تطرق بوبكر سابك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني، في مقابلة خص بها موقع يابلادي، إلى كيفية تعامل المديرية العامة للأمن الوطني، مع الحجر الصحي وخاصة فترة الإغلاق الشامل، وعن محاربتها للإشاعة والأخبار الزائفة، كما سلط الضوء على تطور المؤسسة الأمنية المغربية، وسرعة تفاعلها مع المواطنين.
وأوضح أن المديرية العامة للأمن الوطني توجد في خط التماس الأمامي لمواجهة الأزمة الصحية، فبالإضافة إلى الحفاظ على النظام العام، كانت تتولى مهام أساسية أخرى كمكافحة الجريمة ومجابهة كل ما يشوش على الإحساس بالأمن، لأن المهم في أي ظرف صعب هو "الإحساس بالأمن، فالمواطن في بعض الأحيان يكون ضحية للخوف أكثر من كونه ضحية للتهديد في حد ذاته".
وأكد أنه مع بداية انتشار فيروس كورونا في الصين، لاحظت المديرية العامة، ظهور "بعض الإشاعات التي كانت تهدد أمن المغاربة"، لهذا تم "إحداث خلية لليقظة المعلوماتية، مهمتها رصد جميع الإشاعات والأخبار الزائفة، التي تهدد الإحساس بالأمن لدى المواطنين".
وأكد سابك أن المديرية العامة للأمن الوطني تعاملت "مع الإشاعة قبل التعامل مع آليات تطبيق حالة الطوارئ الصحية".
وتابع "وإضافة إلى خلية اليقظة، قمنا بوضع تطبيق معلوماتي على مستوى جميع قاعات القيادة في الجهات والأقاليم، تمثل دوره في الإبلاغ عن حالات الخرق المحتملة، حيث يمكن للمواطن من خلال هذا التطبيق الإبلاغ عن تهديد الأمن الجماعي"
"استمعنا على طول مرحلة الحجر الصحي الشامل إلى 156 شخص، تم تقديمهم أمام النيابة العامة أو الاستماع إليهم في محاضر قانونية، أحيلت على النيابة العامة بعد انتهاء إجراءات البحث، ولم نترك الاشاعة تؤثر على أمن المواطنين، مثلما وقع في دول أخرى".
تراجع للجريمة
وكشف أنه خلال فترة الحجر الصحي الشامل "لاحظنا تراجعا للجريمة العنيفة وتراجعا فيما يخص ترويج المخدرات وتهريبها والإرهاب، وذلك لأن حالة الطوارئ الصحية فرضت تقييد حرية التنقل في الشوارع العامة إلا لاعتبارات استثنائية، كما أن الرحلات الجوية توقفت، حيث كنا أحيانا نحبط محاولات لتهريب المخدرات القوية من أمريكا اللاتينية".
لكن وبحسب بوبكر سابك فإنه ورغم تشديد المراقة داخليا وخارجيا، إلا أن شبكات الاتجار في المخدرات حاولت التـأقلم مع الوضع، وبدأت تراهن على تهريب المخدرات في شاحنات نقل المواد الاستهلاكية، لأنها كانت مرخصة بالتجوال، وتابع "لاحظنا توقف الاتجار الدولي في المخدرات انطلاقا من الشواطئ الشمالية للمغرب، وظهرت طرق جديدة لنقلها باستعمال شاحنات نقل المواد الاستهلاكية، التي كانت تنقل المخدرات إلى السواحل الأطلسية، قبل أن يتم نقلها عبر قوارب الصيد إلى المياه الدولية".
ومع تراجع مؤشرات الجريمة العنيفة في الشارع العام، أكد سابك "بروز أنماط إجرامية جديدة كالجرائم المرتبطة بشبكة الانترنيت التي ارتفعت، كالنصب عبر مواقع التجارة الالكترونية، والابتزاز الجنسي عبر الأنترنيت، وجرائم بيع الكمامات المزيفة، أي أن الجريمة تأقلمت مع الظروف التي كان يعرفها المجتمع". كما أن حوادث السير تراجعت بأكثر من 67 في المائة، نظرا لتقييد حرية التنقل والسير والجولان.
وأوضح سابك أنه على عكس العديد من الدول، لم يسجل المغرب طيلة فترة الطوارئ الصحية أي عمل مهدد للنظام العام.
تحديث المؤسسة الأمنية
مع تنصيب عبد اللطيف الحموشي، مديرا عاما للأمن الوطني، بدأ مسلسل تطوير المؤسسة الأمنية المغربية يتسارع، وتم وضع الميثاق الجديد للشرطي، وتمت إعادة النظر في طرق إجراء المبارايات، وتم التركيز على "الاستحقاق والكفاءة والنزاهة، وغيرنا طريقة الامتحان والتصحيح...".
وأوضح سابك أن تمظهرات تطور المؤسسة الأمنية "تظهر في جميع تدخلات المديرية العامة للأمن الوطني، على مستوى الشرطي وعلى مستوى اللوجستيك والتجهيزات والبنية التحتية".
"وقال "لأول مرة في تاريخ المؤسسة الأمنية نشهد تغيرا جذريا للزي الوظيفي، حدثت تغييرات في السابق، لكن الآن هناك تغيير جذري، اعتمادنا أزياء تتلاءم مع الوظائف الأمنية، فالزي شرطة الحدود يختلف نسبيا على الخيالة وشرطة الشارع العام.... الزي المعتمد يحقق نوعا من الراحة، ويسهل على الشرطي القيام بوظائفه. على مستوى الأسطول، خلال السنة الفارطة حققنا تجديد حوالي 70 في المائة".
فرق أمنية جديدة
وأوضح سابك في حواره مع يابلادي أنه "تم إحداث مجموعة من الفرق الأمنية الجديدة التي تحقق السرعة والفعالية في التدخل في الشارع العام".
فبخصوص شرطة النجدة، "هناك من يستقبل المكالمات وهناك من يراقب كاميرات مكان الحادث في نفس الوقت، وهناك الوحدات المتنقلة التي تذهب إلى المكان"، ويبدأ تدخل الشرطي بعد المكالمة مباشرة "يحظر المكلف بالكاميرا إلى عين المكان، ثم تتبعه باقي الوحدات المتنقلة. يلزمنا ما بين 3 إلى 7 دقائق كأقصى تقدير للتدخل".
ونظرا للتغييرات التي طرأت على عمل رجال الأمن، -يضيف سابك- "لاحظنا أن التبليغ عن الجرائم بالهاتف ارتفع ب7 في المائة، أي أن المواطن المغربي زادت ثقته في المؤسسة الأمنية".
وقال إنه "لا يمكن للمواطن أن يتصل ويجد الخط مشغول، التطبيق الذي لدينا يسمح لنا بالتقاط جميع المكالمات في نفس الوقت".
"هناك آليات للمراقبة، لا يمكن للمواطن أن يتصل مرتين دون أن يجيبه أي شخص، السيد المدير العام أعطى تعليماته للمفتشية العامة، لكي تقوم بجولات مراقبة، يتصلون خلالها بالرقم 19، إن لم يتم الرد على المكالمات، يعتبر ذلك مخالفة وظيفية يترتب عليها المتابعة التأديبية"
وإلى جانب الوحدات المتنقلة، وضعت المديرية العامة فرقا جديدة، لمحاربة الجريمة، كما خلقت مجموعة من المختبرات، مثل المختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء، والمختبر الوطني للشرطة التقنية بالرباط، وسبع مختبرات لتحليل الآثار الرقمية والتكنولوجية المكلفة بكل ما يتعلق بالجرائم المعلوماتية، كما تم خلق مجموعة من الفرق المخصصة لمكافحة الشبكات والعصابات الاجرامية في سلا والرباط ومراكش وفاس وطنجة، فضلا عن إحداث الفرق الجهوية للشرطة القضائية، في أربعة مدن مكلفة بمكافحة الجريمة المالية والاقتصادية.
وتم أيضا إحداث 20 فرقة للاستعلام الجنائي، "متخصصة في تحليل الجرائم وارتباطاتها. لأن الجريمة لا يمكن محاربتها بالأساليب التقليدية". وأكد سابك أن "التطور الذي عرفته الأنماط الاجرامية كان يلزمه تطور على مستوى الشرطة".
مقر جديد
وبالموازاة مع جهود تطوير المؤسسة الأمنية المغربية، يتم تشييد مقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني، على قطعة أرضية تبلغ مساحتها الإجمالية 20 هكتارا، وفق الطراز المعماري المغربي، وسيشكل المبنى الجديد مركبا إداريا حديثا ومندمجا، يضم جميع المديريات والمصالح المركزية للأمن الوطني، وكذا قاعة للندوات بطاقة استيعابية تصل إلى 1200 مقعد.
كما سيتوفر المقر الجديد على متحف للأمن الوطني، يستعرض تاريخ هذه المؤسسة ، بالإضافة إلى مركز للأرشيف والمستندات، ومركز للأنشطة الرياضية، ومركز لتسجيل المعطيات التعريفية وطبع البطاقات الوطنية، وكذا مركز لإيواء قوات الاحتياط، ومركز للمعلوميات، ومرآب يتسع لحوالي 1500 سيارة.
ويراعي مقر المديرية العامة للأمن الوطني في تصميمه الحضري والعمراني الخصائص الهندسية المغربية التي تستجيب للمعايير المطلوبة في البنايات الأمنية الحساسة، فضلا على استحضار الأبعاد الجمالية والإيكولوجية، كما سيستفيد المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني من ولوجية أفضل نظرا لموقعه بحي الرياض، وارتباطه بالشبكة الطرقية وشبكة الطريق السيار بفضل المدار الجنوبي للرباط.
وسيمكن هذا المشروع الجديد من تجميع مختلف المصالح المركزية للأمن الوطني في بناية واحدة، تستجيب لأعلى المعايير الأمنية المطلوبة، و تدمج آخر التكنولوجيات المتطورة.