توجه وزير الخارجية والتعاون ناصر بوريطة يوم أمس الأربعاء في أول زيارة له إلى إيطاليا، بعد تعيين أنطونيو تاجاني في أكتوبر 2022 نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للشؤون الخارجية.
ووقع المسؤولان يوم أمس الأربعاء في العاصمة روما، خطة العمل لتنفيذ الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد بين البلدين.
ورحبت إيطاليا في الخطة بـ "الجهود الجادة وذات المصداقية" التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء.
وجاء في خطة العمل هذه، أن "إيطاليا ترحب بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب"، كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2654 لـ 27 أكتوبر 2022.
وجددت إيطاليا التأكيد أيضا، على "دعمها لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل مواصلة العملية السياسية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي، عادل، واقعي، براغماتي، مستدام، ومقبول من الأطراف لقضية الصحراء، يقوم على التوافق طبقا للقرارات 2654".
وضمن نفس خطة العمل، تشجع إيطاليا "جميع الأطراف على مواصلة التزامها بروح من الواقعية والتوافق، في سياق تسويات تنسجم مع الأهداف والمبادئ المنصوص عليها ضمن ميثاق الأمم المتحدة".
ثبات على الموقف
ويعد هذا الموقف تأكيد على الموقف الإيطالي التقليدي من النزاع، وهو ما يشكل نكسة للدبلوماسية الجزائرية، التي فشلت في إحداث اختراق داخل القارة الأوروبية.
فبعد تغيير إسبانيا لموقفها من نزاع الصحراء، اتجهت الجزائر نحو إيطاليا، وكثفت من زيارات مسؤوليها إلى روما، وأبرمت عدة اتفاقيات معها، مستغلة حاجتها للغاز الطبيعي، بعد الطلب الكبير عليه، إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي ماي الماضي افتتحت إيطاليا مركزا للخدمات القنصلية بتندوف، وهو الأمر الذي حاولت وسائل إعلام جزائرية تصويره بأنه بداية لتغيير روما لموقفها من النزاع، واقترابها من الطرح الجزائري.
وبعد أيام من حديث الإعلام الجزائري "عن النصر الدبلوماسي" على حساب المغرب، خرجت سفارة إيطاليا بالرباط عن صمتها، وقالت إن هذه المبادرة الإدارية لا علاقة لها، بأي شكل من الأشكال، بالموقف الإيطالي من قضية الصحراء.
وأضاف المصدر ذاته أن إيطاليا "تؤكد موقفها، كما عبرت عنه في إعلان الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد الموقع في 1 نونبر 2019 بالرباط، مجددة التأكيد على دعم إيطاليا التام لجهود الأمين العام للأمم المتحدة لمواصلة العملية السياسية، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وتابع البيان بأن إيطاليا تنوه، في هذا الصدد، بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب في إطار الأمم المتحدة، وتشجع جميع الأطراف على مواصلة التزامها بروح من الواقعية والتوافق.
ميلوني تمسك العصا من الوسط
وكان المغرب ينظر بكثير من الحذر لوصول جورجيا ميلوني، زعيمة حزب فراتيلي دي إيطاليا اليميني المُتطرف، المعروف بمواقفه المؤيدة للبوليساريو، إلى السلطة في أكتوبر 2022. حيث سبق لها أن زارت قبل سنوات من توليها منصبها الحالي، مخيمات تندوف، كما أشادت في كتاب نشر في شهر ماي من سنة 2021، بالانفصاليين، ودعت إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير.
وسبق للحكومة الإيطالية أن طمأنت المغرب بخصوص موقفها من نزاع الصحراء، بعد أيام قليلة من تولي ميلوني السلطة في 22 أكتوبر 2022. حيث أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإيطالي، أنطونيو تاجاني، في مكالمة هاتفية مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بـ "الدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في استقرار المنطقة المتوسطية، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب".
يذكر أنه سبق للرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، أن قال خلال زيارة رسمية إلى الجزائر في نونبر 2021، إن تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء يجب أن تأخذ "في الاعتبار حقوق الشعب الصحراوي"، وأشاد بـ "دور الجزائر وتشبثها بإطار الأمم المتحدة الخاص بالصحراء الغربية".
وأثار هذا التصريح حفيظة المغرب، الذي طالب بتوضيحات من إيطاليا، وبعد يومين جاء في بيان مشترك عقب مباحثات بين ناصر بوريطة ووزير الخارجية الإيطالي السابق لويجي دي مايو، أن إيطاليا تشيد " بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب في إطار الأمم المتحدة وتشجع كافة الأطراف على مواصلة انخراطها بروح الواقعية والتوافق"، من أجل حل ملف الصحراء.