القائمة

أخبار

الفنيدق تستعيد هدوءها وسط مطالب حقوقية لكشف نتائج التحقيق في صور المهاجرين العراة

بعد سلسلة من الأحداث المتوترة في مدينة الفنيدق ومحيطها، نتيجة تجمع المئات من المرشحين للهجرة غير النظامية، والتي بلغت ذروتها في 15 شتنبر 2024، أكد ناشطون حقوقيون من شمال المملكة أن الهدوء قد عاد إلى المنطقة. كما طالبوا بنشر نتائج التحقيق المتعلقة بالصور التي تم تداولها لمهاجرين شبه عراة ويحملون أثار الضرب على أجسادهم، بالإضافة إلى الكشف عن الأرقام المتعلقة بالاعتقالات والإصابات.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

عادت الأوضاع إلى طبيعتها في كل من المضيق والفنيدق بعد أيام من التوتر الذي عاشته المنطقة بسبب محاولات عبور المئات من الشباب والقاصرين، الذين قدموا من مختلف مدن المملكة إضافة إلى بعض الأجانب، إلى سبتة بشكل غير نظامي. هذا ما أكده أشرف ميمون، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تطوان، الذي أوضح أن المعبر الحدودي عاد إلى وضعه الطبيعي، لكنه لا يزال يشهد تواجدًا كبيرًا لعناصر الأمن. وقال "كما نلاحظ وجود بعض الشباب في مناطق معينة، خصوصًا في منطقة بليونيش وسيدي بوغابة." وأضاف أنه رغم الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطات الأمنية في المضيق والفنيدق، بما في ذلك وضع حواجز ونشر عدد كبير من رجال الأمن، لم تتمكن هذه التدابير من منع الشباب من القيام بمحاولاتهم.

وبحسب الناشط الحقوقي فقد قامت الجمعية، بزيارة ميدانية بعد يومين من النزوح الجماعي نحو سبتة، وحسب المعلومات "المتاحة لدينا، والتي لا تزال غير رسمية، فقد شهدت هذه العملية محاولة عبور أكثر من 5000 شخص. من بينهم، كان هناك أكثر من 500 مرشح للهجرة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى أكثر من 130 جزائريًا وسوريين وتونسيين، والباقي مغاربة، بينهم حوالي 200 قاصر".

كما شهدت الأحداث مواجهات بين المهاجرين وعناصر الأمن، مما أسفر بحسبه "عن إصابات من الجانبين، لكننا لا نملك أرقامًا رسمية حول عدد المصابين. غالبًا ما تجلت التدخلات الأمنية في ترحيل هؤلاء الشباب بواسطة حافلات، حيث تم توزيعهم على عدة مدن مثل قلعة السراغنة وبني ملال وغيرها، على الرغم من أنهم ينتمون إلى شمال المملكة" ووصف هذه الترحيلات بـ "العقابية"، ونقلا عن شهادات بعض الشباب الذين شاركوا في هذه العملية، فقد أوضح أنه تمت مصادرة هواتفهم ونقودهم أيضا.

وفي تعليقه على الصور التي تظهر شبابًا شبه عراة ومعنفين، قال ميمون "لم نلاحظ آثار الضرب، على الأقل على الأشخاص الذين تواصلنا معهم." مشيرًا إلى افتراضات بأن الصور تعود لمحاولة عبور تمت في 26 غشت. وأوضح أننا بصدد إعداد تقرير حقوقي حول الأحداث للوقوف عن جميع هاته الحيثيات، "لكننا نواجه صعوبة في التواصل مع هؤلاء الشباب، لأنهم لا يمنحوننا الفرصة للحديث معهم، خوفًا من افتضاح أمرهم وبالتالي الترحيل أو الاعتقال".

نعمل على معرفة نوع الانتهاكات التي تعرض لها أولئك الشباب. أكيد أننا لا نشجع على الهجرة غير النظامية، وأن الفعل بحد ذاته غير سليم، إلا أن ذلك لا يبرر لأي جهة انتهاك حقوقهم، سواء بالتعذيب أو الترحيل. نطالب من جانبنا بالكشف عن أرقام الإصابات والاعتقالات.

أشرف ميمون، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تطوان

بدوره، أكد محمد بنعيسى، رئيس مرصد شمال حقوق الإنسان، أن الأوضاع حاليًا مستقرة في المنطقة، رغم وجود تأهب أمني، وتواجد مجموعة من الشباب "على أهبة الاستعداد لإعادة المحاولة في أي لحظة، خاصة مع ظهور دعوات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للهجرة بشكل جماعي يوم 30 شتنبر".

وتابع الناشط الحقوقي خلال حديثه مع موقع يابلادي "من خلال حضورنا الميداني، لاحظنا تدخلات أمنية تم خلالها استخدام العنف المشروع، لكننا لم نطلع على حالات تعذيب، ولم نتلق أي شكاوى بخصوص ذلك" وأوضح أن عمليات الترحيل إلى مناطق أخرى تمثل" نهجًا تتبعه الدولة عادة، بدلاً من اعتقالهم، لكن المقاربة الأمنية بشكل عام لا تعالج جذور المشكلة".

بالمقابل طالب بسلك مقاربات تنموية واقتصادية واجتماعية، وتقييم السياسات العمومية الموجهة للشباب والقاصرين، و"معاقبة المسؤولين عن هدر الأموال المخصصة للبرامج الاجتماعية". أما فيما يتعلق بالصور، قال "نشك في أنها تعود لأواخر غشت، واعتبر أن تلك المشاهد تمثل انتهاكًا لكرامة هؤلاء الشباب، وتخالف المواثيق الدولية والوطنية لحقوق الإنسان، مع وجود تساؤلات حول تسريب الصورة والدوافع وراء ذلك. نطالب بمعرفة تفاصيل جميع الأحداث".

من جهته، أعرب الفضاء المغربي لحقوق الإنسان في بلاغ له، عن إدانته للأحداث المأساوية والوقائع الأليمة التي تعيشها مدينة الفنيدق، مؤكدًا على مسؤولية الدولة "تجاه محاولات الهروب الجماعي لآلاف الشباب بسبب الفقر والتهميش والبطالة وغيرها من الأزمات الخانقة الناتجة عن فشل السياسات العمومية".

وطالب الفضاء الحقوقي السلطات المغربية بإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية هذه الأحداث مع احترام الحقوق المدنية المكفولة بموجب الدستور والقوانين الوطنية والدولية، بما في ذلك الحق في السفر والتنقل.

كما طالب أيضا "الجهات المسؤولة بالتعجيل بنشر نتائج التحقيق والبحث القضائي  حول الصور الرائجة التي تظهر  شبابا محتجزين شبه عراة وعليهم آثار التنكيل وترتيب الآثار القانونية على ذلك، مع التأكيد على أن جريمة التعذيب لا يطالها التقادم"، علما أنه سبق للنيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بتطوان أن أعلنت أنها أمرت بفتح تحقيق قضائي حول الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي  للتأكد من صحة الوقائع ودوافع نشرها.

وسبق للسلطات الأمنية أن أعلنت عن توقيف 60 شخصًا، من بينهم قاصرون، للاشتباه في تورطهم في فبركة ونشر أخبار زائفة على وسائل التواصل الاجتماعي تحرض على تنظيم عمليات جماعية للهجرة غير النظامية. كما تم توقيف 47 مشتبهًا بهم مباشرة بعد وصولهم إلى المدينة عبر محطة القطار والمحطة الطرقية، في محاولة للاستجابة لمحتويات رقمية تحريضية. 

وبحسب التقديرات، أوقفت السلطات المغربية إجمالًا 4455 شخصًا يشتبه في مشاركتهم في محاولة العبور، بينهم 3795 شخصًا بالغًا من الجنسية المغربية و141 قاصرًا، بالإضافة إلى 519 آخرين من مختلف الجنسيات.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال