القائمة

أخبار

هل عرض السلطان مولاي إسماعيل المغربي الزواج من ابنة الملك لويس الرابع عشر؟

في عام 1699، ورد أن السلطان المغربي مولاي إسماعيل عرض الزواج على ابنة الملك لويس الرابع عشر، مما خلق حالة من الغموض الدبلوماسي التي لا تزال تثير فضول المؤرخين وعشاق القصص الرومانسية.

 
نشر
DR
مدة القراءة: 5'

قليلة هي القصص في تاريخ العلاقات الدبلوماسية المغربية-الفرنسية التي أثارت الاهتمام مثل قصة طلب السلطان مولاي إسماعيل الزواج من ابنة الملك لويس الرابع عشر. هذا الحدث المثير للجدل، الذي وقع في إطار السياسة العالمية للقرن السابع عشر، أصبح موضوعًا للبحث التاريخي والتكهنات الرومانسية.

حكم مولاي إسماعيل المغرب من عام 1672 إلى 1727، وكان معاصرًا للملك لويس الرابع عشر، المعروف بملك الشمس في فرنسا. في عام 1698، وبعد 22 عامًا من توليه العرش، أرسل مولاي إسماعيل سفيره عبد الله بن عائشة الذي بدأ حياته كقرصان قبل أن يصبح دبلوماسيًا، إلى قصر فرساي، وذلك من أجل التفاوض على معاهدة بين البلدين.

حفل في قصر سانت كلود

أثناء إقامته في فرنسا، حضر بن عائشة حفلاً في قصر سانت-كلو، الذي نظمه فيليب دورليان، شقيق الملك لويس الرابع عشر. وهناك، وقع نظره لأول مرة على ماري آن دي بوربون، أميرة كونتي، وهي الابنة المعترف بها رسميًا للملك لويس الرابع عشر وعشيقته المفضلة لويز دي لا فاليري.

يصف المؤرخ الفرنسي ميشيل دي ديكر في برنامج "Secrets d'Histoire" ماري آن بأنها شخصية ساحرة: "كانت رقيقة، ورشيقة، ونحيلة، ترقص بشكل رائع، وكان لها نظرة... وكانت تُحدث ضجة في البلاط بمجرد ظهورها". تركت الأرملة البالغة من العمر 32 عامًا، والمعروفة أيضًا باسم "آنسة بلوا"، انطباعًا قويًا لدى السفير المغربي.

الحلم الدبلوماسي

وفقًا للمؤرخة كليمنتين بورتييه-كالتيباخ، كان بن عائشة "يحلم بحماس بأن يرى سلطانه يتزوج ابنة إمبراطور أوروبا، ملك فرنسا لويس الرابع عشر". لكن إعجابه بالأميرة لم يكن شخصيًا بقدر ما كان مدفوعًا بالطموحات الدبلوماسية.

عند عودته إلى المغرب، تحدث بن عائشة مع السلطان مولاي إسماعيل عن جمال ورشاقة الأميرة. وقد لاقت الفكرة استحسان السلطان، الذي اعتبر هذا الزواج فرصة لتعزيز التحالف الاستراتيجي مع فرنسا. على الرغم من أنه كان يمتلك حريمًا واسعًا يتكون من حوالي 500 محظية أنجبن له نحو 1000 طفل، إلا أن المولى إسماعيل رأى في هذا الزواج مزايا سياسية محتملة.

تفاصيل العرض

يقدم المؤرخ المغربي عبد الرحمن بن زيدان في كتابه "المنزع اللطيف في مفاخر المولى إسماعيل بن الشريف" رؤية معمقة حول هذه المبادرة الدبلوماسية. وفقًا لابن زيدان، كلف مولاي إسماعيل بن عائشة بتقديم عرض الزواج للملك لويس الرابع عشر نيابة عنه.

كما أشار ابن زيدان إلى أن العرض تم تقديمه في رسالة كتبها بن عائشة بالإسبانية، ثم تمت ترجمتها إلى الفرنسية. وكانت الرسالة مؤرخة في 14 نونبر 1699، أبرز فيها مولاي إسماعيل رغبته في إقامة تحالف مع ملك فرنسا العظيم "والسماح له بدخول جميع موانئ الإمبراطورية الشريفة (المغرب) وجميع مدنها ومناطقها، فضلاً عن جميع رعاياه".

تفسيرات تاريخية متضاربة

ومع ذلك، فإن صحة هذا الاقتراح واستقباله في المحكمة الفرنسية كانت موضوعات نقاش بين المؤرخين. مثل المؤرخ الفرنسي فيكتور بيكيه في كتابه «المغرب: الجغرافيا، التاريخ، التنمية»، الذي يشير إلى أن العرض قوبل بالسخرية والاستنكار، مما دفع لويس الرابع عشر للرد بدعوة مولاي إسماعيل إلى اعتناق المسيحية.

من جهة أخرى، يقدم عبد الرحمن بن زيدن رؤية أكثر توازنًا. حيث يقتبس من مؤرخين فرنسيين مقربين من لويس الرابع عشر، الذين يزعمون أن الملك الفرنسي اضطر إلى الاعتذار بأدب، مشيرًا إلى الاختلافات الثقافية كسبب رسمي. ولكن بشكل خاص، يُقال إن لويس الرابع عشر عبّر عن مخاوفه بشأن تعدد الزوجات لمولاي إسماعيل والشائعات حول شدته وشخصيته القوية.

اكتسبت القصة شهرة كبيرة في الدوائر الملكية والنخبوية الفرنسية حتى ألهمت الشاعر الفرنسي جان باتيست روسو لكتابة أبيات للأميرة الفرنسية، قائلًا: "جمالك، أيتها الأميرة العظيمة، يحمل آثار حب جرحه يصل إلى أبعد الأماكن. إفريقيا استسلمت لك... وقد تجاوزت انتصارات عينيك ما حققه هيرقل".

على الرغم من جاذبيتها الرومانسية، فقد شكك بعض المؤرخين المغاربة في صحة هذا الاقتراح للزواج. حيث يعتبر عبد الكريم غلاب، في كتابه "قراءة جديدة في تاريخ المغرب العربي: عهد الإمبراطورية"، الحدث أسطورة مُنسوبة إلى التاريخ. بينما لا ينفي عبد الرحمن بن زيدن وقوع الحادث تمامًا.

 ويقدم عبد الهادي التازي، في كتابه "التاريخ الدبلوماسي للمغرب الأقصى: من أقدم العصور إلى اليوم"، تفسيرًا بديلًا. حيث يرى أن الاقتراح للزواج قد يكون مناورات دبلوماسية تهدف إلى تحسين العلاقات مع فرنسا، التي كانت على وشك الانقطاع في ذلك الوقت.

الدبلوماسية المغربية في القرنين السابع عشر والثامن عشر

تتحدث القصة أيضًا عن السياق الأوسع للدبلوماسية المغربية الأوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. يقدم المؤرخ المغربي عبد الله فريد الوجدي، في عمله الموسوعي، رؤى قيمة حول قدرات المغرب الدبلوماسية خلال هذه الفترة. ويصف العديد من الحالات التي أثبت فيها المبعوثون المغاربة مهارتهم في اللغات الأجنبية وبروتوكولات الدبلوماسية، متحديًا الفكرة القائلة بأن الدبلوماسية المغربية كانت أدنى من نظيراتها الأوروبية.

أحد هذه الأمثلة هو الوفد المغربي الذي زار الملكة فيكتوريا في إنجلترا عام 1860. تسجل الوثائق الاحترام الكبير الذي كانت تحظى به الدبلوماسية المغربية في تلك الفترة. ويُقال إن الملكة وقفت لتحية الوفد المغربي، معبرة عن سعادتها بوصولهم واستفسارها عن صحة سلطانهم.

في ضريح السلطان مولاي إسماعيل في مكناس، توجد أربع ساعات "كومطوي تشهد على هذه الحقبة التاريخية. وتروي الأسطورة أن هذه الساعات كانت هدايا من الملك لويس الرابع عشر، المعروف بـ"الملك الشمس"، كتعويض عن رفضه منح يد الجميلة ماري آن للسلطان المغربي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال