القائمة

أخبار

فيضانات المغرب عام 1963: دمار كبير وطوابع بريدية وإلغاء عيد الأضحى

في عام 1963، شهد المغرب فيضانات تسببت في دمار واسع وخسائر بشرية كبيرة، بالإضافة إلى تضرر كبير في البنية التحتية، بما في ذلك سد محمد الخامس. ولتكريم الضحايا، أصدر المغرب طوابع بريدية تخليدًا لذكراهم، كما يشير البعض إلى إنه تم إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى في ذلك العام.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

كان عام 1963 مليئًا بالتحديات للشعب المغربي، حيث ضربت فيضانات كبرى شمال البلاد، مخلفة وراءها خسائر في الأرواح وتدميرًا للمنازل، بالإضافة إلى غمر مئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك سد محمد الخامس الذي يقع على بُعد 35 كيلومترًا جنوب زايو على نهر ملوية.

تعود أحداث هذه الكارثة في بداية عام 1963، بينما كان المغرب بالكاد يتعافى من كارثة أخرى سابقة: زلزال أكادير عام 1960، حيث شهد شمال غرب المغرب في أوائل يناير 1963 أمطارًا غزيرة وعواصف تسببت في فيضانات مدمرة.

في مقال بتاريخ 11 يناير 1963، وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية الأمطار الغزيرة في المغرب بأنها ذات أبعاد كارثية، حيث أشارت إلى وقوع ضحايا وغمر الأراضي الفلاحية وتدمير كبير للطرق والجسور والمباني.

ونقلت الصحيفة ذاتها، استنادًا إلى وكالة الأنباء الفرنسية، والأسوشيتد برس، ورويترز، أن الأمطار الغزيرة تسببت في فيضان نهر سبو، وهو نهر في شمال المغرب ينبع من جبال الأطلس المتوسط.

حوالي خمسين ألف متضرر

وأوضحت الصحيفة أن الأضرار التي تسببت فيها الأمطار الغزيرة التي استمرت لمدة أسبوعين أدت إلى وفاة العشرات وأدت إلى نقص في الغذاء والمياه في المناطق المتضررة. وكتبت وقتها أنه "رغم جهود القوات الجوية، إلا أن إمدادات الغذاء كانت غير كافية في العديد من الأماكن. وتوجد أزمة في مياه الشرب، مما يزيد من خطر تفشي الأوبئة".

وقدّرت التقارير الإخبارية عدد الأشخاص المتأثرين بالفيضانات بحوالي خمسين ألفًا، مشيرة إلى أن منطقة الغرب، التي تقع بين طنجة والرباط، كانت مركز الكارثة.

وغمرت المياه نهر سبو السهول وكانت مغطاة بمياه يزيد عمقها عن متر، وكانت معظم مدن المنطقة معزولة تمامًا، بما في ذلك مدينة القنيطرة، التي وصفتها "لوموند" بأنها "مهددة بشكل خطير"، ليتم بعدها إخلاء العديد من أحياء المدينة، بما في ذلك المنطقة الصناعية. كما تأثرت القاعدة العسكرية الأمريكية في سيدي سليمان، حيث كانت قاعدة القنيطرة تواجه نفس الخطر.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تسببت الفيضانات في نفوق الماشية وتدمير المحاصيل في المناطق المتضررة.

عملية إغاثة أمريكية وتدخل السلطات المغربية

بالتعاون مع السلطات المغربية، قررت القوات الأمريكية إطلاق عملية إغاثة واسعة النطاق بعد فيضانات يناير لمساعدة الفلاحين المعزولين. وتم إسقاط ستة عشر خزانًا من مياه الشرب بالمظلات في منطقة الكارثة، لكن نصفها أخطأ الهدف، وفقًا لما ذكرته الصحيفة الفرنسية.

في ذلك الوقت، صرح أحمد رضا أكديرة، وزير الداخلية المغربي آنذاك، أن الوضع في القنيطرة كان تحت السيطرة، لكنه أكد أن بعض القبائل تعيش أوضاعًا حرجة.

وكانت الفيضانات في يناير 1963 شديدة لدرجة أنها جرفت كميات كبيرة من التربة من الجبال ونشرتها عبر السهول، كما أوضح تقرير تم إعداده من طرف كميل إيك وليون ماثيو بعنوان "بعض الملاحظات حول تأثير الأمطار العنيفة في يناير 1963 في الأطلس المتوسط والريف".

واستنادًا إلى إحصاءات الأمطار التي نشرتها مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية ومصلحة فيزياء الأرض والأرصاد الجوية، أشار التقرير إلى أنه في 5 يناير 1963، سجل جبل أوكتا في الريف 134.5 ملم من الأمطار. وفي اليوم التالي، سجلت إفران في الأطلس المتوسط 117.2 ملم.

وأوضح التقرير أن "الخاصية الرئيسية للمناطق المدروسة هي تركيز كميات كبيرة من الأمطار في فترة زمنية قصيرة. وهذا ما يجعل هذه الأمطار قوية وخطيرة".

سد متضرر وطوابع بريدية

بعد أربعة أشهر، حدثت فيضانات مماثلة في المغرب، مما زاد من تفاقم الوضع. ففي ماي 1963، تسببت مياه وادي ملوية في مقتل 170 شخصًا وإلحاق أضرار بالأراضي والماشية والبنية التحتية.

وتشير التقارير إلى أن فيضانات وادي ملوية أضرت بسد محمد الخامس، الذي تم تعزيزه لاحقًا بعد الكارثة. وكانت الفيضانات شديدة لدرجة أنها جرفت الضفة اليسرى لسد محمد الخامس، الواقع جنوب مدينة وجدة، وفقًا لتقرير "العالم في الطوابع"، الذي استشهد بمديرية المراقبة والوقاية من المخاطر.

وكان للمغرب طريقته الخاصة في تذكر ضحايا هذه الكارثتين، حيث أُصدر في 28 يناير 1963، طوابع بريدية تحمل كلمة "فيضانات" باللغة العربية تضمنت صورة الملك الراحل محمد الخامس، وذلك تخليدا لذكرى الضحايا، وتم فرض ضريبة لدعمهم.

وتذهب بعض المصادر إلى أبعد من ذلك، حيث تشير إلى أن الملك الحسن الثاني قرر إلغاء عيد الأضحى في ذلك العام حدادًا على الضحايا، نظرًا للأضرار التي لحقت بالماشية جراء الفيضانات.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال