بعدما كانت صفاء تكد وتجتهد من أجل أن تصير لاعبة تنس محترفة، تغير مسارها دون تخطيط مسبق لتصير سيدة أعمال ناجحة تملك سلسلة من المخابز في فرنسا، وتعمل حاليا على خلق فروع جديدة في الولايات المتحدة والمغرب.
وحازت المهاجرة المغربية صفاء المقيمة بمدينة ستراسبورغ بفرنسا على شهادة الباكالوريا سنة 2002، في شعبة العلوم بالرباط، وكانت آنذاك تحترف رياضة التنس التي بدأت ولعها بها منذ سن السادسة، وكان من المخطط أن تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما حصلت على منحة من أجل تطوير قدراتها كلاعبة محترفة.
وقبل ذلك توجهت مباشرة بعد حصولها على شهادة الباكالوريا في العطلة الصيفية إلى مدينة ستراسبورغ، في إطار تبادل الزيارات بين نوادي التنس، حيث تعرفت على لاعبي تنس آخرين، وفي نفس السنة شاركت في عدة مباريات تنس في المدينة الفرنسية وتمكنت من الفوز بها.
أنداك، بدأت تبتعد عن حلمها بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، شيئا فشيئا وغيرت الوجهة في نهاية المطاف نحو فرنسا، ففي شتنبر من سنة 2003، ولجت إلى المدرسة الوطنية للبناء بستراسبورغ، وبعد ثلاث سنوات حصلت على دبلوم في الهندسة المعمارية.
وخلال سنوات دراستها لم تنس ولعها بالتنس، وكانت تدرس في la ligue d’alsace de tennis من أجل أن تصبح أستاذة تنس. وفي سنة 2007 عرضت عليها فرصة عمل من أجل أن تصبح مترجمة للأجانب من مختلف الدول العربية في مكتب الهجرة الدولي بمجلس مدينة ستراسبورغ، وهو ما قبلت به.
ومن أجل أن يكون عملها أكثر مهنية، قررت سنة 2012 الحصول على إجازة في اللغة العربية، وفي نفس السنة طلبت منها إحدى صديقاتها تسيير مخبزتها لبضع ساعات، في انتظار عودتها.
وشكلت هذه التجربة الصغيرة والتي دامت لساعات فقط، نقطة تغير في حياة المهاجرة المغربية، وقالت "قدم أحد مشغلي شركة "بانيت" الذين تتعامل معهم المخبزة، وبدأنا في الحديث وعرض علي أن ألتحق بالميدان من خلال القيام بتكوين في الشركة من أجل الحصول على دبلوم في المجال، وافتتاح مخبزة".
"لم آخذ الفكرة على محمل الجد لكن بعد مرور شهر تقريبا، فتحت الموضوع مع زوجي، بدأنا نمزح في البداية لكن فجأة قررنا تجريب حظنا، وتواصلنا مع "بانيت" في شتنبر 2013، وقدموا لنا توضيحات أكثر، وفي فبراير 2014 بدأ زوجي التكوين في تخصص الخبازة لمدة 6 أشهر، فيما اخترت أنا مجال البيع".
وبما أن التدريب كان يكلف 18 ألف أورو، حاول الزوجان الحصول على تمويل، وقالت صفاء "عادة عندما تكون موظف وترغب في القيام بتدريب، يمكن للشركة التي نعمل معها أن تتكلف بالمصاريف، هذا ما كنا نتوقعه، فبدأ زوجي التكوين في انتظار قبول ملفنا لأننا كنا متيقنين، لكن في نهاية المطاف تم رفضه بحجة أن التكوين بعيد كل البعد عن مجالنا".
وبالموازاة مع التكوين بدأ الزوجان يبحثان على موقع من أجل افتتاح مخبزة، وقالت صفاء "بالصدفة وجدنا مخبزة، كان قد تم إغلاقها لمدة عام بسبب اندلاع حريق بها، وكانت بعض المعدات في حالة جيدة".
وهو المحل الذي كان يطمح العديد من الأشخاص للحصول عليه أيضا، لكن لحسن حظهما وقع الاختيار عليهما، وفي "غشت وقعنا عقد الشراء، وتم التعاقد مع "بانيت" من أجل تزويدنا بالدقيق الذي نعتمده في منتوجاتنا وفي شتنبر كان الافتتاح".
وسارت الأمور بشكل جيد، وساهم تقديم المخبزة لمنتوجات حلال في تزايد أعداد الزبائن، وهو ما جعل الزوجان يدخلان ضمن قائمة ما يعدونه أطباقا مغربية.
"والدي ووالدي زوجي، كان لهما أيضا فضل كبير في نجاحنا، فقد ساعدنا في تربية أبنائنا، عندما كنا نسهر على نجاح مشروعنا. عندما أعود بتفكيري إلى الوراء، أتأكد أن ما وصلنا إليه يستحق ما بدلنا من أجله من جهد، بالنسبة لي لا نجاح من دون تضحيات
نجاح المشروع جعل الزجان، يطوران عملهما ويفتتحان فرعين آخرين، وفي غشت من سنة 2022، افتتحت صفاء وزوجها مخبزتين في نفس المدينة. وقالت صفاء "نحن الآن نعمل على تطوير المشروع وتحويله إلى سلسلة من المخابز تحت اسم maison Tari"
نجاح مشاريعها، لم ينسها حلمها في التوجه إلى الولايات المتحدة وقالت "ذهبت إلى هناك عدة مرات، لكن مؤخرا سافرت إلى لوس أنجلس من أجل التحضير لافتتاح مخبزة، بعدما حصلت على التراخيص اللازمة". كما تخطط صفاء إلى افتتاح فرع لعلامتهما التجارية في مدينة مكناس.
وبالإضافة إلى عملها، تشغل صفاء منصب عضو في جمعية "أديب"، التي قامت مؤخرا بشراكة مع وزارة الصحة بجلب أطباء جراحين متخصصين في القلب إلى وجدة، كما ستعمل الجمعية على جلب ممرضين مغاربة إلى فرنسا من أجل تكوينهم في هذا التخصص. وهي أيضا رئيسة جمعية للتجار في ستراسبورغ، كما تقوم ممن وقت لآخر بتدريب لاعبي التنس.