القائمة

أخبار

فرقة The Variations التي أخرجت موسيقى الروك المغربية للعالمية

تعد فرقة The Variations من أوائل فرق الروك المغربية التي ظهرت في أواخر الستينيات. وهي المجموعة التي تأسست في فرنسا على يد ثلاثة يهود مغاربة، وبرزت بأسلوبها في "الرول المغربي" لتحقق بذلك شهرة عالمية، من خلال تقديم عروض على مسارح مرموقة، إلى جانب أسماء كبيرة في موسيقى الروك آند رول في فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

نشر
DR
مدة القراءة: 7'

بين أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ذاع صيت فرقة الروك الفرنسية المغربية " The Variations" لموسيقى الروك، التي استلهمت أسلوبها من أسماء كبيرة مثل رولينج ستونز و MC5 وذا هو و ليد زيبلين، لكن موسيقاهم كانت فريدة من نوعها، لكونهم كان يمثلون أيضا جذورهم المغربية.

كانت الفرقة التي تأسست عام 1963، تتكون من ثلاثة يهود مغاربة، وهم مارك توبالي (عازف جيتار)، وجاكي بيتون (عازف الطبول)، وجو ليب (غناء). فيما كان العضو الرابع، جاك غراندي، الذي كان يعزف على الباص، والمعروف أيضًا باسم P'tit Pois، من أصل إيطالي.

وظهرت فرقة The Variations التي كانت تعيش في فرنسا، لأول مرة من خلال إعادة أداء أغاني الروك آند رول، ليشرعوا فيما بعد في كتابة أغانيهم الخاصة، كما بصموا على مشاركة في مسابقة الروك الفرنسية المرموقة "تريمبلين دو غولف درو"، وهو ما منحهم الفرصة لتوقيع عقد تسجيل مع شركة باثيه ماركوني.

من عشاق الموسيقى إلى نجوم أوروبيين

ولكن قبل أن يجذبوا انتباه موسيقيي الروك الأوروبيين، كان أعضاء فرقة The Variations مجرد شباب من هواة الموسيقى. في مقابلة مع مجلة Jukebox Magazine، تحدث مارك توبالي، عازف الجيتار الذي ولد في المغرب، عن بداياته مع الموسيقى، مشيرا إلى أنه استمد حبه للموسيقى من عائلته، التي كانت تعيش في مدينة فاس، حيث كان هو إخوته محاطين بالموسيقى منذ صغرهم.

كانت جدته زهرة الفاسية وهي مغنية مشهورة في المنطقة الشرقية. قبل فرقة The Variations، أسس توبالي وبعض من أصدقائه فرقة أطلقوا عليها اسم "Les P'tits Loups"، والتي عزفوا من خلالها أغاني فرقة The Shadows وThe Ventures، بالإضافة إلى أغاني البيتلز والرولينج ستونز قبل أن ينفصلوا في عام 1964.

وخلال العام نفسه، زار توبالي أحد أقاربه في الدار البيضاء والتقى جو لوب الذي أصبح فيما بعد المغني الرئيسي لفرقة The Variations. ويتذكر توبالي قائلاً "عرّفنا أحد الأصدقاء المشتركين على جو لب، وهو شخصية مجنونة يحطم كل شيء عندما يكون على المسرح".

"في فترة ما بعد الظهر، نذهب إلى مرآب والده، حيث كنا نضحك معه ونعزف له أغاني فرقة ستونز، التي لم تكن معروفة في المغرب آنذاك. أحضر الغيتار، فيما يقرع جو على الطبول".

مارك توبالي

خلال أحد العروض في الدار البيضاء، اكتشف توبالي جاكي بيتون الذي أصبح فيما بعد عازف الطبول في الفرقة. وقال "في تلك الليلة، عزف عازف الطبل عزفاً منفرداً وحشياً. قلت في نفسي على الفور ما هذا! أحببته على الفور، حتى أنني في نهاية الحفل، طلبت منه توقيعه، ولم أحصل على توقيعه أبدًا لأن هناك الكثير من الناس وكان عليّ أن أغادر. هذا الطبال هو جاكي بيتون".

في عام 1966، اضطر توبالي إلى الهجرة إلى المملكة المتحدة. وقال "لدي ستة أشقاء وشقيقات، ذهبوا جميعًا للعيش في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وما إلى ذلك (...) في بداية شهر يوليوز 1966، بعد أن كسبت القليل من المال من خلال عملي كعازف غيتار في مسبح زلاغ، جئت إلى باريس للالتحاق بأخي آلان، الذي يكبرني بسبع سنوات، لقضاء العطلة".

حفلات في لندن

لدى وصوله إلى باريس، وجد عازف الجيتار نفسه مضطرا للسفر إلى لندن مع شقيقه آلان وشقيقته ماجدة، حيث انتقلوا للعيش معا في شقة صغيرة. وبينما كان آلان، الذي كان هو الآخر من هواة الموسيقى، يعمل في مقهى، بدأ توبالي العزف في سيرك بيكاديللي وفي مطعم إيطالي يدعى باباجايو.

في لندن، شعر الشاب المغربي بغوصه أكثر في عالم الموسيقى النابض بالحياة في مدينة الضباب بما في ذلك شارع كارنابي.

في شتنبر 1966، وبعد صيف مليء بالموسيقى، كان من المفترض أن يعود توبالي إلى المغرب للدراسة، لكن حبه للموسيقى دفعه للبقاء. وأعرب عن أسفه قائلا "كان من المفترض أن أعود إلى المغرب مع بداية العام الدراسي، لكنني قررت البقاء في باريس، رغم الألم الذي سيسببه ذلك لوالديّ".

وبقي مارك وآلان في باريس، فبينما استأنف الأخ الأكبر دراسته في الحقوق، جرب الأصغر حظه في الموسيقى. وقال "عشنا في استوديو صغير في شارع لويست. كانت محاولاتي الأولى مع الفرق الموسيقية المحلية مخيبة للآمال، حيث كنت أنا من يشرح للآخرين ما يجب القيام به، كانت الأمور سيئة في البداية، كنا نأكل بيضتين في اليوم والمعكرونة".

صعود فرقة The Variations

حينها أدرك مارك أن الوقت قد حان لتشكيل فرقة موسيقية، وبدأت الأمور تسير بسلاسة. في عام 1967، شكل توبالي فرقة The Variations مع جاك غراندي وجاكي بيتون وجو ليب.

عثر آلان ومارك على جاكي بيتون من خلال إعلان، وتعرفوا عليه كعازف طبول موهوب من أيامهم في المغرب. وفي وقت لاحق، وبعد العديد من تجارب الأداء غير الناجحة، وقع اختيارهما على جو ليب المفعم بالحيوية ليكون مغني الفرقة. كان آلان قد التقى بجو ليب بشكل غير متوقع في أحد المقاهي وأقنعه بالتجربة بعد أن غادر المغرب إلى نيس للدراسة. أما بالنسبة لجاك غراندي، الإيطالي الأصل، فقد التقيا في حانة في دجنبر 1966 بعد أن حاولا العزف للمرة الأولى.

ثم بدأوا في التدرب على العزف وبدأوا في أداء مزيج من موسيقى الروك آند رول وموسيقى الروك آند بي، وموسيقى السول متأثرين بفنانين مثل أوتيس ريدينج وويلسون بيكيت وذا لوفين سبونفول وكريس مونتيز وذا رولينج ستونز.

وسرعان ما اكتسبت الفرقة جمهورها وأصبحت من أشهر فرق الروك في فرنسا. في دجنبر 1966، شاركت في تريمبلين دو غولف درووت. وقال توبالي "حضرت العديد من الشخصيات البارزة في مشهد الروك في باريس. كان سيرج مورالي (شقيق جاك)، مدير متجر مركز الموسيقى في شارع دو دوي، أحد الحكام، وقال بعد أدائنا "منذ النغمة الأولى، عرفنا من سيفوز. لا يمكنني وصف الفرحة والسعادة التي جلبها لنا هذا الفوز".

إسكندنافيا والجذور المغربية

بعد نجاحها في باريس، شرعت الفرقة في جولة أوروبية مليئة بالمغامرات، بحثاً عن فرص موسيقية، وانطلقت The Variations في جولة إلى الدول الإسكندنافية.

ويحكي مارك أن الفرقة التي كانت على متن حافلة فولكس فاجن توقفت في هانوفر بألمانيا، حيث شاهدوا عرض موسيقي. وبعد أن شاهدوا ملصقًا دعائيًا لفرقة The Smoke في نادي سافوي، اقتربوا بجرأة من المدير وتمكنوا من الحصول بأداء حفلة تجريبية في نفس الليلة.

وبعد ذلك واصلوا مشوارهم الغنائي، وبدأوا في استخدام محطات القطار للاستعداد والتحضير للحفل، مرتدين ملابسهم الأنيقة من كومبتون. وكانت كل محطة تجلب لهم فرصًا جديدة للأداء، مما أظهر موهبتهم وأثار ردود فعل حماسية.

كانت هذه المغامرة الأوروبية نقطة تحول بالنسبة لفرقة The Variations. فقد شكلت رابطة قوية بينهم، ومنحتهم خبرة قيّمة على المسرح، وساعدتهم على تشكيل هويتهم الموسيقية. ورغم أنهم واجهوا بعض المطبات على طول الطريق، لكن التجربة بشكل عام كانت مليئة بالمغامرة والموسيقى الرائعة والنمو الشخصي.

بعد حفلة هانوفر الناجحة، شرعت فرقة The Variations في جولة أوروبية، حيث كانوا ينامون في حافلة فولكس فاجن الخاصة بهم ويقدمون عروضهم في النوادي المحلية. وسجلوا أول أغنية منفردة لهم بعنوان موستانج سالي/ سبيكس آند سبيكس في كوبنهاجن. نمت سمعتهم، وعزفوا في نادي هيت هاوس المرموق في كوبنهاجن.

في ديسمبر 1967، عادوا إلى فرنسا، حيث شاركوا في برنامج Surprise-Partie التلفزيوني، وتم بث البرنامج في ليلة رأس السنة الجديدة 1968، ما ساهم في تعريف فرقة The Variations للجمهور.

وفي اليوم الموالي لبث البرنامج، طرقت شركات التسجيلات باب الفرقة، ووقعوا مع كلود إبرارد، الذي كان يمثل منظمة روبرت ستيجوود في فرنسا.

ثم صدرت أول أغنية منفردة لهم بعنوان Come Along / Promisesفي مارس سنة 1969، وقدموا عرضًا في  جوني هاليداي بقصر الرياضة في أبريل 1969، واكتسبوا شهرة واسعة.

وصدرت أغنيتهم المنفردة الثانية بعنوان What's Happening / Magda في شتنبر 1969. وبحلول نهاية ذلك العام، حظيت الفرقة بشهرة عالمية من خلال أدائها كعرض افتتاحي لفرقة ليد زيبلين في ليلة رأس السنة.

ورغم أنهم كانوا يعيشون في أوروبا، إلا أن الفرقة أصرت على إبراز جذورها المغربية، وكان أول ألبوم لهم بعنوان الناظور صدر في أكتوبر 1970، وتضمن ألحاناً أصلية.

لكن اختيارهم للغناء باللغة الإنجليزية وليس الفرنسية شجعهم على اتخاذ قرار الانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث لم يحققوا نجاحاً كبيراً. وانفصلت فرقة The Variations في عام 1973، تاركةً وراءها إرثاً طبع المشهد الموسيقي المغربي والفرنسي والعالمي في ذلك الوقت، ممهدةً الطريق أمام شباب الروك الآخرين لاحتضان الرول المغربي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال