تعيش عائلة اليعقوبي المغربية في قطاع غزة المحاصر، وقبل أيام ارتقى شهيدين شابين منها لينضافا إلى قائمة شهداء العائلة الطويلة الذين روت دماؤهم أرض فلسطين.
تعود جذور عائلة اليعقوبي إلى قرية "ارشيدة" الواقعة قرب مدينة جرسيف، وفي اتصال مع موقع يابلادي قال ياسر اليعقوبي الذي يقيم بغزة "نحن نحمل الجنسية المغربية، إلى جانب الجنسية الفلسطينية، وعدد أفراد العائلة يصل إلى حوالي 100 شخص"، وأوضح أن تواجد العائلة بأرض فلسطين يعود إلى قرون خلت، وتابع "الهجرة المغربية إلى فلسطين والاستقرار بها يمكن إجمالا تقسيمها إلى ثلاثة أنواع من الهجرة، الأول هم المغاربة الذين أرسلهم السلطان يعقوب المنصور للقتال مع صلاح الدين الأيوبي، وسكنوا في حارة المغاربة، وكانوا أقرب الناس إلى المسجد الأقصى، والثاني هم المغاربة الذين كانوا يأتون في قوافل الحج لزيارة المسجد الأقصى ويستقرون إلى جانب المغاربة الآخرين بحارة المغاربة، أما ثالث الأنواع فهن المغربيات اللواتي تزوجن بفلسطينيين".
تضحيات في سبيل القضية
وواصل في سنة 1967 "تم هدم حارة المغاربة من قبل الاحتلال، وتشتت المغاربة، وبقي جزء منهم في القدس في منطقة الشيخ جراح وبيرزيت، وحي سلوان والعيزرية، والجزء الثاني توجه إلى الأردن وقطاع غزة والضفة الغربية، ونحن من الذين قدموا إلى قطاع غزة، والجزء الثالث وهم قلة توجهوا إلى سوريا".
"ما نعانيه اليوم ليس استثناء، حيث يعيش كل سكان قطاع غزة نفس المعاناة، هذه العائلة رغم أنها صغيرة في فلسطين إلا أنها قدمت العديد من الشهداء، آخرهم اثنين من أبناء عمي. في هذه الحرب تم استهداف منزل عمي بواسطة طائرات "الإف 16" وتم تدميره كاملا في جريمة نازية وحشية"
فيما قالت سحر اليعقوبي، وهي ابنة عم ياسر، لموقع يابلادي "نحن نضحي بالغالي والنفيس فداء للوطن. وسنبذل ما في وسعنا لكي نحرر أرضنا من كيد المحتل. لم ولن نستسلم لهذا المحتل الغادر الذي دمر بلادنا وشرد أهلنا وقتل الشيوخ والنساء والأطفال. ومسح كل معالم بلادنا".
وواصلت "نحن على ثقة تامة كاملة بأن وعد الله سيتحقق. وبأن النصر حليفنا قريبا بإذن الله، وبأنه مهما طال الظلم واستشرس واستبد، فالنصر قادم لا محالة".
"استشهد ابن عمي أحمد اليعقوبي في 2004 بعد اصابته مباشرة في قلبه من أمام منزله، أختي أيضا سمر اليعقوبي استشهدت في حرب 2014 وهي في شهرها التاسع من الحمل، مع طفليها ساجي 6 سنوات وكنان 4 سنوات، بعد قصف المنزل الذي انتقلوا إليه إثر إخلاء منزلهم خوفًا من قصفه، وفي الحرب الحالية استشهد أخي خليل اليعقوبي بعد قصف منزلنا وتدميره بالكامل، كما استشهد ابن عمي يوسف اليعقوبي في أوائل الحرب الحالية".
وواصلت "لقد دمر الاحتلال جميع الممتلكات الخاصة والعامة في غزة. قطعوا الماء والكهرباء، نعاني من حصار متواصل منذ حوالي 20 سنة، شعب غزة محروم من أبسط أمور الحياة وأبسط حقوق الإنسان".
افتخار بالأصول المغربية
وعبر ياسر عن فخره بأصوله المغربية، وقال "نحن نشعر بفخر كوننا مغاربة، لأن المغاربة كانوا من الأوائل الذين هبوا لنجدة القدس، منذ عهد صلاح الدين لما استنجد بالسلطان يعقوب المنصور، فقدم أجدادنا إلى فلسطين وبقوا فيها ونحن أحفادهم. هذا شرف كبير وفخر لنا ووسام نضعه على صدورنا". وتابع "نشعر بالفخر بمغربيتنا وبملكنا وبمقاومتنا للاحتلال".
"ارتباطنا بأصولنا في المغرب كان ولا زال كبيرا جدًا. نحن نحمل الهويتين الفلسطينية والمغربية ويجري في عروقنا الدم الفلسطيني والمغربي ونعتز بكلتا الهويتين والحمد لله".
وواصلت "الحمد لله لقد زرت المغرب مع عائلتي (زوجي وأولادي). كما تمنى أخي الشهيد ومن قبله أختي الشهيدة أن يحصلا على الجنسية المغربية. ولكن أبت الظروف السياسية في غزة إلا أن تمنعهما من إكمال الطريق".
وقال ياسر بدوره "عندنا ارتباط مع المغرب الذي أزوره كل سنة، في مارس الماضي كنت في المغرب، وأنا أتقن الدارجة المغربية كما أتقن الدارجة الفلسطينية. أزور العائلة، نحافظ على العلاقات وصلة الرحم والمودة والرحمة، المغرب في النهاية بلدنا يسري في عروقنا، ولن نتركه".
مغاربة منسيون
وعبر ياسر عن أسفه لعدم وجود اهتمام من قبل السفارة المغربية في رام الله بمغاربة فلسطين وقال "على المستوى الرسمي، السفير المغربي عبد الرحيم مزيان، لم يكلف نفسه عناء رفع السماعة والاتصال بنا، رغم أن بياناتنا كلها موجودة في السفارة. السفير السابق محد الحمزاوي كان يتصل ويطمئن ويبادر عند كل اعتداء".
وتحدث عن غياب أي دعم لمغاربة قطاع غزة، ولو كان معنويا رغم أن "هذه الحرب هي الأشد التي نعاني منها من حيث القصف والتدمير".
وواصل "نحن لا نطالب بإجلائنا من غزة، نحن لن نغادرها...، السفير السابق كان له نوع من التواصل، نحتاج إلى الدعم والمؤازرة".
وانتقد ياسر الأصوات المغربية التي تنادي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتدافع عنه، وأكد أنها تحاول تغليط المجتمع المغربي.
"بعض الأصوات الموجودة في المغرب التي تنادي بالتطبيع، نقول لها شاهد جرائم الاحتلال، من الناحية السياسية والاستخباراتية ليس لدى إسرائيل ما تنفع به المغرب، وأنتم رأيتم ماذا فعل الإخوة قبل أيام، على هذه الأصوات أن تخرص، المغرب لا يمكن أن نبتليه بعلاقات مع الاحتلال، وهذا ما يجب أن ننبه له الشعب المغربي".
ويعيش قطاع غزة منذ أيام على وقع هجوم إسرائيلي غير مسبوق، حيث استشهد المئات وشرد الآلاف من سكان القطاع المحاصر.