شهدت مدينة الداخلة يوم أمس الجمعة انعقاد الدورة السابعة لـ "منتدى المغرب اليوم". ويهدف هذا الحدث الدولي، المنظم من طرف مجموعة "لوماتان" بشراكة مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي ومجلس جهة الداخلة - وادي الذهب، إلى مناقشة الإمكانيات والوسائل التي يجب اعتمادها، والتحديات التي يتعين رفعها من أجل تنزيل الرؤية الملكية لتنمية الواجهة الأطلسية لإفريقيا وولوج دول الساحل إليها.
وناقش المشاركون على امتداد يوم كامل موضوع "إفريقيا الأطلسية، من أجل منطقة قارية مندمجة، شاملة ومزدهرة"، عبر ثلاثة ثلاثة محاور رئيسية، وهي "المبادرة الأطلسية كاستجابة لتطلعات شعوب القارة"، و"خارطة الطريق لتنزيل عرض المغرب بالنسبة للقارة"، و"المبادرة الأطلسية كشكل من أشكال التعاون المتجدد جنوب-جنوب".
وشهد المنتدى مشاركة وازنة من قبل مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين من دول الساحل، أجمعوا جميعهم على الإشادة بالمبادرة الملكية الرامية لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
تقارب كبير بين نيامي والرباط
واستهل الكولونيل ساليسو ماهامان ساليسو، وزير النقل والتجهيز بجمهورية النيجر، مداخلته بالتأكيد على التقارب الكبير الحاصل في العلاقات بين بلاده والمغرب وقال إنه في الوقت الذي عملت فيه دول على عزل النيجر وإضعافها "اختارت دول أخرى دعمها على الرغم من العقوبات غير القانونية وغير الإنسانية، ومن بين هذه الدول الداعمة المملكة المغربية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس".
وكانت النيجر قد تعرضت لعقوبات من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، كما دخلت في خلافات عميقة مع الجزائر التي كانت تطالب بعودة الرئيس الذي عزله الجيش للسلطة.
وذكر المسؤول النيجيري باللقاء الوزاري الذي انعقد في مراكش يوم 23 دجنبر 2023، للتنسيق بشأن المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل للأطلسي، وقال إن النيجر "أكدت التزامها بالانضمام إلى هذه المبادرة الملكية".
"النيجر قرر بشكل سيادي مع بوركينافاصو ومالي يوم 16 شتنبر 2003 إنشاء تحالف دول الساحل، الذي لديه أهداف أمنية وأيضا سياسية ونقدية...، الرؤية الملكية للملك محمد السادس تتماشى تماما مع ديناميكية التكامل التي بدأتها دول الساحل، وخصوصا الأمور المتعلقة بالبنية التحتية لبلداننا".
وواصل "نضع الكثير من الأمل على هذه المبادرة الملكية"، كما طالب بدعم دول الساحل من أجل تشييد البنية التحتية التي ستمكن من ربطها بميناء الداخلة الأطلسي الذي شرع المغرب في تشييده.
التشاد وبركينافاسو أيضا
من جانبها قالت حواء عبد الكريم أحمداي كاتبة الدولة للبنية التحتية، المسؤولة عن صيانة الطرق في جمهورية تشاد، إن "رؤية الملك محمد السادس تقدم فرصة عظيمة للدول الإفرقيية من أجل إطلاق ديناميات للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومن أجل بناء المستقبل المشترك".
وأكدت أن الحكومة التشادية تتقاسم نفس الأهداف التي سطرتها المبادرة الملكية "وهو ما يفسر تواجدي إلى جانبكم"، وواصلت "التشاد ستكون جزء لا يتجزأ من أي مبادرة ذات صلة بهذه الرؤية الملكية"، وتابعت هذه المبادرة "من دون شك ضد الفقر، وتعزز التنمية البشرية".
وفي مداخلته، قال سفير التشاد بالرباط حسن أدوم بخيت هكار"لم يسبق لي أن رأيت مبادرة من هذا القبيل تسمح للبلدان غير الساحلية وبلدان إفريقية أخرى بتصدير منتوجاتها للسوق العالمية. مبادرة الملك محمد السادس أتت في الوقت المناسب، لكي تصل منتوجاتنا للأسواق العالمية".
بدوره قال ممادو كوليبالي سفير بوركينا فاسو بالرباط إن "المبادرة الملكية تضع الإنسان في قلب التنمية، المغرب جعل الشراكة جنوب جنوب إحدى المكونات الرئيسية لسياسته الخارجية".
وذهب لينجاني هوجويز كريستيان المستشار التقني لوزير خارجية بوركينا فاسو في نفس الاتجاه وقال، إن المبادرة الملكية من شأنها أن "تفيد دولنا، هذه الرؤية نتشاركها أيضا"، وتابع "في أوائل يونيو اجتمع فريق العمل لمراجعة مشاريع هذه المبادرة التي سنقوم بتنفيذها. المشاريع تهم البنية التحتية والطاقة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يتوافق مع سياستنا الوطنية".
مالي تبتعد عن الجزائر وموريتانيا الغائب الأكبر
وشارك سفير مالي في المنتدى الذي احتضنته الداخلة، وأشاد بالمبادرة الملكية، وقال إنها "تقدم لنا فرصة للولوج إلى المحيط"، وتابع "لمالي دستور جديد يركز على ثلاثة مبادئ أساسية والتي تحكم عملنا أولا احترام السيادة، واحترام خياراتنا الاستراتيجية وخيارات الشراكة الخاصة بنا، والأخذ بالاعتبار المصالح الاستراتيجية للشعب المالي في كل القرارات. وبعد اطلاعنا على هذه المبادرة رأينا أنها تتناسب تماما مع هذه المبادئ الأساسية".
"مالي منذ الاجتماع الوزاري في مراكش فعلت كل ما هو ممكن داخليا لتشكيل فريق عمل يتم التنسيق معه على مستوى وزارات الخارجية. بداية الشهر الماضي تواجد ممثلون عن أكثر من عشرة وزارات بالرباط لمناقشة المبادرة".
وتعترف مالي بـ"جمهورية البوليساريو" غير أنه بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، توترت العلاقات بين باماكو والجزائر، واتهم مسؤولون ماليون نظام عبد المجيد تبون بالتدخل في شؤونهم الداخلية.
من جهة أخرى، وعلى غرار اجتماع مراكش التنسيقي، يواصل المسؤولون الموريتانيون الغياب عن الاجتماعات التي تناقش المبادرة الملكية، ورد السفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي محمد مثقال، عن عدم انضمام نواكشوط للمبادرة قائلا "موريتانيا جزء من المنصة المؤسسية التي تجمع 23 دولة مطلة على المحيط الأطلسي. أعلنت موريتانيا رسميا دعمها لهذه المبادرة من خلال إعلان من وزير الشؤون الخارجية. هناك عمل ثنائي يتم مع موريتانيا، نحن مطمئنون بأن موريتانيا ستساهم" في المبادرة.
وترفض نواكشوط حاليا الانضمام للمبادرة، نظرا للاعتبارات المتعلقة على وجه الخصوص بعلاقاتها الجيدة مع فرنسا والجزائر.
وخلال شهر يناير الماضي، دعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، نظيره الموريتاني إلى الانضمام إلى المبادرة، وقال بالرباط "موريتانيا لها دور ومكانة في إطار مبادرة جلالته المتعلقة بتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي" لكن دون أن يفلح في تغيير موقف نواكشوط.