بالرغم من أنه لم يصدر أي بيان صحفي أو تصريح لوزيرة الخارجية الألمانية الجديدة أنالينا بيربوك حول العلاقات المغربية الألمانية، لكن ماقامت به وزارة الخارجية الألمانية مؤخرا بهذا الخصوص هو أكثر من مجرد خطوة رمزية، ويبعث الأملفي إعادة الدفء إلى العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية.
فقد صرح دبلوماسي رفيع المستوى في وزارة الخارجية الألمانية بالقول "من وجهة نظر الحكومة الألمانية فإن من مصلحة البلدين العودة إلى العلاقات التقليدية الجيدة والواسعة".
وبعد أيام قليلة من تولي الحكومة الجديدة في ألمانيا مهامها، والتي يتزعمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي ويشارك فيها حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، قامت وزارة الخارجية الألمانية بتحديث المعلومات الموجودة على صفحتها الرسمية بخصوص العلاقات الثنائية مع المغرب. وجاء في هذا التحديث "المغرب حلقة وصل مهمة بين الشمال والجنوب، سياسيا وثقافيا واقتصاديا".
شريك مركزي في شمال إفريقيا
وتضمن التحديث الجديد على صفحة وزارة الخارجية الألمانية عبارات لم تكن موجودة على الموقع سابقا مثل "بالنسبة لألمانيا والاتحاد الأوروبي فإن المغرب "شريك مركزي" في شمال إفريقيا. ففي العشر سنوات الاخيرة قام البلد "بإطلاق العديد من الإصلاحات" ويلعب دورا مهما في الاستقرار والتنمية المستدامة بالمنطقة".
ورغم كل هذا الثناء، فإن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تمر بأوقات صعبة في الوقت الراهن بسبب قضايا خلافية لا تقتصر فقط على ملف الصحراء الغربية، بل تشمل أيضا قضايا أخرى، وهو ما جعل الحكومة المغربية تقوم بسحب سفيرتها في برلين شهر مايو الماضي.
كما قامت الرباط بتعليق كافة أشكال التواصل مع السفارة الألمانية هناك. وبررت وزارة الخارجية المغربية آنذاك هذه الخطوة بأنها جاءت بسبب "إقدام ألمانيا مرارا على أعمال معادية للمصالح العليا للمملكة المغربية".
ومن ذلك موقف ألمانيا من ملف الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو. ففي آواخر عام 2020 وقبل مغادرته لمنصبه، قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتراف من جانب واحد بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وهو ما جعل ألمانيا تدعو إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن، وهذا ما أزعج المغرب.
حل لملف الصحراء؟
وحول الموقف الحالي من قضية الصحراء الغربية أكد الدبلوماسي الألماني عن موقف بلاده السابق والذي لم يتغير منذ عقود، مشيرا إلى أن ألمانيا تدعم جهود المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا في "مساعيه للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين".
بالمقابل يوجد على موقع وزارة الخارجية الألمانية إشارة إلى مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب عام 2007، حيث اعتبر الموقع أن المغرب من خلال مبادرة الحكم الذاتي قدم "مساهمة مهمة" في حل النزاع.
وهناك العديد من الجوانب تبعت على التفاؤل في استعادة العلاقات الدبلوماسية الألمانية المغربيةكامل نشاطها. فالمغرب يعتبر في نواح كثيرة بمثابة المحرك لمنطقة شمال إفريقيا بأكملها. وقد شهدت البلاد منذ سنوات عديدة تعاونا ناجحا مع ألمانيا في مشاريع تنموية كثيرة.
ويأمل الأوروبيون حاليا في تعاون اقتصادي مع المغرب في مجالات مختلفة مثل الطاقة المتجددة التي يحقق فيها المغرب سبقا على كل البلدان المحيطة به. كما أن الرباط تلعب منذ مدة دورا مهما في حل مقبول للأزمة الليبية.
جسر نحو إفريقيا
ويلعب المغرب أيضا دورا في الحوار بين الثقافات والأديان، ففي زيارته للمغرب شهر مارس 2019 وجد البابا فرانسيس إسلاما محافظا لكنه منفتحا وأشاد بالبلاد باعتبارها "جسرا من أوروبا لأفريقيا ومن إفريقيا لأوروبا".
وبعد اتفاقية التطبيع الأخيرة بين المغرب وإسرائيل أصبحت الأنظار أيضا مركزة على التاريخ اليهودي للمغرب. فالمملكة المغربية هي البلد الوحيد في كافة العالم العربي التي يتواجد بها متحف يهودي.