يعتبر شهر رمضان، شهرا مقدسا لدى المسلمين، وهو الشهر التاسع في التقويم الهجري، أمر المسلمون بصيامه في السنة الثانية للهجرة، حيث يمتنع المسلمون عن الأكل والشرب من الفجر إلى غروب الشمس.
وقبل فرض صيام رمضان، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء الذي كانت تصومه قريش في الجاهلية، كما كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، بحسب ما ذكر ابن كثير في تفسيره.
ولم يفرض الصيام على المسلمين في مرحلة واحدة، بل مر فرض صيام الشهر الفضيل بثلاث مراحل، فقد قال الصحابي معاذ بن جبل رضي الله "أحيل الصيام ثلاثة أحوال".
وفي المرحلة الأولى، تم تخيير المسلمين بين صيام شهر رمضان، أو دفع فدية عن كل يوم يتم الإفطار فيه، وجاء في الآية 184 من سورة البقرة "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، ويقصد بـ "يطيقونه" في هذه المرحلة "يقدر على الصيام ولم يصم".
وفي المرحلة الثانية تم فرض الصيام على المسلم البالغ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس، كان للصائم أن يأكل ويشرب ما لم ينم، فإن نام حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى غروب شمس اليوم التالي.
وجاء في صحيح البخاري عن البراء عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ " كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ".
وفي المرحلة الثالثة، تم فرض الصيام على الحالة التي نحن علينا الآن، وجاء في الآية 187 من سورة البقرة "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ". وبذلك فَرْض الصيام على المستطيع، مقابل التخفيف عن كبار السن والمرضى اللذين لا يستطيعون الصيام.
وعن أسباب فرض الصيام على ثلاثة مراحل جاء في كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن قيم الجوزية "لما كان فطم النفوس عن مألوفاتها، وشهواتها، من أشق الأمور وأصعبها تأخر فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة، لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألفت أوامر القرآن، فنقلت إليه بالتدريج".
فيما قال الشيخ ابن عثيمين في كتابه "الشرح الممتع" إن الله فرض "الصيام في السنة الثانية إجماعا، فصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات إجماعا، وفرض أولا على التخيير بين الصيام والإطعام؛ والحكمة من فرضه على التخيير التدرج في التشريع؛ ليكون أسهل في القبول؛ كما في تحريم الخمر، ثم تعين الصيام وصارت الفدية على من لا يستطيع الصوم إطلاقا".
وصيام شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام".