القائمة

أخبار

حلمٌ بدأ بخطوات بسيطة..الحسين العزاوي من تمكروت إلى قمة الماراثون الذهبي

من زوايا بلدة تمكورت الصغيرة، نشأ الحسين العزاوي، الذي اعتاد على المشي لمسافات طويلة في صغره ليصل إلى مدرسته. تلك الرحلات اليومية، التي كانت تعكس عزيمته، تحولت إلى خطوات على مضامير سباقات الـtrail العالمية.

 
نشر
الحسين العزاوي
مدة القراءة: 4'

ذلك الطفل الذي اعتاد السير لمسافات طويلة إلى المدرسة لم يكن يدرك أن كل خطوة يخطوها كانت بمثابة حجر الأساس لشغفه. واليوم، يتألق أمام العالم على منصات السباقات العالمية في مجال الـtrail، حيث أحرز مؤخرًا المركز الأول في الماراثون الذهبي 2024 الذي أقيم في مدينة لوكارنو السويسرية، ليصبح أول عربي وإفريقي، يحقق هذا الإنجاز.

كان الحسين ابن تَمكروت، البلدة الواقعة على بُعد 18 كم جنوب زَاكورة، يعيش بعيدًا عن مدرسته، مما كان يجبره على السير لمسافات طويلة للوصول إليها. ويتذكر الحسين، الذي يبلغ الآن 32 عامًا، تلك اللحظات من طفولته، خلال حديثه مع موقع يابلادي قائلا "بسبب وضعي المادي كوني من عائلة فقيرة، لم أستطع شراء دراجة هوائية مثل زملائي. لذلك، كنت أعطي حقيبتي لمن يمتلك دراجة وأتابع طريقي سيرًا على الأقدام." وعندما انتقل إلى المدرسة الإعدادية، بدأ الحسين في المشاركة في المسابقات المدرسية وحقق فيها عدة انتصارات، مما مكنه من الفوز بجائزة استخدمها لشراء دراجة هوائية.

ولم يتخل الحسين عن شغفه بمسابقات الجري، حتى بعد التحاقه بجامعة القاضي عياض لدراسة اللغة الإنجليزية. بل ودعه حبّه للرياضة إلى ترك مقاعد الدراسة عام 2018 للعمل كمرشد سياحي، بهدف تمويل مشاركاته في المسابقات، وشراء الملابس الرياضية، وأيضًا لتأمين تكاليف السفر للمشاركة في الفعاليات الرياضية.

وطوّر الحسين عمله في مجال الإرشاد السياحي، حيث بدأ بجذب هواة رياضة Trail وهو نوع من السباقات التي تُجرى على الطرق الوعرة والممرات الطبيعية، مثل الجبال والغابات والتلال، للتدرب معه، إلى جانب زيارة مجموعة من المواقع السياحية.

وبعداعتياد الحسين على المشاركة في عدة سباقات وطنية، كان يطمح إلى خوض منافسات دولية، قائلاً "شاركت في العديد من المسابقات على المستوى المحلي، لكنها لم تضف لي الكثير." لذلك قرر في عام 2018 المشاركة في سباق "Trail des Dolomites"، حيث تمكن من الحصول على المركز الثالث، لتبدأ من هنا الانطلاقة الحقيقية للبطل المغربي في هذا العالم الرياضي.

بعد ذلك، بدأ الشاب المغربي يتلقى العديد من العروض للمشاركة في منافسات مختلفة، وفي عام 2019 قدّم طلبًا للمشاركة في إحدى البطولات العالمية Trail runing thailande بصفة لاجئ، مما أثار استغراب المنظمين.

"تواصلوا معي وأكدوا على ضرورة مشاركتي باسم الجامعة المغربية، باعتبار أن المغرب بلد مستقر. غير أنني كنت قد تواصلت معهم مسبقًا ولم أتلقَّ أي رد، وحاولوا بدورهم التواصل مع المسؤولين، لكن دون جدوى. لذا تعذرت مشاركتي في هذه البطولة"

الحسين العزاوي

لكن هذا لم يمنع الحسين من المشاركة في العديد من التظاهرات الرياضية العالمية، مثل Marathon du Mont Blanc في الولايات المتحدة الأمريكية، وSierre-Zinal في سويسرا، وTatra Sky Marathon في سلوفاكيا، والذي يُعد واحدًا من أشهر الماراثونات الجبلية، بالإضافة إلى Headlands في كاليفورنيا، وغيرها من الماراثونات الأخرى.

يظل الماراثون الذي يحتل مكانة خاصة في قلب الحسين هو الماراثون الذهبي 2024، الذي أقيم الأحد الماضي، في مدينة لوكارنو السويسرية. حيث تمكن من تحقيق لقب السلسلة العالمية الذهبية للترايل، بعد تألقه في المرحلة الأخيرة وتصدره الترتيب العام برصيد 1000 نقطة. وتفوق البطل المغربي على العدائين الآخرين، حيث حل السويسري ريمي بونيه في المركز الثاني، بينما جاء الكيني باتريك كيبنجينو في المرتبة الثالثة.

"لقد شاركت في هذا الماراثون لمدة خمس سنوات متتالية، وفي كل مرة كنت أحرز المركز الثاني أو الثالث، لكني كنت عازمًا على الفوز بالمركز الأول. هذا العام، تمكنت أخيرًا من تحقيق الهدف واحتلال المركز الأول. كانت التدريبات شديدة الصعوبة، حيث تمرنت في عدة مناطق مختلفة استعدادًا لهذه المسابقة، بما في ذلك جبال الأطلس، وزاكورة، وتوبقال، وأوكيمدن"

الحسين العزاوي

كان حلم الحسين مصحوبا بضغط كبير نظرًا لأن وسائل الإعلام كانت تروج لهذا السباق. "لذلك، شعرت أن الفوز وتمثيل المغرب كانا على عاتقي. حتى أن بعض العدائين، خاصة الكينيين، كانوا يراقبونني ويخططون لإبعادي، لكنني تمكنت من الاستمرار. وبذلك أصبحت أول عربي وإفريقي يفوز بهذه المسابقة".

"بعد تحقيق هذا النجاح، يحلم البطل المغربي بالمشاركة في الأولمبياد المقررة في عام 2028. يقول: "صحيح أنني لا أمثل الجامعة، لكنني دائمًا أمثل المغرب، وأطمح لأن يتم استدعائي من قبل الجامعة'."

"لا يهم من أين تأتي أو ما هو مستواك الاجتماعي، فكل شيء ممكن. والدليل على ذلك هو أنا، حيث لا أعتبر الفقر عيبًا أو عائقًا أمام تحقيق الأحلام."

الحسين العزاوي

يأسف الحسين لأن هذه الرياضة لا تزال تعاني من التهميش في المغرب، حيث يُنظر إليها من قبل البعض على أنها مجرد رياضة سياحية، دون أن يدركوا ما تحمله من صعوبات والتحديات التي نواجهها في الجبال التي نتدرب فيها. إنها رياضة تتطلب تحديًا كبيرًا وصبرًا."

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال