القائمة

أخبار

تقرير: تدخل دول كبرى يحول دون نشوب حرب بين المغرب والجزائر

سلط تقرير جديد لمجموعة الأزمات الدولية الضوء على التوازن الهش بين المغرب والجزائر، محذرًا من وجود عوامل قد تؤدي إلى نشوب حرب، مثل سباق التسلح، والمعلومات المضللة عبر الإنترنت، وتصاعد النشاط العسكري بين شباب البوليساريو.

 
 
نشر
DR
مدة القراءة: 5'

يعيش المغرب والجزائر منذ عام 2021 أزمة دبلوماسية حادة، إذ تُعتبر الجزائر في هذه الأزمة "قنبلة موقوتة" قد تنفجر في حال غياب التدخل الخارجي، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب عبر الحدود.

في تقرير صدر في 29 نونبر بعنوان "إدارة التوترات بين الجزائر والمغرب"، تناولت مجموعة الأزمات الدولية – وهي منظمة مستقلة معنية بمنع النزاعات القاتلة وحلها – الوضع الراهن بين الرباط والجزائر، وسلطت الضوء على المخاطر والجهود المبذولة لمنع التصعيد.

قبل ثلاث سنوات، قررت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب. ويوضح التقرير أن "الجزائر اعتبرت العلاقات المتنامية بين المغرب وإسرائيل تهديدًا لأمنها القومي"، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتها لقطع العلاقات مع المملكة.

الضغوط الأمريكية

يشير التقرير إلى أن استئناف العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى نقاط التوتر الأخرى بين الجارتين مثل قضية الصحراء الغربية، كان من الممكن أن تؤدي إلى تصعيد عسكري. إلا أن "ضبط النفس المتبادل والدبلوماسية الأمريكية" حالا دون حدوث ذلك حتى الآن.

وتيظهر التقرير أن الجهات الخارجية، مثل إدارة الرئيس جو بايدن، لعبت دورًا رئيسيًا في تخفيف حدة التوتر بين الجزائر والمغرب. وجاء فيه "حاولت إدارة بايدن من واشنطن منع اندلاع نزاع مباشر من خلال تعزيز تواصلها مع الأطراف الثلاثة الرئيسية في الأزمة – الجزائر، المغرب، والبوليساريو".

أما الحكومات الأوروبية، فقد "كافحت في جهودها الدبلوماسية، ووجدت نفسها عالقة في لعبة صفرية بين الجزائر والرباط". وسعت إسبانيا وفرنسا إلى الحفاظ على توازن علاقاتهما مع الطرفين، إلا أنهما انحازتا بشكل أكبر إلى المغرب، حيث دعمتا سيادته على الصحراء وأكدتا أن حل النزاع المستمر منذ عقود يكمن في خطة الحكم الذاتي المغربية.

وفي الوقت نفسه، حاول الاتحاد الأوروبي "حماية علاقته مع المغرب من تداعيات المعركة القانونية المستمرة بشأن الصحراء الغربية في محكمة العدل الأوروبية"، لكنه واجه نجاحًا متباينًا في تحقيق هذا التوازن مع الجزائر.

عوامل الخطر التي تهدد الوضع الراهن

مع ذلك، يمكن أن يؤدي التصعيد من الجانبين إلى تقويض هذا الوضع الراهن الهش. يحدد معدّو التقرير سلسلة من عوامل الخطر التي قد تؤدي، دون تدخل من الجهات الخارجية، إلى مواجهة عسكرية في المنطقة.

أحد أبرز عوامل الخطر هو تصاعد النشاط المسلح بين شباب البوليساريو. ويحذر التقرير من أن "الشباب الصحراويين الناشطين، الذين يزداد استياؤهم من استراتيجية حرب الاستنزاف التي تتبعها البوليساريو، يطالبون بتصعيد حادي. ومن المتوقع أن يستمر هذا الضغط مع صعود مسؤولين شبان إلى مناصب أكثر تأثيرًا في صنع القرار.

عامل خطر آخر يتمثل في سباق التسلح بين الجزائر والمغرب، والذي يولد "إحساسًا متزايدًا بالتهديد". وبينما يبقى الجيش الجزائري "متفوقًا» على نظيره المغربي، فإن الأخير يعمل على اقتناء معدات متطورة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ما قد يُرجّح كفته في حالة نشوب حرب، وفقًا للتقرير.

العامل الثالث يشمل الولايات المتحدة التي لعبت دورًا رئيسيًا في الحفاظ على السلام في المنطقة. ويشير التقرير إلى أن تغيير الإدارة الأمريكية قد يزعزع هذا التوازن. ويُحذر من أن إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا قد تزيد من خطر الحرب، حيث إن إدارته السابقة "أجّجت التوترات الإقليمية – وزادت بشكل ملموس إحساس الجزائر بالتهديد – من خلال الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ودعم تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل".

رغم نجاح إدارة بايدن في تهدئة الأوضاع عبر إعادة التواصل مع جميع الأطراف، قد يكون لولاية ثانية لترامب "دور مزعزع للاستقرار"، على الرغم من أن التقرير يعترف بأن خطط الإدارة المحتملة لشمال إفريقيا لا تزال غير واضحة.

وتشكل المعلومات المضللة وخطاب الكراهية عبر الإنترنت في الجزائر والمغرب عوامل خطر مهمة أخرى. ويؤكد التقرير أن "نشر الروايات الخطيرة بين السكان يمكن أن يتسرب إلى الحكومات على مستويات مختلفة".

ما الذي يجب القيام به لتجنب حرب عبر الحدود؟

بينما يُبرز التقرير عوامل الخطر، فإنه يقدم أيضًا حلولًا للحفاظ على الوضع الراهن، وربما استعادة العلاقات بين البلدين. ويؤكد على أهمية الدعم الخارجي لتحقيق هذا الهدف. وجاء في التقرير: "يجب أن يكون تحقيق التوازن في شمال إفريقيا أولوية لشركاء البلدين الخارجيين، على الرغم من أن الشركاء الغربيين التقليديين قد يكونون الأكثر انفتاحًا لدفع الأمور في هذا الاتجاه".

ينبغي على الولايات المتحدة والدول الأوروبية التدخل لتقليل خطر المواجهة العسكرية المباشرة عبر التأكيد، سواء في الرسائل الخاصة أو العامة، على "الحاجة الملحّة لحماية المدنيين في الصحراء الغربية وضمان عمليات بعثة مينورسو".

لمواجهة سباق التسلح، يُوصي التقرير بأن يضمن الفاعلون الخارجيون أن مبيعاتهم من المعدات العسكرية "لا تُخلّ بشكل كبير بتوازن القوى". يشمل ذلك ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل وتركيا لخفض وتيرة مبيعاتهما العسكرية إلى الرباط والجزائر، بينما يتعين على دول الخليج، مثل السعودية، حث موسكو على تعديل مبيعاتها من الأسلحة للجزائر لتجنب التصعيد.

ويجب على الدول الأوروبية أن تتبنى دورًا أكثر "توازنًا" من خلال إيصال رسائل تهدئة للطرفين والتدخل عند حدوث حوادث تهدد بالتصعيد.

ويدعو التقرير عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام ومنصة X إلى "تعزيز مراقبة المنشورات المشبوهة المتعلقة بالبلدين والاستعداد للتدخل في حال تصاعد المضايقات والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية".

ويُشدد التقرير على ضرورة مساعدة الولايات المتحدة والدول الأوروبية في إعادة إطلاق المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية. كما ينبغي على الحكومات الأوروبية "الضغط على المغرب والجبهة للقبول باستئناف المحادثات وتمهيد الطريق أمام دي ميستورا (المبعوث الشخصي للأمم المتحدة للصحراء) لعرض خطة عملية للحوار".

إذا تم تنفيذ هذه التوصيات، فقد يُمهّد ذلك الطريق لاستئناف العلاقات بين الجزائر والمغرب. ويؤكد التقرير أن المستقبل قد تعود فيه العلاقات إلى طبيعتها، تويعاد فتح الحدود، وتُستأنف مبادرات التعاون.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال