والغريب أننا نجد حزبا سياسيا نورده كالمثل اسمه "الاتحاد الدستوري"، يعتمد في تمويله على الدولة بنسبة 98 %، بصيغة أخرى، أي أن مساهمة أعضائه شبه منعدمة، وهكذا فعندما نرى أو نسمع ممثلا لهذا الحزب يتحدث في "المجالس" أو في وسائل الإعلام، فمن حقنا أن نتساءل عن مساهماته لهذا الحزب.. أم أن علاقته به تبقى نفعية فقط، مادام يملأ مقعدا باسم هذه الكيان السياسي إلى أجل قريب..
ومعلوم أن هذا الحزب الذي خلق من رحم "الداخلية" سنة 1983، وجد منذ ولاته ملعقة من الذهب في فمه، وبهذا الفم أكل الثوم مرارا، كما وقع في حملة "التطهير" التي قام بها إدريس البصري ضد رجال الأعمال غير الطيعين لإرادته، وكان هذا الحزب حينها يتولى وزارة "العدل"، كما حصل على الأغلبية في الانتخابات بمجرد خروجه من العدم، وقد أكد شيء من هذا الوزير الأول الأسبق أحمد عصمان (ابن دار المخزن) في استجوابه الذي ورد على حلقات قبل أسابيع في جريدة "المساء"..
نورد هذا القول ونحن نذكر بمعلومة قد لا يعرفها الكثيرون، فهناك أحزاب أخرى لها مقرات ومنخرطين وتساهم في الحياة السياسية دون أن تتلقى درهما من الدولة كحال "الحزب الاشتراكي الموحد" "وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"..
لا أحد ضد دعم الدولة للأحزاب، لكن وفق منطق الحفاظ على الصالح العام أولا، من ذلك توفير التبرير الموضوعي للإنفاق، ودرجة تأطير المواطنين ونوعية الأنشطة والتوفر على مقرات وفروع.. فليس الحزب مجرد محفظة يتأبطها برلماني أو مستشار في مجلس من المجالس
إن الحياة السياسية لا تستقيم في ظل فساد بعض النخب السياسية، وفي ظل استمرار تقديم الدعم لهذه دون أن تبرر النفقات، ودون أن تساهم في التأطير الفعلي للمواطنين ودون أن تبدع الحلول والرؤى للخروج من الأنفاق المظلمة وما أكثرها..