متابعة عبد المجيد ألويز ومحمد رضا جاءت بناء على شكاية وضعها وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة لدى الوكيل العام للملك بالرباط، على ضوء ما نشرته جريدة "أخبار اليوم" من وثائق تثبت تبادل علاوات بين وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار والخازن العام للملكة نور الدين بنسودة.
وأنا أستمع إلى مرافعة محامي الدولة المطالب بالحق المدني أحسست بأن الحكومة تسيء إلى مصداقيتها حينما ورطت نفسها في هذا الموضوع.. وتسيء إلى نفسها أكثر حينما تسند مهمة الدفاع عنها إلى أشخاص بعيدون جدا عن منطق الحق والقانون..
ففي سابقة خطيرة أقدم محامي الدولة على الإدلاء ببعض الوثائق، معلناً للمحكمة بأنها نسخ من رسائل مرسلة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد، متبادلة بين السادة عبد المجيد ألويز و محمد رضى ، وقام بتلاوة محتوى كل واحدة منها أمام المحكمة وسلم نسخا منها إلى كل من رئيس الجلسة والسيد ممثل النيابة العامة وقد تم تضمين هذه الواقعة بمحضر الجلسة من طرف السيد كاتب الضبط.
وهكذا عاين الجميع كيف أن الدولة عبر محاميها الذي يزعم تمثيليتها قامت بالدوس على الفقرة 2 من الفصل 24 من الدستور التي تنص على أنه: " لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالإطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون".
كما أن مقتضيات القانون الجنائي تمنع التقاط المكالمات الهاتفية او الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخد نسخ منها أو حجزها".
ونظراً لخطورة المساس بالحق الدستوري المتمثل في ضمان سرية المراسلات، فقد اعتبر القانون التدابير الرامية إلى الحد من هذا الحق، إجراء اسثتنائيا ووضعه أساسا بيد قاضي التحقيق متى كانت القضية معروضة عليه واستثناءا للوكيل العام للملك..
وبناء عليه، فإن هذه الواقعة الخطيرة تستدعي فتح تحقيق مستعجل في هذه الجريمة التي تمس بحق من حقوق الإنسان الأساسية المكرسة بمقتضى الدستور وجل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي صادق عليها المغرب، والكشف عن مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم ومتابعتهم وإحالتهم على المحكمة.
بدون ذلك لا يمكن أن نطمئن على بريدنا الإليكتروني وعلى مراسلاتنا الخاصة، وعلى مكالماتنا وكأننا نعيش في ظل دولة بوليسية تحصي على المواطنين أنفاسهم...
الغريب، وفي علاقة بهذا الملف، فقد سبق لوزارة العدل والحريات أن طالبت النيابة العامة بفتح بحث في الموضوع..وإلى حدود الساعة لم يتم استدعاء المتهمين الحقيقيين بينما محاكمة العار لازالت مستمرة، وهو ما يطرح عدة تساؤلات على مستقبل العدالة في بلادنا..وعلى مصداقية المؤسسات ومدى توفر الإرادة السياسية الحقيقية لدعم التحول الديموقراطي في البلاد..
الحقيقة أن هذه المحاكمة كلها قرار خاطئ منذ البداية، وتحريف للنقاش الحقيقي المتمثل في طريقة تدبير الأموال العمومية ومدى شرعية القرارات المتخذة من طرف السيد وزير المالية السابق ومدير الخزينة العامة للمملكة..
فاللهم إن هذا لمنكر عظيم..وظلم كبير..
القرارات المعلومة أظهرت تبادل المكافآت بين رئيس ومرؤوسه، وهي علاوات لا تدخل ضمن السر المهني، لأنها مشمولة بالمعلومات الموجودة داخل الإدارة والتي يحق لجميع المواطنات والمواطنين الاطلاع عليها، إذا كنا بالفعل في ظل دولة قانون..على الجميع أن يتحمل مسؤوليته في هذا الملف.. والحكومة عليها أن تتخذ قرارا سريعا بسحب شكايتها ضد الموظفين المذكورين..
ومحاكمة العار عليها أن تتوقف..