خصص العقيد الليبي السابق عبد السلام جلود الذي ظل لفترة طويلة الرجل الثاني في ليبيا، قبل أن يقرر الانقلاب على الزعيم الليبي معمر القذافي سنة 1993، جزءا من مذكراته التي نشرت هذه السنة للحديث عن نزاع الصحراء الغربية.
ورغم أن جبهة البوليساريو تأسست في 10 ماي 1973 في الزويرات بموريتانيا، وهو التاريخ الذي تحرص قيادة الجبهة الانفصالية على تخليده سنويا، إلا أن العسكري الليبي السابق، قال إن القذافي أعلن عن تأسيسها سنة 1972، بحضور الرئيس الجزائري الذي تلقى الإعلان "بمفاجأة وابتسامة ساخرة".
وأكد المسؤول الليبي السابق أن التحفظات الجزائرية على تأسيس البوليساريو استمرت إلى غاية تنظيم الملك الحسن الثاني للمسيرة الخضراء في نونبر 1975. يذكر أن بومدين كان قد أعرب رسميا في قمة جامعة الدول العربية عام 1974 بالرباط، عن دعمه للمطالب المغربية والموريتانية في الصحراء.
هزيمة الجيش الجزائري في أمغالا
كما قدم العقيد الليبي السابق رواية مختلفة تماما عن الرواية الجزائرية بخصوص حرب أمغالا، وأكد أنه بعد هزيمة الجيش الجزائري أمام الحيش المغربي، أرسله القذافي على وجه السرعة إلى الجزائر العاصمة.
وقال "قدمنا لبومدين كل مواردنا العسكرية، لأننا اعتبرنا أن المشكلة ليست الصحراء بل المواجهة بين الثورة الجزائرية والنظام الإقطاعي في المغرب. لقد أرسلنا أسلحة وذخائر إلى الجزائر، بما في ذلك الشحنة الأولى لدبابات T-62 (السوفيتية) التي وصلت لتوها إلى ميناء طرابلس".
وعرض جلود بحسب مذكراته على بومدين أن يطرق باب الاتحاد السوفيتي، وبالفعل سافر الاثنان سرا إلى موسكو للقاء الرئيس ليونيد بريجنيف، و"خلال الاجتماع، طلبت من بريجنيف تزويده بالأسلحة التي تطلبها الجزائر وأكدت له أن ليبيا مستعدة لدفع الفاتورة، كانت زيارة ناجحة".
وعلى الرغم من الدعم العسكري والمالي لجبهة البوليساريو، قال العقيد الليبي إنه يأسف "لتخلي الصحراويين عن القذافي" خلال إعلان "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" في 27 فبراير 1976.
وكما كان الحال عندما تأسست الحركة الانفصالية عام 1972، لم يكن الرئيس الجزائري بحسبه يؤيد اتخاذ هذه الخطوة، غير أن القذافي تدخل وأقنعه، ثم طلب الزعيم الليبي من الرئيس الجزائري "الاعتراف أولاً بالجمهورية الصحراوية على أن تحذو ليبيا حذوه خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة"، لكن الاعتراف الليبي تأخر أربع سنوات.
كما تحدث في مذكراته، عن حرص القذافي على دعم المحاولة الانقلابية على الحسن الثاني سنة 1971، وقال "كنا مصممين على القيام بمغامرة بإرسال طائراتنا لتفجير مقر الإذاعة المغربية والقصر الملكي وأهداف أخرى، لكن الرئيس الجزائري لم يأذن لطائراتنا بالإقلاع من المطارات الجزائرية لتنفيذ عمليات في المغرب".