تعتبر المهاجرة المغربية سناء درغموني من بين أبرز المهاجرين العرب، الذين انخرطوا في المشهد الثقافي في إيطاليا، بل وفي المشهد الثقافي في العالم العربي عبر ترجمتها لأعمال أدبية عربية إلى اللغة الإيطالية، فضلا عن عملها كأستاذة جامعية للأدب العربي واللغة العربية في جامعتي بولونيا وفينيزيا.
وحصلت درغموني التي تنحدر من مدينة بن أحمد على شهادة الباكالوريا تخصص آداب من ثانوية شوقي بالدار البيضاء، قبل أن تلتحق بجامعة عين الشق بالدار البيضاء، وبالموازاة مع دراستها في الجامعة تسجلت في دورة للغة الإيطالية، وبعد نجاحها في الامتحان الشفوي والكتابي، تسجلت في جامعة بولونيا الإيطالية.
وفي سنة 1998 قررت الهجرة إلى هذا البلد الأوروبي بعد قضائها سنة فقط في جامعة الحسن الثاني بعين الشق، وهي في سن الثامنة عشرة وقالت في حديثها مع موقع يابلادي "البداية في أي تجربة تكون هي أصعب مرحلة، والبداية بالنسبة لي لم تكن سهلة، لعدة عوامل".
وتابعت "أول مرة أغادر الأسرة لأستقر بعيدا عنها في بلد آخر، واجهت صعوبات خصوصا لغوية رغم أنني درست اللغة الإيطالية بالدار البيضاء. في الجامعة بإيطاليا لم أكن أستوعب في الأشهر الأولى كل ما كان يقال، وهو ما كان يؤثر على نفسيتي".
وأكدت أنها كانت تبدل مجهودا كبيرا كي تفهم ما كان يقال في المحاضرات. وإلى جانب الدراسة كانت الشابة المغربية تعمل "إما في الصباح الباكر أو ليلا كي أوازن بين العمل والدراسة. كما كنت أعمل في نهاية الأسبوع والعطل".
تدريس العربية في بلاد المهجر
وبعد حصولها على الإجازة ، تسجلت في الدكتوراه تخصص الأدب المقارن، وكانت أطروحتها تدور حول المقارنة بين شعراء المهجر والشعر الرومانسي الفرنسي والإنجليزي".
وبعد حصولها على الدكتوراه، عملت في جامعة بولونيا، كأستاذة جامعية تدرس الأدب العربي واللغة العربية، وهي المادة التي تدرسها أيضا في جامعة فينيزيا.
"ضمن الطلبة الذين أدرسهم دائما توجد فئة من أبناء المهاجرين، وخاصة الذين ينحدرون من أصول مغربية، الذين يريدون التعرف على ثقافتهم، عبر دراسة الأدب العربي واللغة العربية، لكن معظم الطلبة إيطاليين".
وقالت "هنا في إيطاليا، هناك اهتمام طبعا باللغات الكلاسيكية، وبعدها تأتي اللغة الصينية ثم اللغة العربية، هناك اهتمام من قبل الإيطاليين باللغة العربية، في فصلي كل سنة يتراوح عدد الطلبة بين 50 و60 طالبا، وقبل وباء كورونا كان العدد يصل إلى 80".
وواصلت "طبعا هم يعلمون أن العالم العربي أصبح يوفر فرصا للشغل، وخاصة منطقة الخليج العربي. ويريدون أن يجعلوا من اللغة بوابة تفتح لهم آفاقا مهنية جديدة".
تقريب الأدب العربي من الإيطاليين
وإلى جانب التعليم الجامعي تعمل سناء درغموني كمترجمة أيضا، وخصوصا للشعر العربي المعاصر، للغة الإيطالية، وهو التحدي الذي تريد من خلاله التغلب على محدودية الترجمات من العربية إلى الإيطالية.
وأمام قلة الاهتمام بالمنتج الأدبي العربي في البلدان الأوروبية، وخصوصا في إيطاليا، تحاول الأستاذة الجامعية المغربية أن تقدم الأدب العربي للناطقين بهذه اللغة، وتعريفهم به وبغناه.
ولذلك، تعمل سناء، على ترجمة دواوين ومجموعات شعرية. ومن بين الأعمال التي ترجمتها ديوان "التعليمات بالداخل" للشاعر الفلسطيني المعتقل في السعودية أشرف فيّاض، وديوان "رأس تداولته القبّعات" للشاعر السوري دانيال هادي، والذي فازت عنه بجائزة الترجمة- مدينة مارتينسيكورو Martinsicuro، إضافة إلى أعمال أخرى.
وأكدت سناء وهي أم لطفلة، أن "المسار الأكاديمي لا ينتهي، وكل شخص يرغب في تقديم الإضافات، وأن ينتح أكثر، وأنا أطمح طبعا للمواصلة، أريد تطوير ذاتي. هناك مشاريع ثقافية أريد الانضمام إليها، وأبحاث أرغب في كتابتها...".