القائمة

أخبار

الشيباني يدعو بنكيران إلى تقديم استقالته

وجه عبد الله الشيباني عضو الدائرة السياسية ومجلس الإرشاد بجماعة العدل و الإحسان المحظورة رسالة مفتوحة إلى عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة و الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ذو المرجعية الإسلامية، طالبه فيها بالتوبة، و التخلي عن رئاسة حكومة "المخزن".

نشر
بنكيران مع بعض زعماء جماعة العدل و الإحسان
مدة القراءة: 33'

و حذر الشيباني بنكيران من عدم ركوعه في مراسيم البيعة قائلا " أنظر فهم الآن يفعلون. يمسحون فيكم كل قبائحهم ويجعلون حقد الشعب الذي أكلوا خيراته ينفجر في وجوهكم. و"بهدلوكم" حتى بدأتم تفقدون توازنكم، فمن وزير يتعارك مع المحتجين، كما كان يفعل و هو طالب في كلية حقوق البيضاء، إلى برلماني ينادي بالعين الحمراء و الردع. وهاهم يعدون العدة "لمناديل" أخرى".

و قدم الشيباني الذي هو صهر عبد السلام ياسين المرشد العام لجماعة العدل و الإحسان في هذه الرسالة جردا و"تقييما" لمسار بنكيران ومسار الحركة الإسلامية المغربية، كما أنه لم يتردد في مخاطبة بنكيران بلغة صريحة وقوية، يطالبه فيها باقتراح مجموعة من الإصلاحات على الملك...

و فيما يلي نص الرسالة: 
رسالة مفتوحة إلى الأخ عبد الإله بنكيران وإلى الإخوان
من عبد الله الشباني زميل قديم في موكب الحركة الاسلامية للسبعينات و الثمانينات
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، وبعد:
"رسالة" تذكير و نصيحة لوجه الله، أسأل الله لي الإخلاص فيها و القبول
"مفتوحة" لأنها تهم شخصيتك العامة وتهم الشأن العام
"الأخ" تذكيرا بالأصل و المنطلق و هو نعت أشرف من رئيس حكومة المخزن
"الإخوان" لأنك تحملت ودائرتك من الإخوان مسؤولية قيادة أفواج من شباب الدعوة رجالا ونساء إلى حزب أصبح رهن إشارة المخزن.
نعم، حزب أصبحت له شعاراته ورؤيته ورسالته وإستراتيجيته ومنطقه في الحركة والعمل لكي يلتحق به الناس وتكون له قوة تجعله كيانا يفعل ويتفاعل في الحقل السياسي. و في مجموع رداءة أداء الأحزاب فهو الأحسن و الأقوى، وكيف لا ومرجعيته دين الشعب وقوته شباب مخلص.
فكيف ولدت عندك الفكرة ونشأت ثم بنيت عليها القناعة فأصبحت اعتقادا يقينيا جرف معه قناعات إخوان جماعة الثمانينات ثم الجماعات التي التحقت بعد ذلك ضمن قطبي "الاصلاح و التجديد "و "رابطة المستقبل الاسلامي" ؟
تعلم ونعلم، ونحن معا آنذاك أبناء الحركة الإسلامية أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، كيف اخترت مضطرا!!-وكيف نسميه اختيارا ؟- خدمة للدعوة، أن تعقد الصلح مع الملكية التي كنت عدوا لها في السبعينات، وكم صرفت من الجهد والوقت واللقاءات الماراطونية طوال سنوات لإقناع : (مع حفظ الألقاب على طول الرسالة) بها واليتيم والمقرئ والسدراتي والحمداوي والعثماني والبلجي و المشتالي وزحل والآخرين بذلك.
نعم،لم يسلس لك القياد إلا لأنك كنت شابا قوي العزيمة واضح الرؤية بيِّن الكلام وأحيانا سليطه!! بين شباب فقدوا الثقة في الأب الروحي والقائد الأول ووجدوا فيك بعض العوض.
نعم، كنت اشتراكيا مناهضا لظلم المخزن، كما كان مؤسس الشبيبة الإسلامية عبد الكريم مطيع، ثم اخترتما بعد تجربة الانتماء للاتحاد الاشتراكي أن تناضلا بشعار آخر هو الإسلام. فأنشأ عبد الكريم مطيع تلكم الحركة الإسلامية السرية التي أشعلت عنفوان شباب السبعينات ب"معالم في الطريق" لسيد قطب رحمه الله، واعتبرت نفسها الوصية على العمل الإسلامي إذ لم تكن تعترف لا "بالدعوة"ولا "بالطلائع"ولا "بالجمعية "ولا "بالتحرير"ولا "بالتبليغ".وهذا من الخلق الموروث عن التجربة النضالية الاشتراكية، التي يعتبر أهلها أنفسهم أساتذة في كل شيء، ولو بعد اندحار فكرها المتحفي بانهيار روسيا الاشتراكية.
وقع ما وقع في مقتل عمر بن جلون آخر السبعينات و بداية الثمانينات، وبدأت وإخوانك تكتشفون في الأب الروحي عبد الكريم مطيع ما صدم نفوسكم. ويا لهول الأثر النفسي على سلوك الإبن ومستقبله عند اكتشاف "خداع" الأب.
هرب الأب أو ربما هُرِّب، وحار الأبناء في أمرهم وفتنوا فتمزعوا إلى "تبين"و"ستة"و"الجماعة الإسلامية".نعم (ال) جماعة (ال) إسلامية بالتعريف، فلقد حافظت مجموعة "الجماعة الإسلامية"على أستاذية "الشبيبة الاشتراكية "ثم "الشبيبة الإسلامية ".
كل هذا وعين المخزن ترقب ثمار مكرها، وهي الداهية في التشتيت والتفريق والاحتواء. نصبت المحاكم لأكباش الفداء المستضعفين -نسأل الله لهم العوض و القبول -ووضعت الخيارات الثلاثة أمام مجموعة "الجماعة الإسلامية ":نفي أو سجن أو استقامة على طريق الدعوة "بالحكمة".أو بتعبير آخر، تصفية مجالية بالنفي أو تصفية جسدية بالسجن. أو تصفية معنوية بالاحتواء، كما فعل بمناضل عتيد كاليوسفي الذي ألبسه المخزن وألبس "الاتحاد الاشتراكي" الجلابة المخزنية البيضاء وسلهامها عند رئاسته للوزراء. الجلابة التي ألبسوكموها.
و أول "الحكمة" عقد الصلح مع الملكية والاعتراف بها وتقديم آيات الولاء والتبرؤ بالبلاغ ثم الانصياع بالبيان وتأكيد ذلك بالسلوك "المتعقل"، وبعدئذ تفتح أبواب "الدعوة" على منابر مسجد الملاح بالرباط ومسجد بن سعيد (المجاور لبيت المرشد) ومساجد أخرى في سائر المدن، وترخص "الإصلاح" و"الفرقان "ثم "الراية"بينما تمنع "الجماعة " و"الصبح "، ويسمح بالجمعيات و بالاجتماعات تحت مراقبة ومتابعة و توجيهات الخلطي و علابوش. (أنظر ملف "الأيام" الخاص بك).
وهل يشك أحد بالمنطق أن هذا هو أحسن "الخيارات" الثلاثة: تأمن من السجن والنفي وتعتلي المنبر لتخطب على الناس وتكتب في الصحيفة والمجلة وتحاضر وتتجمع "أليس هذا أحسن من قتل القذافي وتدمير حافظ الأسد وتجفيف المنابع لبن علي؟".
خلال الثمانينات عرض الله عليك يا بنكيران وعلى المقرئ والآخرين وعلى شباب الإسلام أبا روحيا وقائدا عالما مجددا في الفكر والإيمان والجهاد (أكثر من 30 مؤلفا مؤسِّسا في التربية والتنظيم والسياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والتاريخ والأمازيغية...الخ)، بسط أمره على بيِّنة من القرآن والسنة، وصدّقه بخطابه وموقفه وببذله وتضحياته (حوالي 16 سنة من الاعتقال في السجن أوفي البيت). عرض ما آتاه الله من علم وتقوى وجهاد واجتهاد، عن تمكن في العلم النبوي وبروز في المعرفة والفكر الحديث، عرض عليك وعلى شباب الدعوة، فقبلنا العرض واستجبنا واستجاب الكثير من شباب الدعوة، لكنك أعرضت وأعرض أصحابك. فكيف يستجيب قدماء الحركة الإسلامية وأساتذتها لـ"مبتدئ في الدعوة" و"شيخ صوفي" لم تجز العقلية الوهابية السعودية صفاء عقيدته!؟ ولقد أفتى عالم الحركة، بنفس العقلية، أن الأستاذ المرشد خالف عقيدة الأمة.
لعلك تعلم أن عبد الكريم مطيع كان زميلا للأستاذ المرشد في مهنة التفتيش وعرض عليه في بداية السبعينات جمع الشباب المسلم في حركة "إسلامية". وكان جواب الأستاذ المرشد :"...لنكتسب أولا نحن من الذكر الصدق والأهلية الربانية والعلمية والجهادية ما يجعلنا قادرين على تحمل مسؤولية قيادة هؤلاء الشباب في هذا الأمر الجلل". فانطلق صاحبك في بناء ما انهار في آخر السبعينات واستمر مصحوبي في الذكر والقيام والكتابة والتأصيل ونصيحة "الإسلام أو الطوفان "والاعتقال خلال نفس الفترة. ولم يبدأ في تحمل المسؤولية حتى كان أهلا لذلك.
انطلقت إذا "الجماعة الإسلامية "في المسار الموحى به وبدأت شباك المخزن وأيادي أخطبوطه تحيط بك و بها شيئا فشيئا بخيوط رقيقة كما تلف العنكبوت فريستها. فمن البلاغ إلى البيان إلى مجالس المدغري والخطيب ومجالس أخرى -الله أعلم بها!- ومن جامعة الصحوة الإسلامية إلى المؤتمرات الرسمية والمهرجانات والمحاضرات وإلى اعتلاء المنابر وتأسيس المدارس الحرة والجمعيات والصحف والمجلات. هنالك وجد الشباب ما يطفئون به تعطشهم لكل هذه الأبواب المفتوحة بينما عاشوا – ولا نزال نعيش – الحرمان من ولوجها، فبرز المحاضرون في المدرجات والخطباء في المنابر والكتاب في الصحف والمجلات والمنشطون في المخيمات وفتحت المقرات. فكيف لا يغتبط شباب الحركة الإسلامية بكل هذا "الفتح" ويلتحق شباب التسعينات وكهولها وكذا العشر الأولى من الألفين بمسيرة "ناجحة". ثم يستمر "النجاح "وتتصدر "الإصلاح و التجديد"وحدة الجماعات الإسلامية فتنجح في "جمعها" في "الإصلاح و التوحيد"، ويتصدر "الإصلاح "، بالمفهوم الحديث لا بالمفهوم القرآني، استراتيجية الجماعة و برنامجها. إلى أن آن الأوان لمستوى أعلى من الحركة وهو الأداء السياسي بالمشاركة في الحياة السياسية.
في معامع مخالطة أبناء دار المخزن، وقع نظر قلبك على أب روحي ربما نفس صدمة الأب الأول ووافق القلب منطق العقل. إذ سيكون الخطيب رحمه الله المفتاح لولوج العمل السياسي المرغوب فيه بعدما رفض "حزب التجديد الوطني" ورفض و رفض. فالمخزن هو الذي يؤسس الكثير من الأحزاب أو يدلك على باب الولوج للعمل السياسي حتى يضمن عقمه. فلذلك فهمت و اخترت ثانية -وأنت مضطر أيضا -أن تحشر الشباب في الحزب-القالب، "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية "، الذي سيمنحه الشكل المطلوب لأداء الغرض المقصود.
ألم تذكر في كثير من زياراتك للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين دعوته لك لمجالس العلم و الذكر وتحذيره لك من السقوط في شباك المخزن. إنه لا منجى من كيد المخزن ومكر تماسيحه إلا بصحبة العلماء ولا من صرع عفاريته إلا بالتحصن بذكر الله. لم نكن نشك ولا نشك في حسن نيتك ولا في حسن نية الكثير من إخواننا الذين اتبعوك واقتنعوا بفكرتك. ما عدا بعض من التحق عندما فتحت الأبواب المؤدية للبرلمان والوزارات. وهذا أمر وارد في جميع الحركات الاجتماعية والسياسية.
أيها الأخ شكر الله سعيك وأثابك بأجر المجتهد، وإني لأصدق حديثك عن الآخرة ونصحك الإخوان بالله عز وجل بالآخرة. و لا أشك في عدم اكتراثك بجمع المال وطلب الدنيا، لكن آخر ما يخرج من قلب العارف بالله حبالرئاسة، ولعلها آفتك. ولقد طلبها من هو خير منك وخير مني وورثّها ابنه. وكذلك تهورك ولو في عظائم الأمور وأستاذيتك، وما لازمتك "فهمتي و لا لا ؟" إلا دليل على ذلك. إنما مجال هذه النصيحة والتذكير تدينك العام وشؤون سياسة أمر الأمة، لا تدينك الشخصي. واصبر نفسك على سماع القول البليغ مني فالأمر جد و لا مجال فيه للمحاباة.
عبد الله الشيباني
نحن نفصل بين ما يحكى عن معاوية وعن هارون الرشيد الملكين الأموي والعباسي من بكاء وخشوع وورع في تدينهم الشخصي عند سماعهم لموعظة الموت، نفصل بين هذا وما يحكى عن عدم بكائهما وعدم خشوعهما وعدم تورعهما عند تأسيس وتثبيت الملك الوراثي في الأمة، على خلاف الخلفاء الراشدين المهديين الذين تربوا تربية المهاجرين والأنصار -لا تربية مسلمة الفتح -الذين لم يورثوا حكما. وكذا على خلاف الخليفة عمر بن عبد العزيز_رضي الله عنه_الذي ارتقى ورعه إلى رفض الملك الذي أتاه بالوراثة ولم يقبله إلا بشورى الأمة. وتلك هي التوبة العمرية التي نقترحها على الحكام. ولقد أكد ذلك -رضي الله عنه - بإقامة العدل و إرجاع أموال الأمة وحفظها من المفسدين بينما لم ولا يفعل ذلك الملوك الورثة. لقد وقَتْه من تلك الزلة صحبة كانت له -وهو ولي للعهد-لأب روحي متمكن و عالم بحق ساعده على الارتقاء بإيمانه في مدارج الإحسان. فقوّاه إحسانه على اتخاذ الموقف الشرعي في الحكم وكبح النفس عن أخذ أموال الشعب له وولعائلته ولبطانته وعن الميل لمباهج الدنيا. هذه هي علاقة الشورى والعدل بالإحسان، الذي هو أعلى مراتب الإيمان، و الذي يجب أن يترقى فيها كل طامح في إمامة الأمة. و هذه هي التربية ثم التربية ثم التربية التي لا نمل من تكرارها و التي يجب أن يعكف عليها الدعاة و الولاة أكثر من غيرهم. فعلى حسب مستوى إمامتك يجب أن يرقى إيمانك الذي يقويك و يكبح أهواءك. إيمان يعطي خلقا و عملا صالحا في السياسة أو في الاقتصاد أو في الاجتماع. و فوق ذلك و لمزيد من ضمان العدل يجب أن يستعين الإمام المحسن -الذي لا يأمن على نفسه الانحراف ولا نأمن –بالجماعة و بالشورى الملزمة لا المعْلمة كما يفعل مدعو تطبيق الشريعة. وأي شريعة !؟ شريعة قطع يد سارق خبزة يطفيء بها لظى جوعته و ترك سارق بترول الشعب يعيث سفها في مال الأمة.
مرجعيتنا الحقة في أمر سياسة شؤون الأمة على مر تاريخ المسلمين هم الخلفاء الراشدون الخمسة و الملوك الصالحون، أمثال الملك جنكيز خان و صلاح الدين الأيوبي و يوسف بن تاشفين و المولى إدريس وغيرهم ممن تلقوا تربية إحسانية على يد علماء ربانيين صادقين أعطتهم تقوى و ورعا كافيين لتحمل أعباء الحكم من شورى و عدل و حفظ لحقوق الناس، و صانت نفوسهم أن تعيث فسادا في أموال الأمة و أعراضها كما فعل الملوك الأمويون و العباسيون و المماليك و ملوك الأندلس و كل من لم يصلح من الملوك الذين حكموا البلدان الإسلامية.
إن ما يؤخذ عليك هو عدم تورعك في تصدر جماعة شباب صادق طاهر وسوقهم إلى خدمة الملكية والمخزن دون التسلح لذلك بسلاح العلم والصدق والإيمان اللازم للموقع والمكافئ لهذه المهمة. فلكل حرب عدتها وعتادها. إن قيادة المؤمنين تقتضي استعدادا خاصا وتأهيلا استثنائيا يتميز بأقصى مستويات الإيمان والإحسان وأقصى مستويات استيعاب منهاج القرآن الكريم والسنة المطهرة في تدبير شأن الجماعة المؤمنة والمجتمع المسلم. إيمانا وإحسانا يفطمك عن مطالب الأهواء ومزالقها، ثم جماعة وشورى حقيقية تقومك عند الالتواء. لا نحكم على فلان أو علان،كيفما كان، بالربانية أو بالولاية أو بالإحسان، فعلم ذلك عند الله، إنما يحكم عليه و يدل على ذلك خلقه وسلوكه وعمله. ولا دليل أكبر على قوة الإيمان أكثر من العمل الصالح. فالرجال يُعرفون بالحق والعدل ولا يُعرف الحق والعدل بالرجال.
عجبا لك كيف تجرأت لتحمل هذه المسؤولية العظمى! ويا ليتك فررت بتدينك الفردي من الفتنة الأولى كما فعل كمال ابراهيم رحمه الله أو من مسؤولية الحركة كما فعل أحمد الريسوني عندما بدأ يصطدم بالخطوط الحمراء "المقدسة" إذ يُحرجه علمه وتقواه أن ينصاع لها، فاختار المنزلة بين المنزلتين. وكلما نضج فقه العالم وتقواه كلما رأى الحق حقا وانصاع له.
استفت نفسك بنفسك مع نفسك بين يدي ربك، ولو أفتاك علماء السلطان وأفتوك: هل الملك الوراثي من الإسلام؟
هل ما نحن بصدده إمارة المومنين حقا؟ قارن بين "أمير المؤمنين" و أمير المؤمنين !!
إنك لتعلم أنه يستحيل تطهير فساد الحقول و علاج ثمارها التي تسقى من ماء المنبع الفاسد، إن لم يطهر الماء من المنبع.
أم هل وقع التطبيع مع مرافق ومكاتب ودواوين ورحاب دار المخزن، ولم تعد العين ترى الظلم الواقع على الشعب المستضعف في أرزاقه وحقوقه، ويستهين القلب باعتداء شرطة المخزن على المطالبين سلميا بحقوقهم في الشغل أو الأجرة الكريمة وتكسير عظام حتى المكفوفين وجماجمهم و بالحكم ظلما على البرءاء بعشرات السنين من السجن.
هل أنت من تأمر بالقمع و تشميع البيوت و السَّجن؟ أم هو وزيرك في الداخلية الذي تبرأ؟ أم من؟
أم هل وقع الانخداع بابتسامات العفاريت ودموع التماسيح التي ركنت إليها. إنه الاستدراج الذي يبرع فيه الشيطان وتستحسنه النفس حتى يزين للمرء ما كان بشعا. وهذه نتيجة الركون الذي حذر منه كتاب الله عز و جل.
كم كانت جرأتك واستماتتك في اقتراف هذا الاجتهاد، ويا ليته كان اجتهادا في أمر تدين فردي يخصك في ترجيح حكم من حرام إلى مكروه، يغفره الله، أو من واجب إلى مستحب. لكنه أمر تدين جماعي يهم آلاف الشباب و الكهول وملايين المصوتين الذين وثقوا باجتهادك فوجدوا أنفسهم في آخر المطاف ألعوبة بيد حكام ظلمة. أنظر فلقد بدأ يستيقظ أتباعك من الحلم الجميل -لا الرؤيا -وينتفضون عليك في أكادير و وجدة و طنجة، وانصرف الناخبون عن صناديق الاقتراع فلم يصوت إلا أكثر من 10 % بقليل في اقتراع المقاعد الأخيرة.
هذه نصيحتي إليك أيها الأخ، ولعل الكثير من أقراننا ممن هم معك يجدوا فيها تعبيرا عما يخالجهم لكن أحجموا عن تقديمها، وهل يجرؤ أحدهم على فعل ذلك أمامك. يتفادى الكثير منهم أذى لسانك ويتحرجون من إسفاف خطابك.
تب إلى الله عندما بدأت تبصر التماسيح تماسيحا والعفاريت شياطينا، وتتيقن أنهم لن يسمحوا لك بتاتا بتجاوز الخطوط الحمراء التي تحمي هيمنتهم على الحكم وسفكهم لأموال الشعب. ها قد وُضع لك و لوزرائك الخط إزاء الصطايل وخط إزاء المهرجانات وخط إزاء رخص أعالي البحار والرمال وخط إزاء استغلال الأراضي الشاسعة و الغابات و المناجم من بعض الأمراء و الجنرالات وخط إزاء ميزانية القصر، التي تُعد "الأكثر كلفة بالنسبة لميزانية الدولة من بين أكثر الملكيات ثراء في العالم "،وخط إزاء تعيين كبار المسؤولين وخط إزاء "سيدي فؤاد" والمستشارون و الكتاب العامون للوزارات والوزراء المنتدبون وخط وخط وخط.
و اعلم أنهم لن يغفروا لك حسنتك في عدم ركوعك في صلاة البيعة، في الوقت الذي ركع فيه المهرولون. أنظر فهم الآن يفعلون. يمسحون فيكم كل قبائحهم ويجعلون حقد الشعب الذي أكلوا خيراته ينفجر في وجوهكم. و"بهدلوكم" حتى بدأتم تفقدون توازنكم، فمن وزير يتعارك مع المحتجين، كما كان يفعل و هو طالب في كلية حقوق البيضاء، إلى برلماني ينادي بالعين الحمراء و الردع. وهاهم يعدون العدة "لمناديل" أخرى. ولن نستغرب، ما دمنا في المغرب، إن سمعنا أن الفزازي أو أبي حفص أو الكتاني أو الحدوشي أصبحوا يوما في الحكومة القادمة عن طريق حزب "سيدي فؤاد" أو شباط الذي بدهائه أعاد بعضا من عذرية حزب الاستقلال وتزعمه رغما عن أهل فاس.
كن جريئا كما كنت في الانخراط في هذه المغامرة وتب بتقديم استقالتك من لعبة حشرتك نفسك فيها ولا طاقة لك بإنجاز شيء ذي بال، ولا تستسلم لعملية المسخ التي يتقنها المخزن. ولو أن الآخرين المتأخرين من أعضاء الحزب، أمثال من لم "يشرفهم" حضورنا في مؤتمر حزبك وشرفهم حضور الصهيوني، الذين هرولوا للمناصب وذاقوا حلاوة الكراسي وألفوا دفأها، ممن سيستسلمون للمسخ ويبررونه ويستمرون في إعطاء اللعبة "الألعوبة" -كما وصفها عبد الهادي بوطالب رحمه الله –،في إعطائها مصداقية لتبرير بقائهم في الحلبة. فلقد سكن بعض شباب دعوة السبعينات الذين أتوا من أحياء ضواحي الرباط والبيضاء و الذين أتوا من بعض القرى ومن بني ملال و الرشيدية و وجدة و القنيطرة، سكنوا الفلات الفسيحة في حي الرياض و لوازيس و تضاعفت ميزانية بيوتهم أضعافا كثيرة. أنظر فلقد ذهب هم الدعوة وصلاة الصبح في المسجد عند الكثير منهم أدراج الرياح. رياح الدنيا التي بدأت تُبسط لكم باعتلاء المناصب، إذ يشاع أن مكاتب بعض وزرائك و بعض الموظفين السامين أصبحت مكاتب لتسيير مشاريعهم ومقاولاتهم و يحكى أن الوزير الفلاني أصبح لا يقنع إلا بجلابة 3000 درهم و الآخر إلا بهندام 7000 درهم أو أكثر. بينما كانوا يقنعون بـ "حوايج البال" و قمصان السعودية.
"ارحل" يقول لك المستضعفون من الشباب و الطلاب والعمال وموظفو الإدارات العمومية بكل أصنافهم والمقاولين الصغار والمتوسطين، لأنهم لم يروا بصيصا من الأمل في قدومك إلى الحكومة. وأقول لك -و للإخوان -أهجرهم هجرا جميلا، مكرّما لا مُهانا، باستقالة بيّنة، ولا تستمت في الركون إليهم فلن ينفعوك لا في الدنيا ولا في الآخرة.
و إلا جرب صدق الملك الطيب الكلام والمعاملة واقترح عليه، ما دمت تحظى بمقابلته ومهاتفته، أن يقوم بثورة على ثروته لصالح الشعب و يكون الحل الجذري لمعظم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلد. هذه الثروة التي لا تجد لها ذكرا في كلامك أبدا و كأن كتاب "الملك المفترس"لم يقرأ وكأن مجلة فوربس لم تنشر شيئا.
فلتكن ثورة الملك والشعب حقيقة واقترح عليه فعل ما يلي:
1. تحول القصور الثلاثين (أو العشرين أو العشرة) إلى جامعات أو معاهد و تحول ميزانياتها إلى ميزانيات تجهيزها و تسييرها. ستتضاعف طاقة إيواء الطلاب المتكدسين في المدرجات البئيسة الحالية و تتحسن ظروف تعلمهم. و تخصص إقامة باريس لإيواء طلبتنا في فرنسا. ستجنب بذلك على الداودي فرض الإتاوات و الصكوك على دخول الجامعة و المعهد.
2. توزع أسهم الهولدينك الملكي أونا وسيجر على الفقراء والمعوزين والمعوقين. مما سيضمن مدخولا شريفا و ثابتا لهم من الأرباح الضخمة ( رسميا حوالي 3 مليار درهم برقم معاملات 4 مليار دولار سنويا) التي تحصد من تجارة الحليب و السكر و الشاي و العقار والأبناك و مقاولات التأمين و الصناعات المختلفة و التحويل و الطاقات المتجددة و من مناجم الذهب و الفضة ومن مداخيل الخيل المسومة و الأنعام و الحرث الصيد . بدل قفة الخمسين درهما التي توزع عليهم في التلفزة في رمضان. و سيوفر ذلك الكثير الكثير على صندوق المقاصة.
3. تخفض ميزانية القصر إلى النصف فقط وتضاف الى ميزانيات الوزارت الأخرى لتتمكن من توظيف العاطلين الذين يهرمون في التظاهر في شوارع الرباط.
4. عندما تعطي الدائرة الملكية المثال في هذا السلوك، ستقتدي بها حتما الدوائر التي تليها ثم التي تليها وحتى الهولدينكات العائلية الإحدى عشر الباقية، التي تملك أكثر من نصف ناتج البلد الخام، ستنحو منحى المقاولة المواطنة وستنخرط في برامج مثل هذه وسيتفتق خيالها لمزيد من الحلول الإبداعية في تنشيط الثروة والاقتصاد و تأهيل العاطلين وتشغيلهم.
آنذاك سيسترجع الشعب الثقة في الحكام و في أصحاب الأموال وسينهض للعمل والإنتاج وستنطلق مسيرة التنمية حتما.لا ينتظر الشعب المسكين إلا إشارات مثل هذه لكي يصدق الأقوال التي أتخمته وأضجرته و ستكون -لا قدر الله - سبب فورانه.
واجب أهل الدعوة أن يؤهلوا الشعب لكي لا يبقى قطيعا غير مسؤول،كما يريده الملأ الأعلى، يرعى و يُساق إلى حيث تسلب خيراته. لا أن يُستعملوا في تدبير الفتات الذي يلقى إليه من على المائدة التي عليها يقتسموا معظم ثروته و يدبروها. ولا أن يُستعملوا في ضمان استقرار عملية السلب والاقتسام. استقرار الملأ والشعب يتجرع آلامه في فتنة يومية مع رغيفه وسكنه و طبيبه ودراسة أبنائه وطاعون إدارته ؟والفتنة أشد من القتل.
وأخيرا، أملنا في الله كبير أن تكون تجربتكم القاسية في العمل في ظل نظام المخزن درسا نافعا لكم و لنا وللأمة في مستقبل تعاوننا في بناء دولة القرآن الآتية-يقينا بإذن الله -، عندما يأذن الله بزوال الملك الجبري بكل أشكاله الجاثم بكلكله على صدر الأمة، وأن لا يحرمكم أجرها.
أسأل الله لي ولك وللمؤمنين ولكافة المسلمين الحفظ من الزلل، والأوبة بعد الحوبة، والتوفيق لما ينفع امة رسول الله صلى الله عليه وسلم و يجعلها في غذ الإسلام خير أمة أخرجت للناس. خيرية بدولة القرآن التي ترد المظالم و تضمن الحقوق في التعلم والتدين وحرية الاختيار-إذ لا إكراه في الدين - والصحة والسكن اللائق و الأمن و العمل الشريف. تعدل وتقسط وتنصف وتربي وتنتج وتخترع، هذا قبل أن تزجر بالحدود الشرعية التي بها تتم الخيرية.
و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و على صحبه العدول الميامين و إخوانه و حزبه إلى يوم الدين، آمين آمين آمين.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
حررت بسلا ليلة الجمعة 17ذي الحجة 1433 الموافق ل 02 نونبر 2012

و فيما يلي نص الرسالة: 

رسالة مفتوحة إلى الأخ عبد الإله بنكيران وإلى الإخوان
من عبد الله الشباني زميل قديم في موكب الحركة الاسلامية للسبعينات و الثمانينات
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، وبعد:
"رسالة" تذكير و نصيحة لوجه الله، أسأل الله لي الإخلاص فيها و القبول
"مفتوحة" لأنها تهم شخصيتك العامة وتهم الشأن العام
"الأخ" تذكيرا بالأصل و المنطلق و هو نعت أشرف من رئيس حكومة المخزن
"الإخوان" لأنك تحملت ودائرتك من الإخوان مسؤولية قيادة أفواج من شباب الدعوة رجالا ونساء إلى حزب أصبح رهن إشارة المخزن.
نعم، حزب أصبحت له شعاراته ورؤيته ورسالته وإستراتيجيته ومنطقه في الحركة والعمل لكي يلتحق به الناس وتكون له قوة تجعله كيانا يفعل ويتفاعل في الحقل السياسي. و في مجموع رداءة أداء الأحزاب فهو الأحسن و الأقوى، وكيف لا ومرجعيته دين الشعب وقوته شباب مخلص.
فكيف ولدت عندك الفكرة ونشأت ثم بنيت عليها القناعة فأصبحت اعتقادا يقينيا جرف معه قناعات إخوان جماعة الثمانينات ثم الجماعات التي التحقت بعد ذلك ضمن قطبي "الاصلاح و التجديد "و "رابطة المستقبل الاسلامي" ؟
تعلم ونعلم، ونحن معا آنذاك أبناء الحركة الإسلامية أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، كيف اخترت مضطرا!!-وكيف نسميه اختيارا ؟- خدمة للدعوة، أن تعقد الصلح مع الملكية التي كنت عدوا لها في السبعينات، وكم صرفت من الجهد والوقت واللقاءات الماراطونية طوال سنوات لإقناع : (مع حفظ الألقاب على طول الرسالة) بها واليتيم والمقرئ والسدراتي والحمداوي والعثماني والبلجي و المشتالي وزحل والآخرين بذلك.
نعم،لم يسلس لك القياد إلا لأنك كنت شابا قوي العزيمة واضح الرؤية بيِّن الكلام وأحيانا سليطه!! بين شباب فقدوا الثقة في الأب الروحي والقائد الأول ووجدوا فيك بعض العوض.
نعم، كنت اشتراكيا مناهضا لظلم المخزن، كما كان مؤسس الشبيبة الإسلامية عبد الكريم مطيع، ثم اخترتما بعد تجربة الانتماء للاتحاد الاشتراكي أن تناضلا بشعار آخر هو الإسلام. فأنشأ عبد الكريم مطيع تلكم الحركة الإسلامية السرية التي أشعلت عنفوان شباب السبعينات ب"معالم في الطريق" لسيد قطب رحمه الله، واعتبرت نفسها الوصية على العمل الإسلامي إذ لم تكن تعترف لا "بالدعوة"ولا "بالطلائع"ولا "بالجمعية "ولا "بالتحرير"ولا "بالتبليغ".وهذا من الخلق الموروث عن التجربة النضالية الاشتراكية، التي يعتبر أهلها أنفسهم أساتذة في كل شيء، ولو بعد اندحار فكرها المتحفي بانهيار روسيا الاشتراكية.
وقع ما وقع في مقتل عمر بن جلون آخر السبعينات و بداية الثمانينات، وبدأت وإخوانك تكتشفون في الأب الروحي عبد الكريم مطيع ما صدم نفوسكم. ويا لهول الأثر النفسي على سلوك الإبن ومستقبله عند اكتشاف "خداع" الأب.
هرب الأب أو ربما هُرِّب، وحار الأبناء في أمرهم وفتنوا فتمزعوا إلى "تبين"و"ستة"و"الجماعة الإسلامية".نعم (ال) جماعة (ال) إسلامية بالتعريف، فلقد حافظت مجموعة "الجماعة الإسلامية"على أستاذية "الشبيبة الاشتراكية "ثم "الشبيبة الإسلامية ".
كل هذا وعين المخزن ترقب ثمار مكرها، وهي الداهية في التشتيت والتفريق والاحتواء. نصبت المحاكم لأكباش الفداء المستضعفين -نسأل الله لهم العوض و القبول -ووضعت الخيارات الثلاثة أمام مجموعة "الجماعة الإسلامية ":نفي أو سجن أو استقامة على طريق الدعوة "بالحكمة".أو بتعبير آخر، تصفية مجالية بالنفي أو تصفية جسدية بالسجن. أو تصفية معنوية بالاحتواء، كما فعل بمناضل عتيد كاليوسفي الذي ألبسه المخزن وألبس "الاتحاد الاشتراكي" الجلابة المخزنية البيضاء وسلهامها عند رئاسته للوزراء. الجلابة التي ألبسوكموها.
و أول "الحكمة" عقد الصلح مع الملكية والاعتراف بها وتقديم آيات الولاء والتبرؤ بالبلاغ ثم الانصياع بالبيان وتأكيد ذلك بالسلوك "المتعقل"، وبعدئذ تفتح أبواب "الدعوة" على منابر مسجد الملاح بالرباط ومسجد بن سعيد (المجاور لبيت المرشد) ومساجد أخرى في سائر المدن، وترخص "الإصلاح" و"الفرقان "ثم "الراية"بينما تمنع "الجماعة " و"الصبح "، ويسمح بالجمعيات و بالاجتماعات تحت مراقبة ومتابعة و توجيهات الخلطي و علابوش. (أنظر ملف "الأيام" الخاص بك).
وهل يشك أحد بالمنطق أن هذا هو أحسن "الخيارات" الثلاثة: تأمن من السجن والنفي وتعتلي المنبر لتخطب على الناس وتكتب في الصحيفة والمجلة وتحاضر وتتجمع "أليس هذا أحسن من قتل القذافي وتدمير حافظ الأسد وتجفيف المنابع لبن علي؟".
خلال الثمانينات عرض الله عليك يا بنكيران وعلى المقرئ والآخرين وعلى شباب الإسلام أبا روحيا وقائدا عالما مجددا في الفكر والإيمان والجهاد (أكثر من 30 مؤلفا مؤسِّسا في التربية والتنظيم والسياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والتاريخ والأمازيغية...الخ)، بسط أمره على بيِّنة من القرآن والسنة، وصدّقه بخطابه وموقفه وببذله وتضحياته (حوالي 16 سنة من الاعتقال في السجن أوفي البيت). عرض ما آتاه الله من علم وتقوى وجهاد واجتهاد، عن تمكن في العلم النبوي وبروز في المعرفة والفكر الحديث، عرض عليك وعلى شباب الدعوة، فقبلنا العرض واستجبنا واستجاب الكثير من شباب الدعوة، لكنك أعرضت وأعرض أصحابك. فكيف يستجيب قدماء الحركة الإسلامية وأساتذتها لـ"مبتدئ في الدعوة" و"شيخ صوفي" لم تجز العقلية الوهابية السعودية صفاء عقيدته!؟ ولقد أفتى عالم الحركة، بنفس العقلية، أن الأستاذ المرشد خالف عقيدة الأمة.
لعلك تعلم أن عبد الكريم مطيع كان زميلا للأستاذ المرشد في مهنة التفتيش وعرض عليه في بداية السبعينات جمع الشباب المسلم في حركة "إسلامية". وكان جواب الأستاذ المرشد :"...لنكتسب أولا نحن من الذكر الصدق والأهلية الربانية والعلمية والجهادية ما يجعلنا قادرين على تحمل مسؤولية قيادة هؤلاء الشباب في هذا الأمر الجلل". فانطلق صاحبك في بناء ما انهار في آخر السبعينات واستمر مصحوبي في الذكر والقيام والكتابة والتأصيل ونصيحة "الإسلام أو الطوفان "والاعتقال خلال نفس الفترة. ولم يبدأ في تحمل المسؤولية حتى كان أهلا لذلك.
انطلقت إذا "الجماعة الإسلامية "في المسار الموحى به وبدأت شباك المخزن وأيادي أخطبوطه تحيط بك و بها شيئا فشيئا بخيوط رقيقة كما تلف العنكبوت فريستها. فمن البلاغ إلى البيان إلى مجالس المدغري والخطيب ومجالس أخرى -الله أعلم بها!- ومن جامعة الصحوة الإسلامية إلى المؤتمرات الرسمية والمهرجانات والمحاضرات وإلى اعتلاء المنابر وتأسيس المدارس الحرة والجمعيات والصحف والمجلات. هنالك وجد الشباب ما يطفئون به تعطشهم لكل هذه الأبواب المفتوحة بينما عاشوا – ولا نزال نعيش – الحرمان من ولوجها، فبرز المحاضرون في المدرجات والخطباء في المنابر والكتاب في الصحف والمجلات والمنشطون في المخيمات وفتحت المقرات. فكيف لا يغتبط شباب الحركة الإسلامية بكل هذا "الفتح" ويلتحق شباب التسعينات وكهولها وكذا العشر الأولى من الألفين بمسيرة "ناجحة". ثم يستمر "النجاح "وتتصدر "الإصلاح و التجديد"وحدة الجماعات الإسلامية فتنجح في "جمعها" في "الإصلاح و التوحيد"، ويتصدر "الإصلاح "، بالمفهوم الحديث لا بالمفهوم القرآني، استراتيجية الجماعة و برنامجها. إلى أن آن الأوان لمستوى أعلى من الحركة وهو الأداء السياسي بالمشاركة في الحياة السياسية.
في معامع مخالطة أبناء دار المخزن، وقع نظر قلبك على أب روحي ربما نفس صدمة الأب الأول ووافق القلب منطق العقل. إذ سيكون الخطيب رحمه الله المفتاح لولوج العمل السياسي المرغوب فيه بعدما رفض "حزب التجديد الوطني" ورفض و رفض. فالمخزن هو الذي يؤسس الكثير من الأحزاب أو يدلك على باب الولوج للعمل السياسي حتى يضمن عقمه. فلذلك فهمت و اخترت ثانية -وأنت مضطر أيضا -أن تحشر الشباب في الحزب-القالب، "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية "، الذي سيمنحه الشكل المطلوب لأداء الغرض المقصود.
ألم تذكر في كثير من زياراتك للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين دعوته لك لمجالس العلم و الذكر وتحذيره لك من السقوط في شباك المخزن. إنه لا منجى من كيد المخزن ومكر تماسيحه إلا بصحبة العلماء ولا من صرع عفاريته إلا بالتحصن بذكر الله. لم نكن نشك ولا نشك في حسن نيتك ولا في حسن نية الكثير من إخواننا الذين اتبعوك واقتنعوا بفكرتك. ما عدا بعض من التحق عندما فتحت الأبواب المؤدية للبرلمان والوزارات. وهذا أمر وارد في جميع الحركات الاجتماعية والسياسية.
أيها الأخ شكر الله سعيك وأثابك بأجر المجتهد، وإني لأصدق حديثك عن الآخرة ونصحك الإخوان بالله عز وجل بالآخرة. و لا أشك في عدم اكتراثك بجمع المال وطلب الدنيا، لكن آخر ما يخرج من قلب العارف بالله حبالرئاسة، ولعلها آفتك. ولقد طلبها من هو خير منك وخير مني وورثّها ابنه. وكذلك تهورك ولو في عظائم الأمور وأستاذيتك، وما لازمتك "فهمتي و لا لا ؟" إلا دليل على ذلك. إنما مجال هذه النصيحة والتذكير تدينك العام وشؤون سياسة أمر الأمة، لا تدينك الشخصي. واصبر نفسك على سماع القول البليغ مني فالأمر جد و لا مجال فيه للمحاباة.

عبد الله الشيبانينحن نفصل بين ما يحكى عن معاوية وعن هارون الرشيد الملكين الأموي والعباسي من بكاء وخشوع وورع في تدينهم الشخصي عند سماعهم لموعظة الموت، نفصل بين هذا وما يحكى عن عدم بكائهما وعدم خشوعهما وعدم تورعهما عند تأسيس وتثبيت الملك الوراثي في الأمة، على خلاف الخلفاء الراشدين المهديين الذين تربوا تربية المهاجرين والأنصار -لا تربية مسلمة الفتح -الذين لم يورثوا حكما. وكذا على خلاف الخليفة عمر بن عبد العزيز_رضي الله عنه_الذي ارتقى ورعه إلى رفض الملك الذي أتاه بالوراثة ولم يقبله إلا بشورى الأمة. وتلك هي التوبة العمرية التي نقترحها على الحكام. ولقد أكد ذلك -رضي الله عنه - بإقامة العدل و إرجاع أموال الأمة وحفظها من المفسدين بينما لم ولا يفعل ذلك الملوك الورثة. لقد وقَتْه من تلك الزلة صحبة كانت له -وهو ولي للعهد-لأب روحي متمكن و عالم بحق ساعده على الارتقاء بإيمانه في مدارج الإحسان. فقوّاه إحسانه على اتخاذ الموقف الشرعي في الحكم وكبح النفس عن أخذ أموال الشعب له وولعائلته ولبطانته وعن الميل لمباهج الدنيا. هذه هي علاقة الشورى والعدل بالإحسان، الذي هو أعلى مراتب الإيمان، و الذي يجب أن يترقى فيها كل طامح في إمامة الأمة. و هذه هي التربية ثم التربية ثم التربية التي لا نمل من تكرارها و التي يجب أن يعكف عليها الدعاة و الولاة أكثر من غيرهم. فعلى حسب مستوى إمامتك يجب أن يرقى إيمانك الذي يقويك و يكبح أهواءك. إيمان يعطي خلقا و عملا صالحا في السياسة أو في الاقتصاد أو في الاجتماع. و فوق ذلك و لمزيد من ضمان العدل يجب أن يستعين الإمام المحسن -الذي لا يأمن على نفسه الانحراف ولا نأمن –بالجماعة و بالشورى الملزمة لا المعْلمة كما يفعل مدعو تطبيق الشريعة. وأي شريعة !؟ شريعة قطع يد سارق خبزة يطفيء بها لظى جوعته و ترك سارق بترول الشعب يعيث سفها في مال الأمة.
مرجعيتنا الحقة في أمر سياسة شؤون الأمة على مر تاريخ المسلمين هم الخلفاء الراشدون الخمسة و الملوك الصالحون، أمثال الملك جنكيز خان و صلاح الدين الأيوبي و يوسف بن تاشفين و المولى إدريس وغيرهم ممن تلقوا تربية إحسانية على يد علماء ربانيين صادقين أعطتهم تقوى و ورعا كافيين لتحمل أعباء الحكم من شورى و عدل و حفظ لحقوق الناس، و صانت نفوسهم أن تعيث فسادا في أموال الأمة و أعراضها كما فعل الملوك الأمويون و العباسيون و المماليك و ملوك الأندلس و كل من لم يصلح من الملوك الذين حكموا البلدان الإسلامية.
إن ما يؤخذ عليك هو عدم تورعك في تصدر جماعة شباب صادق طاهر وسوقهم إلى خدمة الملكية والمخزن دون التسلح لذلك بسلاح العلم والصدق والإيمان اللازم للموقع والمكافئ لهذه المهمة. فلكل حرب عدتها وعتادها. إن قيادة المؤمنين تقتضي استعدادا خاصا وتأهيلا استثنائيا يتميز بأقصى مستويات الإيمان والإحسان وأقصى مستويات استيعاب منهاج القرآن الكريم والسنة المطهرة في تدبير شأن الجماعة المؤمنة والمجتمع المسلم. إيمانا وإحسانا يفطمك عن مطالب الأهواء ومزالقها، ثم جماعة وشورى حقيقية تقومك عند الالتواء. لا نحكم على فلان أو علان،كيفما كان، بالربانية أو بالولاية أو بالإحسان، فعلم ذلك عند الله، إنما يحكم عليه و يدل على ذلك خلقه وسلوكه وعمله. ولا دليل أكبر على قوة الإيمان أكثر من العمل الصالح. فالرجال يُعرفون بالحق والعدل ولا يُعرف الحق والعدل بالرجال.
عجبا لك كيف تجرأت لتحمل هذه المسؤولية العظمى! ويا ليتك فررت بتدينك الفردي من الفتنة الأولى كما فعل كمال ابراهيم رحمه الله أو من مسؤولية الحركة كما فعل أحمد الريسوني عندما بدأ يصطدم بالخطوط الحمراء "المقدسة" إذ يُحرجه علمه وتقواه أن ينصاع لها، فاختار المنزلة بين المنزلتين. وكلما نضج فقه العالم وتقواه كلما رأى الحق حقا وانصاع له.
استفت نفسك بنفسك مع نفسك بين يدي ربك، ولو أفتاك علماء السلطان وأفتوك: هل الملك الوراثي من الإسلام؟
هل ما نحن بصدده إمارة المومنين حقا؟ قارن بين "أمير المؤمنين" و أمير المؤمنين !!
إنك لتعلم أنه يستحيل تطهير فساد الحقول و علاج ثمارها التي تسقى من ماء المنبع الفاسد، إن لم يطهر الماء من المنبع.
أم هل وقع التطبيع مع مرافق ومكاتب ودواوين ورحاب دار المخزن، ولم تعد العين ترى الظلم الواقع على الشعب المستضعف في أرزاقه وحقوقه، ويستهين القلب باعتداء شرطة المخزن على المطالبين سلميا بحقوقهم في الشغل أو الأجرة الكريمة وتكسير عظام حتى المكفوفين وجماجمهم و بالحكم ظلما على البرءاء بعشرات السنين من السجن.
هل أنت من تأمر بالقمع و تشميع البيوت و السَّجن؟ أم هو وزيرك في الداخلية الذي تبرأ؟ أم من؟
أم هل وقع الانخداع بابتسامات العفاريت ودموع التماسيح التي ركنت إليها. إنه الاستدراج الذي يبرع فيه الشيطان وتستحسنه النفس حتى يزين للمرء ما كان بشعا. وهذه نتيجة الركون الذي حذر منه كتاب الله عز و جل.
كم كانت جرأتك واستماتتك في اقتراف هذا الاجتهاد، ويا ليته كان اجتهادا في أمر تدين فردي يخصك في ترجيح حكم من حرام إلى مكروه، يغفره الله، أو من واجب إلى مستحب. لكنه أمر تدين جماعي يهم آلاف الشباب و الكهول وملايين المصوتين الذين وثقوا باجتهادك فوجدوا أنفسهم في آخر المطاف ألعوبة بيد حكام ظلمة. أنظر فلقد بدأ يستيقظ أتباعك من الحلم الجميل -لا الرؤيا -وينتفضون عليك في أكادير و وجدة و طنجة، وانصرف الناخبون عن صناديق الاقتراع فلم يصوت إلا أكثر من 10 % بقليل في اقتراع المقاعد الأخيرة.
هذه نصيحتي إليك أيها الأخ، ولعل الكثير من أقراننا ممن هم معك يجدوا فيها تعبيرا عما يخالجهم لكن أحجموا عن تقديمها، وهل يجرؤ أحدهم على فعل ذلك أمامك. يتفادى الكثير منهم أذى لسانك ويتحرجون من إسفاف خطابك.
تب إلى الله عندما بدأت تبصر التماسيح تماسيحا والعفاريت شياطينا، وتتيقن أنهم لن يسمحوا لك بتاتا بتجاوز الخطوط الحمراء التي تحمي هيمنتهم على الحكم وسفكهم لأموال الشعب. ها قد وُضع لك و لوزرائك الخط إزاء الصطايل وخط إزاء المهرجانات وخط إزاء رخص أعالي البحار والرمال وخط إزاء استغلال الأراضي الشاسعة و الغابات و المناجم من بعض الأمراء و الجنرالات وخط إزاء ميزانية القصر، التي تُعد "الأكثر كلفة بالنسبة لميزانية الدولة من بين أكثر الملكيات ثراء في العالم "،وخط إزاء تعيين كبار المسؤولين وخط إزاء "سيدي فؤاد" والمستشارون و الكتاب العامون للوزارات والوزراء المنتدبون وخط وخط وخط.
و اعلم أنهم لن يغفروا لك حسنتك في عدم ركوعك في صلاة البيعة، في الوقت الذي ركع فيه المهرولون. أنظر فهم الآن يفعلون. يمسحون فيكم كل قبائحهم ويجعلون حقد الشعب الذي أكلوا خيراته ينفجر في وجوهكم. و"بهدلوكم" حتى بدأتم تفقدون توازنكم، فمن وزير يتعارك مع المحتجين، كما كان يفعل و هو طالب في كلية حقوق البيضاء، إلى برلماني ينادي بالعين الحمراء و الردع. وهاهم يعدون العدة "لمناديل" أخرى. ولن نستغرب، ما دمنا في المغرب، إن سمعنا أن الفزازي أو أبي حفص أو الكتاني أو الحدوشي أصبحوا يوما في الحكومة القادمة عن طريق حزب "سيدي فؤاد" أو شباط الذي بدهائه أعاد بعضا من عذرية حزب الاستقلال وتزعمه رغما عن أهل فاس.
كن جريئا كما كنت في الانخراط في هذه المغامرة وتب بتقديم استقالتك من لعبة حشرتك نفسك فيها ولا طاقة لك بإنجاز شيء ذي بال، ولا تستسلم لعملية المسخ التي يتقنها المخزن. ولو أن الآخرين المتأخرين من أعضاء الحزب، أمثال من لم "يشرفهم" حضورنا في مؤتمر حزبك وشرفهم حضور الصهيوني، الذين هرولوا للمناصب وذاقوا حلاوة الكراسي وألفوا دفأها، ممن سيستسلمون للمسخ ويبررونه ويستمرون في إعطاء اللعبة "الألعوبة" -كما وصفها عبد الهادي بوطالب رحمه الله –،في إعطائها مصداقية لتبرير بقائهم في الحلبة. فلقد سكن بعض شباب دعوة السبعينات الذين أتوا من أحياء ضواحي الرباط والبيضاء و الذين أتوا من بعض القرى ومن بني ملال و الرشيدية و وجدة و القنيطرة، سكنوا الفلات الفسيحة في حي الرياض و لوازيس و تضاعفت ميزانية بيوتهم أضعافا كثيرة. أنظر فلقد ذهب هم الدعوة وصلاة الصبح في المسجد عند الكثير منهم أدراج الرياح. رياح الدنيا التي بدأت تُبسط لكم باعتلاء المناصب، إذ يشاع أن مكاتب بعض وزرائك و بعض الموظفين السامين أصبحت مكاتب لتسيير مشاريعهم ومقاولاتهم و يحكى أن الوزير الفلاني أصبح لا يقنع إلا بجلابة 3000 درهم و الآخر إلا بهندام 7000 درهم أو أكثر. بينما كانوا يقنعون بـ "حوايج البال" و قمصان السعودية.
"ارحل" يقول لك المستضعفون من الشباب و الطلاب والعمال وموظفو الإدارات العمومية بكل أصنافهم والمقاولين الصغار والمتوسطين، لأنهم لم يروا بصيصا من الأمل في قدومك إلى الحكومة. وأقول لك -و للإخوان -أهجرهم هجرا جميلا، مكرّما لا مُهانا، باستقالة بيّنة، ولا تستمت في الركون إليهم فلن ينفعوك لا في الدنيا ولا في الآخرة.
و إلا جرب صدق الملك الطيب الكلام والمعاملة واقترح عليه، ما دمت تحظى بمقابلته ومهاتفته، أن يقوم بثورة على ثروته لصالح الشعب و يكون الحل الجذري لمعظم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلد. هذه الثروة التي لا تجد لها ذكرا في كلامك أبدا و كأن كتاب "الملك المفترس"لم يقرأ وكأن مجلة فوربس لم تنشر شيئا.
فلتكن ثورة الملك والشعب حقيقة واقترح عليه فعل ما يلي:
1. تحول القصور الثلاثين (أو العشرين أو العشرة) إلى جامعات أو معاهد و تحول ميزانياتها إلى ميزانيات تجهيزها و تسييرها. ستتضاعف طاقة إيواء الطلاب المتكدسين في المدرجات البئيسة الحالية و تتحسن ظروف تعلمهم. و تخصص إقامة باريس لإيواء طلبتنا في فرنسا. ستجنب بذلك على الداودي فرض الإتاوات و الصكوك على دخول الجامعة و المعهد.
2. توزع أسهم الهولدينك الملكي أونا وسيجر على الفقراء والمعوزين والمعوقين. مما سيضمن مدخولا شريفا و ثابتا لهم من الأرباح الضخمة ( رسميا حوالي 3 مليار درهم برقم معاملات 4 مليار دولار سنويا) التي تحصد من تجارة الحليب و السكر و الشاي و العقار والأبناك و مقاولات التأمين و الصناعات المختلفة و التحويل و الطاقات المتجددة و من مناجم الذهب و الفضة ومن مداخيل الخيل المسومة و الأنعام و الحرث الصيد . بدل قفة الخمسين درهما التي توزع عليهم في التلفزة في رمضان. و سيوفر ذلك الكثير الكثير على صندوق المقاصة.
3. تخفض ميزانية القصر إلى النصف فقط وتضاف الى ميزانيات الوزارت الأخرى لتتمكن من توظيف العاطلين الذين يهرمون في التظاهر في شوارع الرباط.
4. عندما تعطي الدائرة الملكية المثال في هذا السلوك، ستقتدي بها حتما الدوائر التي تليها ثم التي تليها وحتى الهولدينكات العائلية الإحدى عشر الباقية، التي تملك أكثر من نصف ناتج البلد الخام، ستنحو منحى المقاولة المواطنة وستنخرط في برامج مثل هذه وسيتفتق خيالها لمزيد من الحلول الإبداعية في تنشيط الثروة والاقتصاد و تأهيل العاطلين وتشغيلهم.
آنذاك سيسترجع الشعب الثقة في الحكام و في أصحاب الأموال وسينهض للعمل والإنتاج وستنطلق مسيرة التنمية حتما.لا ينتظر الشعب المسكين إلا إشارات مثل هذه لكي يصدق الأقوال التي أتخمته وأضجرته و ستكون -لا قدر الله - سبب فورانه.
واجب أهل الدعوة أن يؤهلوا الشعب لكي لا يبقى قطيعا غير مسؤول،كما يريده الملأ الأعلى، يرعى و يُساق إلى حيث تسلب خيراته. لا أن يُستعملوا في تدبير الفتات الذي يلقى إليه من على المائدة التي عليها يقتسموا معظم ثروته و يدبروها. ولا أن يُستعملوا في ضمان استقرار عملية السلب والاقتسام. استقرار الملأ والشعب يتجرع آلامه في فتنة يومية مع رغيفه وسكنه و طبيبه ودراسة أبنائه وطاعون إدارته ؟والفتنة أشد من القتل.
وأخيرا، أملنا في الله كبير أن تكون تجربتكم القاسية في العمل في ظل نظام المخزن درسا نافعا لكم و لنا وللأمة في مستقبل تعاوننا في بناء دولة القرآن الآتية-يقينا بإذن الله -، عندما يأذن الله بزوال الملك الجبري بكل أشكاله الجاثم بكلكله على صدر الأمة، وأن لا يحرمكم أجرها.
أسأل الله لي ولك وللمؤمنين ولكافة المسلمين الحفظ من الزلل، والأوبة بعد الحوبة، والتوفيق لما ينفع امة رسول الله صلى الله عليه وسلم و يجعلها في غذ الإسلام خير أمة أخرجت للناس. خيرية بدولة القرآن التي ترد المظالم و تضمن الحقوق في التعلم والتدين وحرية الاختيار-إذ لا إكراه في الدين - والصحة والسكن اللائق و الأمن و العمل الشريف. تعدل وتقسط وتنصف وتربي وتنتج وتخترع، هذا قبل أن تزجر بالحدود الشرعية التي بها تتم الخيرية.
و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و على صحبه العدول الميامين و إخوانه و حزبه إلى يوم الدين، آمين آمين آمين.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
حررت بسلا ليلة الجمعة 17ذي الحجة 1433 الموافق ل 02 نونبر 2012