في شهر رمضان من سنة 40 للهجرة الموافق لشهر يناير من سنة 661 للميلاد، اغتيل رابع الخلفاء الراشدين، علي بن أبي طالب في المسجد الكبير بالكوفة في العراق الحالي، متأثر بإصابته بضربة سيف على رأسه من قبل أحد الخوارج يُدعى عبد الرحمن بن ملجم.
إسلام علي
عندما بلغ علي بن أبي طالب سن السادسة، ضرب جفاف قاس قريش، وقرر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يخفف الحمل عن عمه أبي طالب (والد علي)، الذي كان له أولاد كثر، واقترح عليه أن يكفل علي.
وتربى علي في بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد أربع سنوات نزل الوحي وبدأت دعوة الإسلام، وكان أول من أعلن إسلامه من الفتيان.
ويورد كتاب "ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله" لمحمد لطفي جمعة أنه "وبعد إسلام خديجة أسلم علي بن أبي طالب، وكان حدثا، ونشأ في بيت محمد قبل الوحي، يتولى أمره وينفق عليه كولده؛ لأن أبا طالب الذي كفل النبي صغيرا كان كثير الذرية رقيق الحال، فأخذ محمد عليا وضمه إليه".
وتجمع المصادر التاريخية، على شجاعة وإقدام علي بن أبي طالب، فلم يتردد عندما كان في العشرين من عمره، في النوم في فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كان المشركون ينوون قتله في بيته.
وكان علي أيضا آخر من هاجر من المسلمين من مكة إلى المدينة، هروبا من بطش قريش، وذلك بأمر من رسول الله حتى يردّ إلى الناس ودائعهم التي كانوا يستأمنون عليها النبي الكريم.
وبعد معركة بدر، أي في السنة الثانية للهجرة، تقدم علي لخطبة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء، ولم يتزوج عليها، رغم أن التعدد كان منتشرا بين الصحابة آنذاك، وأنجبت له ولدين هما الحسن والحسين، الذين امتد منهما نسل الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيرهما.
رابع الخلفاء الراشدين
في سنة 35 للهجرة، قتل عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين، وتولى علي الحكم في مرحلة كان عنوانها "الفتنة الكبرى" إذ كثرت القلاقل والاضطرابات والنزاعات، واستمرت الحروب طوال فترة حكم علي ابن أبي طالب.
وتسببت "الفتنة الكبرى" لأول مرة في توقف الفتوحات الإسلامية، وانشغال المسلمين بقتال بعضهم البعض، كما تسببت ببداية النزاع المذهبي بين المسلمين.
فقد واجه علي رفضَ بعض المسلمين بيعته، حيث كانوا يطالبونه بأخذ الثأر من قتلة عثمان قبل أخذ البيعة، بينما كان علي يدافع عن تأجيل ذلك حفاظا على وحدة المسلمين.
وبذلك كان علي أول خليفة في تاريخ المسلمين لا يحظى بالإجماع، وجاء في كتاب "منهاج السنة النبوية" لإبن تيمية، "كان الناس على عهد علي ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف لا قاتلوه ولا قاتلوا معه".
بروز الخلافة الوراثية
وبعد توليه الحكم نقل علي العاصمة إلى الكوفة، وبعد مرور أقل من سنة، قررت زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة وعدد من الصحابة على رأسهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام تكوين جيش للانتقام من قتلة عثمان ابن عفان، وتوجهوا بجيشهم إلى البصرة، ولقيهم علي بجيشه، وانتهت المعركة التي أطلق عليها اسم "معركة الجمل" بفوز علي.
وبعد أشهر قاتل علي أيضًا في معركة صفين سنة 657 للميلاد ضد معاوية بن أيي سفيان ، وانتهت المعركة إلى طريق مسدود، وقبل الطرفين الدخول في مفاوضات للصلح، وهو ما جعل قسما من جيش علي يرفض ذلك ويثور عليه، وأطلق عليهم بعد ذلك الخوارج.
ووجد علي نفسه ملزما بمقاتلة الخوارج، وبعد انتصاره عليهم، أرادو الانتقام منه، وفي رمضان من سنة 40 للهجرة، استغل شخص من الخوارج يدعى ابن ملجم خروج علي لصلاة الفجر، فضربه بسيف مسموم على رأسه، وبعد يومين توفي علي متأثرا بجراحه، عن عمر تجاوز 60 سنة.
وشكل مقتل علي ابن أبي طالب نهاية لعصر دولة الخلافة الراشدة والخلافة الشورية، وقامت بعد ذلك الدولة الأموية، وظهر نظام الخلافة الوراثية.