بالتزامن مع تكليف السلطات الجزائرية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لعقد قمة "عربية علمائية"، لإدانة التطبيع مع إسرائيل، في محاولة منها لتجاوز عجزها عن دفع القمة العربية لإدانة التطبيع، استقبل رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، إبراهيم بوغالي، "الخليفة العام للطريقة التيجانية"، سيدي علي بلعرابي التيجاني.
وتزامن هذا اللقاء أيضا مع التحضيرات الجارية لتنظيم المؤتمر الـ 17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المقرر أن تحتضنه الجزائر خلال الأشهر المقبلة.
?رئيس المجلس الشعبي الوطني يستقبل الخليفة العام للطريقة التيجانية
— المجلس الشعبي الوطني (@apnalgerie) November 16, 2022
✅استقبل #رئيس_المجلس_الشعبي_الوطني، السيد #إبراهيم_بوغالي، اليوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022 بمقر المجلس #الخليفة_العامة_للطريقة_التيجانية #سيدي_علي_بلعرابي_التيجاني.https://t.co/T8ccoB9W5g pic.twitter.com/Gl91csr1g8
وخلال هذا اللقاء الذي جرى يوم أمس الأربعاء قدم "بوغالي اقتراحا لبرمجة زيارة لفائدة المشاركين في هذا المؤتمر إلى مقر الخلافة التيجانية باعتبارها معلما دينيا متوهجا يشكل مصدر علم وإشعاع روحي لآلاف الأتباع والمريدين في شتى أصقاع القارة وخارجها"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.
إلى جانب ذلك، "تم تقديم اقتراح آخر بترجمة الكتيب الذي يعرف بمؤسس الطريقة الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية من أجل تقديمه كدليل للمشاركين في المؤتمر حين زيارتهم إلى دائرة عين ماضي التي يقع بها مقر الخلافة العامة للطريقة"يضيف المصدر ذاته.
صراع قديم جديد
وتحاول الجزائر من خلال هذه الخطوة، نسب الطريقة التيجانية التي يتبعها الملايين في القارة الإفريقية والعالم، إليها، وتصر على ادعاء أن مقرها يوجد في مدينة عين ماضي الجزائرية، وأن الزاوية الموجودة في المغرب مجرد فرع تابع لها.
وسبق لوسائل إعلام مقربة من السلطة في الجزائر أن أشارت إلى أن الجزائر تحاول "قطع الطريق أمام استحواذ المخزن على الخلافة التيجانية"، وتعمل على "تأكيد عين ماضي بالجزائر بصفتها مرجعية الطريقة التيجانية، في إشارة ضمنية إلى أن باقي الزوايا عبر العالم ليست سوى فروع من الأصل الجزائري".
ويعود الصراع المغربي الجزائري حول الزاوية التيجانية التي ولد مؤسسها وشيخها الشيخ أحمد التيجاني بالجزائر ثم تعلم واستقر وتوفي بالمغرب، إلى عقود، فقد حاولت الجزائر تنظيم ملتقى لهذه الزاوية في الثمانينات، غير أن وزير الأوقاف المغربي الراحل عبد الكبير العلوي المدغري نجح في إقناع شيوخ ومقدمي الطريقة التيجانية الأفارقة بمقاطعته. وفي سنة 1986 احتضنت المملكة ملتقى كبير لهذه الطريقة بفاس، وأعلن المشاركون فيه دعمهم لمغربية الصحراء.
وفي سنة 2006 نظمت الجزائر ملتقى آخر للتيجانيين، قاطعه المغرب وعدد من شيوخ هذه الطريقة الصوفية، وبعد سنة من ذلك نظم المغرب ملتقى آخر قاطعته الجزائر، غير أنه تميز بمشاركة قوية من منتسبي الطريقة من مختلف الدول الإفريقية.
وفي سنة 2014، احتضنت مدينة فاس ملتقى دوليا للطريقة التيجانية، شهد مشاركة أكثر من 1000 ممثل لهذه الطريقة الصوفية في 47 بلدا عبر العالم، رغم محاولة الجزائر التي قاطعت الملتقى، ثني مئات المريدين من دول السنغال وجامبيا وموريتانيا والبنين وغينيا ومالي، عن الذهاب إلى المغرب.
وقال منتسبوا الزاوية التيجانية في الجزائر في حينه، إنهم قاطعوا الملتقى، احتجاجا على توجيه السفارة المغربية دعوة إلى "علي التجاني" الذي يصف نفسه بأنه الخليفة العام للطريقة التجانية، باسمه الشخصي وليس بصفته.
وفي أكتوبر من سنة 2021، نظمت الجزائر تحت رعاية الرئيس عبد المجيد تبون، ملتقى دوليا في مسجد سيدي عبد الجبار بمدينة عين ماضي، للزاوية التيجانية، تحت شعار "سيرة الحبيب المصطفى في عرفانيات القطب المكتوم سيدي أحمد التيجاني".
وفي شهر مارس من سنة 2022، قام شيخ الزاوية التجانية سيدي محمد الكبير بن سيدي أحمد التجاني بزيارة للسنغال رفقة وفد عالي المستوى من حفدة الشيخ التجاني وعلماء الطريقة. وبعد أشهر من ذلك أرسلت الجزائر الجزائري الشيخ علي بلعرابي التيجاني، إلى السنغال واستقبله الرئيس ماكي سال، وقالت الزاوية الجزائرية إن هذه الزيارة تهدف إلى "تمتين العلاقات الأخوية الثنائية وترقيتها بين الخليفة العام والزوايا التيجانية الكبرى الأخرى في العالم، وكذا ترسيخ مبادئ التشاور والتعاون التي ترتكز عليها الطريقة".
المغرب متقدم بخطوات
لكن رغم المحاولات الجزائرية فإن إشعاع الزاوية التيجانية بفاس يبقى كبيرا، وعلى عكس ما ترغب فيه الجزائر ينظر إلى الزاوية التيجانية بعين ماضي، بأنها مجرد فرع تابع للزاوية المغربية. ويقدم المغرب سيدي محمد الكبير التجاني باعتباره شيخ الطريقة، فيما تروج الجزائر لكون سيدي علي بلعرابي التيجاني هو شيخ الطريقة.
وعلى عكس الزاوية الجزائرية، يبقى تأثير الزاوية المغربية كبيرا في القارة الإفريقية، وفي نونبر من سنة 2016، التقى الرئيس النيجيري محمادو بخاري، بشيخ الزاوية التجانية المغربية محمد الكبير بن سيدي أحمد التجاني، في العاصمة أبوجا، وذلك في إطار سعي السلطات الجزائرية لمواجهة جماعة بوكو حرام المتطرفة.