قال البنك الدولي في تقرير له تحت عنوان "الاقتصاد المغربي في مواجهة صدمات العرض"، إن الاقتصاد المغربي تعرض بعد انتعاش قوي في أعقاب جائحة كورونا في العام الماضي، لضغوط متزايدة بسبب تداخل صدمات سلاسل الإمداد: موجة جفاف شديدة وزيادة هائلة في أسعار السلع أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات التضخم.
وأوضح البنك في تقريره الذي صدر يوم الثلاثاء أنه من المتوقع أن يتسارع النمو الاقتصادي في المغرب إلى 3.1% في عام 2023، وذلك بفضل انتعاش القطاع الرئيسي. وأشار إلى أنه لا تزال مخاطر التطورات السلبية قائمة بسبب التوترات الجيوسياسية، ومنها الحرب على أوكرانيا، وتباطؤ أنشطة الشركاء التجاريين الرئيسيين للمغرب في منطقة اليورو، والصدمات المناخية المحتملة الجديدة.
وأوضح البنك الدولي، أنه وحتى يتسنى التخفيف من آثار زيادة أسعار المواد الغذائية والطاقة على الأسر المعيشية، اعتمد المغرب حزمة سياسات تضمنت تقديم دعم عام للمواد الغذائية الأساسية وعدم زيادة أسعار السلعة المنظمة. وأدى هذا النهج إلى استقرار أسعار السلع والخدمات التي تستحوذ على نحو ربع من متوسط إنفاق الأسرة، وبالتالي تم تجنب حدوث زيادة أكبر في معدلات الفقر. وتطلب ذلك تعبئة إنفاق عام إضافي يصل إلى نحو 2 % من إجمالي الناتج المحلي.
لكن وعلى الرغم من هذه التدابير، قال البنك إنه لا تزال الأسر المتواضعة والأكثر احتياجا تعاني أشد المعاناة من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأسعار بسبب التضخم.
وأكد أن الإصلاح الكبير المزمع لشبكات الأمان الاجتماعي في المملكة، سيسمح بوصول الدعم بشكل فعال إلى مستحقيه ومساندة الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا.
ورغم ذلك أوضح أنه في المستقبل، يمكن أن تكون أدوات الحماية الاجتماعية الموجهة بشكل أفضل (مثل التحويلات النقدية) أداة أكثر فعالية من حيث التكلفة للتخفيف من آثار صدمات العرض هذه.
وقال إن حصة غير متكافئة من الموارد العامة اللازمة لدعم الأسعار غير المستهدفة في المغرب تعود بالفائدة على الأسر الأكثر تراء الذين يستهلكون بالأرقام المطلقة الكثير من السلع المدعومة، وهذا ما "يبرر تماما استبدال الإعانات الحالية بعلاوات الأسرة كجزء من الإصلاح الجاري للصحة والحماية الاجتماعية. مثل هذا المخطط المستهدف سيسمح للحكومة بحماية الأسر الفقيرة بشكل أكثر فعالية وكفاءة من آثار تدهور البيئة الاقتصادية".
وبحسب التقرير فقد اتبع بنك المغرب نهجا اتسم بالحكمة إزاء الوضع الاقتصادي الحالي، حيث رفع أسعار الفائدة، وتابع يمكن للسلطات النظر في استكمال الجهود المناهضة للتضخم بسياسات هيكلية لتخفيف قيود العرض.
وأوضح أن تتوقف استجابة السياسة النقدية المثلى للمغرب على استمرار التضخم وما إذا كانت آثار الجولة الثانية ستصبح أكثر احتمالا مع استمرار ضغوط الأسعار في الانتشار عبر الاقتصاد.
وأشار إلى أنه في هذا الوضع المعقد، يمكن للسلطات النظر في استكمال جهود مكافحة التضخم بسياسات هيكلية لتخفيف قيود العرض، "لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية، حيث يرجع الاختلاف الكبير بين أسعار المزرعة والتجزئة جزئيا إلى اختلالات السوق".