في 6 رمضان 223 للهجرة الموافق 31 يوليوز 838، للميلاد، لبى الخليفة العباسي المعتصم نداء أسيرة مسلمة طلبت منه النجدة في مدينة عمورية التي تقع جنوبي غربي مدينة أنقرة، وتسمى اليوم "سيفلي حصار"، وجهز جيشا ضخما، وقصد المدينة.
من البداية
قبل موقعة عمورية، استغل ملك الروم (البيزنطيين) تيوفيل، انشغال الخليفة العباسي المعتصم، بالتمرد الذي قاده بابك الخرمي في بلاد فارس، واعتدى على حصن "زبطرة"، الذي يقع قرب مدينة مالطية .
وبحسب كتاب "التاريخ الإسلامي" لمحمود شاكر، فد اتجه ملك الروم "إلى حصن "زبطرة" فخرب البلد، وسبى النساء، وقتل الذراري، وأخذ الأسرى ومثل بكل من وقع في يده".
ووصلت أخبار ما وقع للمعتصم، وأخبره أعرابي بأن امرأة مسلمة كانت تنادي عليه بعد وقوعها في الأسر والاعتداء عليها، طالبة منه إغاثتها,
وجاء في كتاب "أزواج الخلفاء" لمحمد راجي كناس "فقد تناهت إلى مسامعه صرخة فتاة عربية مسلمة وقعت في أسر الروم في عهده، فصرخت : وامعتصماه! فهب من مجلسه، وجهز جيشاً عرمرماً، وانطلق بنفسه إلى عمورية".
وجاء في كتاب "الكامل في التاريخ" لابن الأثير، أن المعتصم قال بعد علمه بذلك "وهو جالس على سريره: لبيك لبيك! ونهض من ساعته، وصاح في قصره: النفير النفير، ثم ركب دابته... وجمع العساكر".
دخول عمورية
وحاصر المعتصم مدينة عمورية بجيش قوامه بحسب بعض المصادر 200 ألف مقاتل، فيما أشارت أخرى إلى أن عدده بلغ 500 ألف مقاتل.
وبحسب كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير، فقد علم المعتصم أثناء حصاره للمدينة من عربي كان بداخلها " أن موضعًا من المدينة جاءه سيل شديد، فانهار السور في ذلك الموضع، فأمر المعتصم بتشديد الرمي بالمنجنيق على هذا الموضع، ومحاولة دخول المدينة منه".
ويواصل ذات المصدر "دار قتال شديد انتصر فيه المسلمون بالنهاية، ودخلوا عمورية لست ليال بقين من شهر رمضان، وتم قتل نفر كثير من أهل الروم المحاربين، كان على رأسهم قائدهم ياطس".
وقال ابن كثير إن المعتصم "قتل قرابة 30 ألفًا من الروم، وأسر 30 ألفًا، وسار عائدًا إلى "طرسوس" في غنائم كثيرة".
وبعد ذلك أحضر المعتصم الشخص الذي أبلغه باستغاثة المرأة المسلمة، وطلب منه أن يأخذه إلى مكانها، ولما وصل إليها قال لها "هل لبى المعتصم نداءك، وملكها سيدها، والرجل الذي لطمها، وعادت حرة كما كانت بفضل المعتصم".
وأخذ المسلمون من عمورية أموالا كثيرة، ويحكي كتاب "البداية والنهاية" أنهم "حملوا منها ما أمكن حمله، وأمر المعتصم بإحراق ما بقي من ذلك، وبإحراق ما هنالك من المجانيق والدبابات وآلات الحرب لئلا يتقوى بها الروم على شيء من حرب المسلمين، ثم انصرف المعتصم راجعا إلى ناحية طرسوس في آخر شوال من هذه السنة".