المخصص للمصانع، الذي يُستخدم في صناعة دقيق السمك، أرخص بكثير، حيث يباع بأسعار تتراوح بين 2 و3 دراهم للكيلوغرام.
ورغم محاولاتنا للتواصل مع "مول الحوت" للحصول على إجابة حول كيفية تحقيق ربح من بيع السردين بهذا السعر المنخفض، لم نتمكن من الوصول إليه، ففي كل محاولة اتصال، كان يبلغنا أحد عماله بأنه مشغول للغاية.
تبقى التساؤلات حول هذا العرض مفتوحة، وتستمر النقاشات حول دور الوسطاء وأسعار السردين، خاصة في ضوء ما يراه البعض مجرد حملة تسويقية لزيادة الوعي، بينما يعتقد آخرون أنه محاولة حقيقية لتحدي الوضع القائم في السوق.