أفادت دراسة حديثة أجراها مركز الأبحاث الهولندي ترانزناشيونال إنستيتيوت ومرصد الشركات الأوروبية، الذي يوجد مقره بروكسل بأن برامج تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا من طرف دول شمال إفريقيا ليست مجدية اقتصاديًا، وأنها غير واقعية فيما يتعلق بنقل الطاقة.
وأشارت الدراسة إلى أن استراتيجية الهيدروجين لعام 2020 للمفوضية الأوروبية تركز بشكل كبير على استيراد الهيدروجين "الأخضر" القائم على مصادر الطاقة المتجددة من شمال إفريقيا (المغرب والجزائر ومصر) وأوكرانيا.
وتركز الدراسة على حالة ثلاث دول في شمال إفريقيا هي المغرب ومصر والجزائر، تبنت بشكل متزايد في السنوات الأخيرة سياسات، تقوم على إنتاج الهيدروجين، تلبية لحاجة الاتحاد الأوروبي وشركاته.
وتخطط هذه الدول لتصنيع المنتجات القائمة على الهيدروجين والهيدروجين الأخضر، وشحنها إلى الاتحاد الأوروبي عبر السفن وخطوط الأنابيب، للمساعدة في تلبية هذا الطلب المتوقع.
وقالت الدراسة إن هناك علامات استفهام كبيرة حول ما إذا كان يمكن تصدير الهيدروجين الأخضر بأسعار جذابة بدرجة كافية، نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل.
وأوضحت أن شحن الهيدروجين الأخضر عن طريق البحر يستغرق ثلاثة أضعاف الطاقة لتسييله كما يتطلب الغاز الطبيعي، في حين أن نفس حجم الناقلة لن يحمل سوى 27٪ من الطاقة.
وتابعت أن نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب يؤدي إلى إتلاف الأنابيب نفسها والأجهزة الإلكترونية الموجودة داخلها. وستتطلب كثافة الهيدروجين مضاعفة الطاقة المستخدمة ثلاث مرات، وبالتالي مضاعفة تكلفة ضخها عبر خطوط الأنابيب.
وبحسب الدراسة فإنه يمكن للهيدروجين الأخضر أن يكلف ما يصل إلى 11 مرة أكثر من الغاز الطبيعي لكل وحدة طاقة بالأسعار قبل أزمة الطاقة الشتوية وغزو أوكرانيا.
وأكدت أن الهيدروجين مكلف للتوزيع عبر الشحن وخطوط الأنابيب، ولهذا السبب يتم تصنيع الغالبية العظمى منه اليوم عند نقطة الاستهلاك. وتساءل واضعو الدراسة "هل ستكون أوروبا على استعداد لدفع هذا الفارق الكبير في الأسعار؟".
ودعت الدراسة حكومات وشركات شمال إفريقيا إلى الحذر من الوعود بأسواق تصدير كبيرة لتصنيع وشحن الهيدروجين الأخضر والوقود الاصطناعي المصنوع منه.
"ليس من المنطقي بالنسبة للمغرب أو الجزائر أو مصر استخدام الكهرباء المتجددة لإنتاج الهيدروجين والمنتجات من الهيدروجين، ثم شحنها إلى أوروبا مع خسارة كبيرة في الطاقة، حتى يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق خفض في الانبعاثات المناخية. وهل سيكون المستهلكون الأوروبيون على استعداد لدفع الفاتورة الكبيرة جدًا؟ قد يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إعادة فحص استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين، ولا سيما أهداف الاستيراد الخضراء، وإعادة تقييم جدوى وتكلفة تحقيقها".
يذكر أنه جرى الحديث عن العديد من مشروعات الهيدروجين في بلدان شمال إفريقيا، وخاصة المغرب، حيث سبق لشركة توتال إرين الفرنسية أن أعلنت عن نيتها بناء منشأة بقيمة 10.7 مليار دولار أميركي في جنوب المملكة على مساحة 170 ألف هكتار.
كما سبق للحكومة الألمانية أن وقعت في يونيو 2020 مع المغرب اتفاقا لإقامة مشروع طاقة الهيدروجين الأخضر، بالاعتماد على طاقة الشمس والرياح.