قامت السلطات المحلية بتدمير موقع متحف كان محمد مهيب، وهو طبيب وكاتب وجامع مقتنيات وناشط جمعوي، يُعِدّه في فيلا مهجورة في القرية المنجمية القديمة مبيلادن، الواقعة على بعد حوالي 18 كيلومترًا شمال شرق ميدلت. وكان يخطط مهيب، الذي يعتبر الذاكرة الحية للمنطقة المحيطة بجبل العياشي، لنقل متحفه الموجود في منزله الخاص بميدلت إلى هذا الموقع الجديد.
وبلغت تكلفة الاستثمار حوالي 300,000 درهم، رغم أن القطع النادرة التي يعرضها محمد مهيب في متحفه لا تُقدَّر بثمن، حيث تشمل المعروضات ستروماتوليث عمره ثلاثة مليارات عام، إلى جانب أحفوريات ما قبل التاريخ ومجموعة من البلورات النادرة مثل الفانادينيت والسيروسيت، التي تم العثور عليها جميعًا في المغرب. هذه المعروضات ليست سوى جزء ضئيل مما يحتويه متحف محمد مهيب، بالإضافة إلى كنز من المعلومات الموثقة حول الاكتشافات المماثلة في المملكة.
في وقت يشهد فيه المغرب موجة من عمليات الهدم لأسباب متنوعة، أحيانًا تشمل قرى كاملة مثل تيفنيت جنوب أكادير، يميل الناس إلى وضع هذا الهدم الأخير في نفس السياق، باعتباره استعادة للمساحة العامة أو تدمير للمباني غير القانونية. لكن محمد مهيب لديه رأي مختلف تمامًا، حيث قال "بعد أن قمت بالإجراءات اللازمة لإنشاء مشروعي وانتظرت ثلاثة أشهر دون أي رد، بدأت التنفيذ. هذا التأخير يعتبر في حد ذاته تصريحًا".
قام محمد مهيب بشراء الفيلا المذكورة في يناير 2024. في نهاية فبراير،قام بمراسلة عامل ميدلت لتقديم مشروعه. "لم أتلقَ أي رد على هذه الرسالة، مثلما حدث مع عدة رسائل سابقة مثل ملف شرح المشروع"، وتابع مهيب حديثه موضحًا أنه أرسل نفس الملف إلى وزارة الثقافة. وكان يخطط للاتصال برئيس المتاحف في المغرب قبل أن تُصدر السلطات أمرًا بالهدم في 3 يونيو الماضي. وتم منحه 24 ساعة فقط، استنادا إلى المادتين 64 و71 من القانون 12-90، المعدل بالقانون 66-12، ومحضر معاينة بتاريخ 18 ماي 2024.
رسالة استنكار
بعد تدمير متحفه، وجه محمد مهيب يوم الخميس 6 يونيو رسالة استنكار إلى العامل، بالإضافة إلى نسخ أخرى موجهة إلى عدة مسؤولين بما في ذلك رئيس حقوق الإنسان ومدير الديوان الملكي. في رسالته، يستبعد مهيب احتمال وجود مشكلة في التواصل مع السلطات المحلية ويأسف للطابع التمييزي لهذا القرار الإداري، إذ أن مشروعًا آخر مجاورًا مخصصًا لتجارة الأحجار والأحفوريات لم يتم المساس به من قبل السلطات. وباستخدام مفردات مثل "التمييز" و"الإجراء المستهدف" و"العمل التمييزي"، عبر مهيب عن استيائه واستنكاره لهذه الخطوة.
استهداف الثقافة
بالنسبة لمحمد مهيب، فإن هذا الهدم يستهدف الثقافة، عكس العديد من الآراء المشجعة التي عبر عنها أنثروبولوجيون مغاربة بارزون ومستعمرون فرنسيون سابقون في ميدلت. وقال حاولنا الاتصال بمدير الثقافة الإقليمي كريم زواك، دون جدوى حتى الآن.
ومبيلادن وأحولي، هما موقعان منجميان مهجوران منذ السبعينيات، وبهذا القرار فقدت المنطقة فرصة كبيرة لتصبح موقعا سياحيا يجذب هواة التاريخ المنجمي الاستعماري.
ومن المعروف أن منطقة درعة تافيلالت يتعرض تراثها الثقافي إلى حد كبير للإهمال بسبب الهجرة القروية وعدم كفاية الموارد للحفاظ على عدد لا يُحصى من المواقع القديمة. لكن عندما يتعلق الأمر بمشاريع جديدة قد تسهم في تعزيز هذه المنطقة، أليس من الحكمة العثور على حل وسط؟