فكر المستعمر الفرنسي قديما في إنشاء نفق في منطقة تيشكا، طبعا ليس لسواد أعين المغاربة و إنما لغزو قبائل جنوب الأطلس الكبير، وكان ذلك بمبادرة من الجنرال "دوكون" حاكم مراكش، و بالفعل انطلقت الأشغال سنة 1924، غير أنه تم العدول عن الفكرة و تشييد الطريق التي لا زالت تربط ورزازات بالمدن الأخرى لحد الآن.
نفق تيشكا... المهمة المستحيلة
طريق تيشكا تعتبر من بين إحدى أوعر وأخطر المسالك بالمغرب، بالنظر إلى ارتفاعها الذي يبلغ 2260متر، وكذا بمنعرجاتها التي تمتد على مسافة 146 كيلومتر والتي تعتبر السياقة فيها قطعة من جحيم، وتزداد الوضعية خطورة مع موسم تساقط الثلوج والذي يتسم بالانهيارات الأرضية، مما يتسبب في انقطاع هذا الشريان الحيوي لاقتصاد مناطق ورزازات وزاكورة وتنغير ومناطق أخرى ما بين 12 و20 ساعة عدة مرات في السنة، مما يكلف خسائر هامة وهدر كبير للموارد المادية و في بعض الحالات يتعدى الأمر ذلك إلى خسائر في الأرواح، ناهيك على التأثير السلبي على القطاعات الحيوية كالتجارة والسياحة والسينما...التي تعيش منها أغلب ساكنة المنطقة، علما أنه طريق يعرف مرور أكثر من ألفي عربة يوميا.
هذه الأسباب دفعت المجلس الإقليمي لورزازات في سنة 2006، إلى تبني دراسة خلصت إلى رسم معالم النفق الذي كان من المتوقع أن ينطلق من جماعة "ستي فاضمة "بإقليم الحوز في اتجاه دوار "الصور" بجماعة "تديلي" بإقليم ورزازات، بطول قدر ب 10 كيلومترات و300 متر وبعرض 9 أمتار و65 سنتيمترا، وبكلفة قدرت آنذاك ب 200 مليار سنتيم .
و لكن مشروع نفق "تيشكا" كتب عليه أن يبقى حبيس الأوراق و لم يخرج للوجود لأسباب لا يعلمها إلا صانعوا القرار، فمتى يصبح حلم أبناء المنطقة في تشييد هذا النفق واقعا ملموسا ؟
صفحات التواصل الإجتماعي ترصد ردود الأفعال
حجم الكارثة كان كبيرا، حيث شكل مادة إخبارية دسمة في مختلف وسائل الإعلام الدولية و الوطنية، أما في الشبكة العنكبوتية في المغرب فقد خيم السواد على صفحات التواصل الإجتماعي، و طالب رواد هذه المواقع الدولة المغربية بإعلان الحداد، كما تفعل عند وفاة شخصيات كبيرة في الدولة، فدم المواطن المغربي ليس رخيصا على حد تعبيرهم.
الحادثة أثارت سخط رواد مواقع التواصل الإجتماعي وحمل بعضهم المسؤولية الى وزير التجهيز و طالبوه بالإستقالة عوض تعليق شماعة حوادث السير على الغير و تساءل بعضهم عن دور رجال الدرك و الشرطة الذين يفترض فيهم مراقبة حافلات النقل، خصوصا أن عدد ركاب الحافلة التي تسببت في حادثة يوم أمس تجاوز بكثير العدد المسموح به .
و شبه البعض الآخر الفاجعة الأليمة بأحداث 16 ماي الإرهابية التي خلفت 42 قتيلا وقامت السلطات بعدها باعتقال 3000 مواطن أغلبهم لا يد له فيما وقع، و تساءلوا كم من مسؤول يجب الزج به وراء القضبان، بسبب هذه الحادثة التي خلفت بدورها أكثر من أربعين قتيلا.