وصفت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، في تغريدة على حسابها في منصة إكس اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء بأنه "لحظة تاريخية".
وأضافت داتي المتواجدة حاليا بالمغرب من أجل حضور احتفالات عيد العرش أن "موقف رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون تطور كبير وإيجابي يعزز سيادة المملكة المغربية".
وشددت الوزيرة الفرنسية أن بلدها "سيستمر في ترسيخ صداقتها الصادقة مع المغرب وفعالية شراكتها معه في موقف واضح وقوي بشأن القضايا الأكثر أهمية لجلالتكم والمغاربة" مؤكدة على أن "حاضر ومستقبل الصحراء يقعان ضمن إطار السيادة المغربية. كما أؤكد لكم ثبات الموقف الفرنسي حول هذه المسألة المتعلقة بالأمن الوطني لمملكتكم."
وأكدت على أن "السيادة المغربية غير قابلة للنقاش" وأنه بالنسبة لفرنسا "فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب أن تحل في نطاقه هذه المسألة. دعمنا لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007 واضح وثابت. بالنسبة لفرنسا، فإن هذه الخطة تمثل الآن الأساس الوحيد للتوصل إلى حل عادل ودائم يتم التفاوض عليه."
رئيس مجلس الشيوخ يرد على الجزائر
من جانبه، أشاد رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه بقرار الرئيس الفرنسي، مذكراً بأن "موقف فرنسا من هذا الملف الحساس لم يُعاد تقييمه منذ عام 2007"، وهو العام الذي اعترفت فيه باريس بخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب للصحراء كـ "أساس جدي وواقعي وموثوق به لتقديم حلول عملية".
وأشار جيرار لارشيه إلى أن الوقت قد حان "للخروج من غموض عقيم. هذا التطور هو ثمرة نضج طويل الأمد"، كما جاء في بيان مجلس الشيوخ. وفي رسالة إلى إيمانويل ماكرون في مارس الماضي، دعا النائب من صفوف الجمهوريين إلى "مبادرة دبلوماسية في هذا الاتجاه" والتي اعتبرها "ضرورية".
وفي جوابه على رد الفعل المتوقع من الجانب الجزائري وذلك بعد إعلان الجارة الشرقية سحب سفيرها من العاصمة الفرنسية، أكد جيرار لارشيه أن هذا القرار لم يكن "يهدف إلى المساس بالعلاقات بين فرنسا والجزائر، المبنية على مصالح مشتركة قوية"، ولكنه يهدف إلى "فتح آفاق جديدة".
وأشار رئيس مجلس الشيوخ إلى أن المصلحة الأساسية هي "إزالة العراقيل، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي، في وضع ليس في مصلحة أحد، والقيام بدور ميسر بين بلدين صديقين وبناء السلام".
انقسام داخل التيارات اليسارية
وأثارت قرار ماكرون انقسانا، بين التيارات الفرنسية، حيث أشاد النائب عن الدائرة التاسعة للفرنسيين المقيمين في الخارج، كريم بن الشيخ (الجبهة الشعبية الجديدة)، يوم الثلاثاء، بموقف بلاده من سيادة المغرب على الصحراء. وفي بيان توصلنا به، وصف هذا التطور بأنه "توضيح" قدمه الرئيس بشأن الملف.
وقال بن الشيخ "هذا التصريح، الذي كان منتظراً من شركائنا المغاربة، يعيد تأكيد دعمنا للمغرب ولفائدته من خلال خطة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، التي تم الاعتراف بها كقاعدة وحيدة لحل سياسي دائم، تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأشار النائب إلى أن "هذا الموقف يفتح آفاق الأمل لمستقبل العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب ولكل المنطقة". وأضاف "في هذه الأوقات من التحولات العالمية، من الضروري تعزيز شراكاتنا مع دول رئيسية مثل المغرب، وهو لاعب لا غنى عنه في إفريقيا وعلى الساحة العالمية".
وأضاف "إيماني، الذي دافعت عنه منذ فترة طويلة، هو أن اقتراح الحكم الذاتي للصحراء هو الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله معالجة قضايا التنمية والأمن والاستقرار الإقليمي، لصالح السكان المحليين".
أما بالنسبة لحزب فرنسا الأبية، فلا يبدو أنه اتخذ قرارًا بشأن التعبير عن موقفه. ومع ذلك، كان زعيم الحزب، جان لوك ميلنشون، قد عبّر سابقًا عن تأييده لموقف واضح من باريس، نظرًا "للمعطيات الجديدة" التي تستحق "المزيد من الاهتمام". وقال في تصريح العام الماضي "موقف الولايات المتحدة وإسرائيل وإسبانيا قد غيّر النظرة العالمية إلى هذه القضية. آمل أن يفهم بلدي ذلك، وأنه في جميع الأحوال، لا نجعلها موضوع خلاف مع المغاربة".
على الجانب الآخر، التزم زعماء الحزب الاشتراكي (PS) الصمت أيضاً، في حين أبدى قادة الأحزاب الأخرى من الجبهة الشعبية الجديدة (NFP) مواقف أكثر وضوحاً. وأعرب سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي (PCF)، فابيان روسيل، عن قلقه من الغضب الجزائري. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حذر من "أزمة دبلوماسية خطيرة". في هذا السياق، اعتبر أن إيمانويل ماكرون "خان الموقف التاريخي والمتوازن لفرنسا بشأن حقوق الشعب الصحراوي وقرارات الأمم المتحدة".
نفس الموقف عبرت عنه "أوروبا البيئة الخضراء" ووصف السكرتير الوطني للحزب، مارين تونديليه، الموقف الفرنسي بـ"الفشل الدولي لماكرون"، الذي يتعارض مع "احترام القانون الدولي وحقوق الشعوب في تقرير المصير".
اليمين واليمين المتطرف يأيدون موقف ماكرون
ولاقى قرار ماكورن، تأييدا من من جهة اليمين واليمين المتطرف. وأشاد النائب الأوروبي من حزب التجمع الوطني (RN)، الوزير السابق تييري مارياني، بموقف إيمانويل ماكرون بشأن مغربية الصحراء. وأشار إلى أن المغرب يظل "الشريك الأفضل لفرنسا في المغرب العربي، ونموذجًا للتنمية في المنطقة".
من جهتها أشارت رئيسة مجموعة RN في الجمعية الوطنية، مارين لوبان، إلى تردد الحكومة، قبل أن تشيد بتطور موقف فرنسا. وكتبت على "إكس" أن الحكومة الفرنسية "تأخرت كثيراً في الاعتراف بالالتزام المستمر للمغرب منذ عقود في استقرار وأمن الصحراء الغربية، الجزء الذي لا يتجزأ من المملكة الشريفة". وأضافت "يجب علينا دعم جميع المبادرات العملية للسلطات المغربية التي ستعزز تهدئة هذا الإقليم، مما يضمن تطويره".
وفي حزب الجمهوريين، كانت المواقف متوافقة. أعرب إيريك سيوتي على وسائل التواصل الاجتماعي عن "سعادته بتطور موقف الرئيس ماكرون حول هذا الموضوع الأساسي"، واصفاً نفسه بـ "المدافع التاريخي عن السيادة المغربية على الصحراء". وكتب "آمل أن يترجم هذا التصريح إلى تقارب ضروري ومستدام"، مشيراً إلى ضرورة "طي صفحة سبع سنوات من الإهانة غير الضرورية، والاستراتيجية غير الواضحة، والعداء العبثي تجاه حليفنا التاريخي"، في إشارة إلى المغرب.