القائمة

أخبار  

"تاڭولا" أو "العصيدة".. طبق تقليدي للاحتفال برأس السنة الأمازيغية

منذ العام الماضي، اعتمد المغرب يوم 14 يناير كعطلة رسمية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية، وهو قرار يعكس فخر البلاد بجذورها الثقافية والتاريخية، ويعزز التنوع الثقافي فيها. ويتميز هذا الاحتفال العريق بجو خاص يرافقه تحضير أطباق تقليدية مميزة. من أبرز الأطباق الاحتفالية التي يتم تحضيرها في هذا اليوم، يظل "تاڭولا" الطبق الأكثر شهرة، الذي حافظ على مكانته عبر الأجيال.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

يُعرف هذا اليوم بأسماء متعددة مثل "إيض يناير" أو "يناير" أو "رأس السنة الأمازيغية"، ويُسمى أيضًا بـ"رأس السنة الفلاحية". يعد هذا الاحتفال العريق، الذي يمتد لآلاف السنين، فرصة للاحتفاء بقيم المشاركة والكرم. وخلال هذه الاحتفالات، يتم تحضير العديد من الأطباق والمأكولات في جو عائلي، ما يعزز قيم التعاون والمشاركة. وتعتبر فكرة الاحتفال بـ "يناير" تجسيدًا لروح الحياة الجماعية، حيث يُثمر العمل الجماعي في الأرض عن خيرات تعكس جهود الجميع، من رجال ونساء وأطفال، لتحقيق المنفعة العامة.

تعود أصول هذا الاحتفال إلى تنصيب الفرعون الأمازيغي شيشنق الأول. ومن الجدير بالذكر أن مصر الفرعونية كانت أول حضارة تطور مهارات الطبخ التي تعتمد على الحبوب المعجونة، بدءًا من صناعة الخبز وعمليات التخمير، رغم أن الناس في تلك الحقبة كانوا يعتمدون أكثر على العصائد والفطائر غير المخمرة.

تتجلى القيم المرتبطة بـ "يناير" في الأطباق التقليدية التي تعتمد مكوناتها على ما تقدمه الأرض وتعكس الخصوصيات المحلية القديمة. تشمل هذه المكونات زيت الزيتون، وزيت الأركان، والعسل، والسمن، والفاصوليا البيضاء، والعدس، والحمص، والشعير، والذرة، والبقوليات المجففة، والفواكه المجففة، والخضروات المجففة، والأعشاب المحلية، واللحوم المجففة، بما في ذلك أقدام الماعز ("إكيكر") حسب المناطق.

بعد الاحتفال برأس السنة الميلادية، يأتي موعد رأس السنة الأمازيغية، التي تُعد أقدم وأكثر تجذرًا في تقاليد شمال إفريقيا، بما في ذلك المغرب. وفي العديد من المناطق، يُحتفل بهذه المناسبة بعشاء جماعي، خاصة في منطقة سوس، حيث يركّز الاحتفال حول طبق رئيسي يُعرف باسم "تاڭولا "، وهي عصيدة تقليدية.

تعتبر مدينة تزنيت واحدة من المراكز الرئيسية التي يُقدَّم فيها هذا الطبق، حسب المكتب الوطني المغربي للسياحة. يتم تقديم "تاڭولا " ساخنة خلال فصل الشتاء، وعادة ما تُحضَّر من سميد الذرة أو الشعير. وفي الصيف، تتحول إلى وجبة باردة أو فاترة مع اللبن، مما يضفي عليها قيمة غذائية وانتعاشًا.

يكمن سر نجاح تحضير "تاڭولا " في الطبخ المتأني على نار هادئة لعدة ساعات حتى تنضج الحبوب تمامًا وتصبح طرية. ولإضفاء لمسة احتفالية، يمكن تزيينها بمكونات إضافية مثل التمر واللوز إلى جانب الزيتون أو زيت الأركان. تمامًا كما في "فطيرة الملوك" التي تحتفل بعيد الظهور في يناير، تحتوي "تاڭولا " على حبة حلوة، حيث يستمتع الجميع بالبحث عنها لمعرفة من سيحظى بالبركة طوال العام. وهي عبارة عن تمرة "أمناز" مخبأة وسط الطبق وتُعتبر فألًا حسنًا طوال العام.

إلى جانب "تاڭولا "، تشمل مائدة رأس السنة الأمازيغية مجموعة من الأطباق الأخرى التي تطبخ على مهل، مثل الكسكس الذي يُحضَّر في بعض المناطق الأمازيغية باستخدام الشعير أو الذرة مع أوراق خضراء وخضروات موسمية مثل اللفت والجزر. ويُعد طبق الكسكس الأمازيغي في رأس السنة غالبًا بدون لحم، على عكس النسخة الحديثة الأكثر شهرة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال