ثمن الرحلة وظروفها من أجل الهروب من بلد لجنرالات وعبد العزيز بوتفليقة والدخول إلى المغرب حيث العوائل السورية التي سبق لها واختارت المغرب للاستقرار هو الرهان الذي يحرك هؤلاء اليوم، حكايات هؤلاء السوريين تكشف المعاناة الفعلية التي يعيشها هؤلاء الهاربون من جحيم بشار الراغبون في عيش حياتهم العادية بعيدا عن آلية القتل الدموية التي اختارها «إبن حافظ» سبيلا للحفاظ على عرشه المزور مهما كان الثمن. هم مئات السوريين أطفال، نساء، عجزة وشباب.. سلكوا طريق الهرب من من قدائف وطائرات الأسد، بعضهم هرب من سوريا برا إلى الأردن أو العراق ليضطر إلى السفر بعدها إلى الجزائر وبعضهم تحايل على القمع السوري واختار والوصول إلى الجزائر بالسفر من دمشق إلى الجزائر جوا، أملا في ملاذ آمن يحيهم من مسلسل القتل الذي يباشره «بشار الأسد» منذ أزيد من سنة ونصف.. ليجدوا أنفسهم داخل بلد لا يعترف بحقهم في المطالبة بالحرية والكرامة ولا يعتبرهم لا جئيي حرب، بقدر ما تشتغل آلية المخابرات الجزائرية لتعيد ترحيلهم إلى سوريا أو الدفع بهم إلى العودة إلى البلدان التي قدموا منها، أو في أحسن الأحوال أن تحبس أنفاسهم حتى حد الإختناق.
هم اليوم أزيد من 3000 سوري، ينتظرون بالمدن الحدودية بين المغرب والجزائر فرصتهم للدخول إلى المغرب، هربا من عيون مخبري الحزائر ومن التهديد المستمر بترحيلهم وتسليمهم إلى كتائب الأسد، وأيضا هربا من تنامي حالات التحرش التي باتت تستهدف السوريات في الجزائر، تحرشات حولت الصبايا السوريات إلى طرف في العديد من الزوجات «زواج المسيار أو المتعة ..أو ربما الاستغلال في العمالة الجنسية».كثير هم السوريين وعائلتهم من استطاعوا الهروب من جحيم بشار وجحيم مخابرات قصر المراديا، ليصلوا بطرق أو بأخرى إلى المدن المغرب، إذ تؤكد مصادر من داخل الجمعيات النشيطة في دعم الشعب السوري بالمغرب توافد أزيد من 300 عائلة سورية إلى المغرب منذ اعلان المغرب طرد السفير السوري، وإن نزوح هذه العائلات يتم عبر الحدود البرية الجزائرية المغربية بوساطة تبلغ قيمتها المادية 1000 دولار «حوالي 8500 درهم» للفرد الراشد، كما أن ذات الوسطاء حددوا 250 دولارا للأطفال السوريين المرافيقن لأسرهم..
هي صور يشهدها الشريط الشرقي الشمالي بين المغرب والجزائر «من وجدة إلى العيون الشرقية»، صور ممزوجة بالكثير من المعاناة والآلم والدموع .. وحكايات دماء سالت لأحباء أو أقارب أو آباء فقدوا على أرض سوريا.. لكن سواد هذه الصور يتضاعف مع الاستغلال البشع الذي يتعرض له أبناء سوريا اليوم الفارين من «الأسد النازي» ليجدوا أنفسهم بين أيادي «قمع جنرالات».
«لم يكن بامكاننا البقاء بالجزائر.. سكان وهران طيبون.. لكن لا مكان لنا بالجزائر لأن حكامها يساندون بشار الأسد.. وقد نجدوا انفسنا متابيعن من شبيحة الاسد حتى داخل الجزائر، اخترنا المغرب لمواقفه مع الشعب السوري ولأننا هنا لن نجد من يفتن علينا .. مادم السفير السوري قد طرد من الرباط…» يحكي الحاج يونس.. وهو يحاول أن يلمم عنه تعب ليال قضاها بالحدود المغربية الجزائرية قبل أن يدخل إلى المغرب برا تم ينتقل مشيا على الأقدام إلى وجدة وبعدها إلى الدارالببيضاء ومن تم تبدأ رحلة بحثه عمن يؤمن له مبلغا ماليا للسفر إلى فاس.
فجأة ظهرت ابتسامة الحاج يونس حتى مع معاناته.. ليردد بصوت واثق من كلماته «الحمد لله أننا هنا.. على الأقل نحن بآمان في المغرب ولن نحرم من حقنا في العيش بعيدا عن تهديدات بشار أو تضيق المخابرات الجزائرية..» قبل أن يستطرد في سرد تفاصيل مفاوضاته مع وسطاء الحدود المغربية الجزائرية وكيف صرف كل ما جلبه معه من مال مت سوريا للوسطاء الذين أدخلوه للمغرب «طلبوا مني 1000 دولا لكل واحد منها.. طبعا لا خيار لي إلا الأداء.. لكن للأسف هناك المئات من العائلات العاقلة بالحدود والمصيبة أن هناك بعض العائلات التي يصل أعداد أفرادها إلى 15 الفرد. من ينقدهم لا نعرف.. ومقامهم في الجزائر غير آمن ..» يحكي الحاج يونس وهو يحاول أن يساعد زوجته في ركوب القطار الرابط بين الدار البيضاء وفاس، فهناك من تطوع لاستقباله وأسرته ودبر له عمل بسيط.. يستطيع أن يعيش به إلى أن تتوقف آلة «الحافظ» عن القتل.
عائلة الحاج يونس.. ليست أولى العائلات السورية التي تهرب من الجزائر للمغرب.. ولسيت الأولى التي يتضامن من أجلها مغاربة وسوريين قاطنين هنا بشكل شرعي من أجل إعلالتهم.. عائلة الحاج يونس هي واحدة من عشرات العائلات السورية التي وفر لها تضامن شعبي المغرب وسوريا بيوتا تأويها بمدن فاس، مراكش، مكناس، تطوان، الدار البيضاء، سلا، أكادير.. لسان حال هؤلاء السوريين والمغاربة «احرموا عزيز قوم ..».