القائمة

أخبار

أشرف مخام.. عندما يصبح الحجم والمظهر عائقًا في عالم الشاحنات

رغم كفاءته وإضافته مهاراة إتقان اللغات إلى سيرته الذاتية، يواجه أشرف مخام صراعًا مع الجيل القديم من السائقين الذين يرون أن البنية الجسدية هي العنصر الأساسي للنجاح في مجال النقل واللوجستيك. يعكس هذا الصراع التباين بين تطلعات الجيل الجديد، الذي يركز على المهارات الحديثة، ومعتقدات الجيل القديم، مما يزيد من تحديات أشرف في إثبات قدراته فقط لأن مظهره وصغر بنيته وسنه لا يتماشى مع المظاهر التقليدية التي تم الاعتياد عليها في عالم سائقي الشاحنات الكبيرة.

 
نشر
أشرف مخام
مدة القراءة: 4'

عند النظرة الأولى، لا يوحي أشرف مخام بأنه سائق شاحنات كبيرة؛ لملامحه الصغيرة وقامته التي لم نعتد عليها في هذا المجال. فرغم مؤهلاته وإدراكه العميق بأن مجال النقل واللوجستيك أصبح يتطلب مهارات إضافية، مثل إتقان اللغات، والتي عمل أشرف مخام على تطويرها وإضافتها إلى سيرته الذاتية، إلا أنه لا يزال يواجه التمييز والرفض من الجيل القديم. يرى هؤلاء أن البنية الجسدية هي العامل الأهم لدخول هذا المجال. هذا التمييز يجعل أشرف البالغ من العمر 22 عاما يصطدم بجدار من الأحكام المسبقة، رغم امتلاكه للمؤهلات التي تؤهله للتميز والابتكار في هذا الميدان.

بدأت تحديات أشرف ابن مدينة الحاجب والإحباطات التي يواجهها ويفرضها عليه الجيل القديم حتى قبل أن يبدأ مسيرته في عالم النقل. فعندما كان يبلغ السابعة عشرة، استفسر من أحد جيرانه الذي يعمل بدوره سائق شاحنات حول إمكانية دخوله هذا المجال، لكنه حصل على رد مثبط: "هذا الطريق لا يتناسب مع جيلكم، ولن تفلح فيه، واصل دراستك" لكن بدلاً من الاستسلام، زادت هذه الكلمات من إصراره على تحقيق هدفه، وكانت لأشرف نظرة أخرى.

"كنت أنتظر بلوغي سن الحادية والعشرين بفارغ الصبر، وهو السن القانوني لاجتاز امتحان السياقة، وبالفعل حصلت على الرخصة. قبل بلوغي السن القانون للحصول عليها كنت أحاول استغلال وقتي من خلال تعلم واكتساب مهارات جديدة، وأيضا مرافقة بعض سائقي الشحنات وهو من معارفي، أثناء رحلاتهم سواء خارج أو داخل المغرب"

أشرف مخام

رغم تفاؤله الكبير وإصراره على النجاح، إلا أن نبرة الحزن والاستياء كانت واضحة خلال حديثه مع يابلادي، وقال هناك تمييز كبير في هذا المجال. يجدونني صغيراً وغير مؤهل لمجرد مظهري الصغير" هذه الأحكام المسبقة جعلت من رحلته المهنية أصعب بكثير، إذ يظل الاعتقاد التقليدي بأن سائق الشاحنات يجب أن يتمتع "بقامة كبيرة وشارب عريض" في أذهان الكثيرين.

إحدى التجارب الأكثر قسوة التي مر بها أشرف كانت عندما كان مقررًا أن يقوم برحلة عمل إلى السنغال. بعد أن قضى أربعة أيام في شحن البضاعة وتجهيز الشاحنة، جاء يوم الرحلة ليواجه خيبة أمل جديدة. فقد نصح بعض الأشخاص رئيسه في العمل بعدم إرساله بسبب صغر سنه وحجمه أيضا، ورغم أن رئيسه كان يثق به تمامًا، إلا أنه استسلم للضغوط وأرسل شخصًا آخر بدلاً منه.

"كانت تلك اللحظة مؤلمة للغاية، خصوصاً بعد أن سمعتهم يقولون لرئيسي: 'أنت تثق في شخص لا يستطيع حتى ركوب دراجة هوائية. انظر إلى قامته، وإذا أرسلت شاحنتك معه، فكن متأكدًا أنك لن تراها مرة أخرى"

أشرف مخام

ورغم أنه يعمل حاليًا مع أحد أفراد العائلة، إلا أن عمله غير مستقر، ففي كل مرة يعمل فيها مع شركة، يتم استخدامه كبديل أو كمرافق فقط للسائق الرئيسي. يشعر أشرف في كثير من الأحيان بأنه يتعرض للـ"الحكرة"، إذ حتى عندما ينجح في كسب ثقة صاحب العمل، هناك دائمًا من يحاول التأثير عليه وإقناعه بأن أشرف غير مؤهل.

لتجاوز هذه العقبات، يبذل أشرف جهوده من خلال العمل الجاد وتطوير مهاراته. يحاول أن يثبت أن الجيل الجديد قادر على النجاح في هذا المجال رغم تردد الجيل القديم في إعطاء الفرصة للشباب. إلى جانب عمله، يعمل أشرف على تطوير مهاراته اللغوية، حيث يتحدث الفرنسية والإنجليزية، وقليلاً من الإسبانية.

كان أشرف يتطلع إلى انطلاقة قوية في مجال النقل واللوجستيك، لذلك اختار تلقي تكوين متقدم في هذا المجال. بعد بحث دقيق، اكتشف أن "التكوين الذي تقدمه تركيا في هذا التخصص عالي جدًا، وهي من بين أفضل الدول في هذا المجال". وأشار إلى أن تلك الفترة تزامنت مع انتشار جائحة كورونا، مما جعل الحصول على تأشيرات للدول الأخرى أمرًا في غاية الصعوبة.

بغض النظر عن المواقف الصعبة، يواصل أشرف السعي لتحقيق حلمه في مجال النقل، الذي بدأ اهتمامه به منذ سن السابعة، عندما كان يرافق خاله في رحلاته على متن شاحنته الكبيرة. تظهر نبرته في الحديث، التي تطغى عليها مشاعر الحزن أحياناً، أنه لا يزال مفعماً بالتفاؤل. فكلما تحدث عن هذا المجال، يعود للضحك ويعبر عن حبه العميق له، مما يعكس إصراره المستمر على تحقيق أهدافه رغم كل العقبات.

ومن باب المزاح، يتذكر السائق الشاب حادثة أثناء رحلته إلى نواكشوط، عندما أوقفه دركي وقال له "كنت أعتقد أن الشاحنة تقود نفسها، لم أتمكن حتى من رؤيتك".

وأنهى حديثه قائلا إن حلمه الأكبر هو تأسيس مشروعه الخاص في مجال النقل الدولي ببلده، لكنه يسعى أولا لاكتساب خبرة واسعة قبل أن يبدأ هذه الرحلة التي يسعى لتحقيقها بدعم من والديه.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال