لم يكن اختيار إسماعيل أكديم للموضة صدفة. فبالإضافة إلى رغبته في "التعريف بالمغرب وحرفه وتقاليده" في الموضة، فقد كان، منذ الصغر "معجبًا بالأشياء الجميلة وكل ما هو كاريزمي وجمالي" ما جعله يدخل عالم الموضة، في سن 18، كعارض أزياء قبل أن يختار التوجه إلى مدرسة للأزياء.
اختياره هذا، لم يحظ بموافقة عائلته التي تستقر بالرباط، حيث كان والده يأمل في حصول ابنه على وظيفة علمية، وتمكن في نهاية المطاف من إقناعه بدراسة الاقتصاد. وقال إسماعيل في حديثه ليابلادي "اعتاد والدي أن يقول لي: إذا كنت تريد الخياطة، اذهب إلى ركن من أركان المنزل". في وقت لاحق، انتهى الأمر بالشاب بفرض خياراته المهنية، ودخل المدرسة وتخصص في التصميم وصنع نماذج خاصة. كما قام إسماعيل أكديم بدورات تدريبية دولية لتوسيع خبرته.
وفي سنة 2006 تم اختياره من بين مئات مصممي الأزياء المغاربة لتمثيل المملكة في برنامج لتلفزيون الواقع "Mission Fashion" الذي كان يبث على قناة LBC ما سمح له بمقابلة المصمم اللبناني الشهير إيلي صعب. وبعد هذه التجربة، أدرك أن اكتشافه لعالم الموضة قد انتهى وأنه يجب أن ينطلق في تجربة جديدة. وقال "أدركت أن لدي القدرة على افتتاح محل وورشة للخياطة الراقية خاصة بي في الدار البيضاء. في الوقت نفسه، كنت أمزج الثقافات المغربية والغربية لتقديم تراث المملكة وحرفها".
آنذاك، كان عدد محدود من المصممين يقومون بالابتكار من أجل ولادة جديدة للقفطان المغربي، وقال المصمم المغربي "أطلقنا " قفطان المغرب "، وهو حدث كان مهمًا لأنه لعب دورًا حيويًا في صناعة الأزياء في المغرب". وتم الاعتماد في تصميم هذا اللباس التقليدي على "الإلهام من الطرز وأشكال من كل جهات العالم"، مع الاهتمام بـ"اللمسة المغربية" في عالم الموضة، قبل العودة إلى "الأصل مع التصاميم والطرز الذي يعود للثلاثينيات، والسفيفة والعقاد الصعبة الصنع".
"هذه العودة إلى التقاليد سمحت لنا بالاستفادة من تراثنا وتاريخنا. أنا شخصياً فخور بهذا الترويج للقفطان والصناعة التقليدية المغربية ".
من عام 2008 إلى عام 2015، انطلق المصمم المغربي في تجربة جديدة، مع عروض الأزياء، من خلال الشراكة مع المنظمات غير الحكومية للبعثات الإنسانية. وقال "عملت في غرب إفريقيا لمدة 10 سنوات، للترويج للحرف اليدوية. كانت المناسبات مخصصة بشكل أساسي لمساعدة الأشخاص أو الجمعيات، في العديد من المجالات. مشاركتي سمحت لي أن أظهر للناس إكسسوارات المغرب، والحرير الذي نطرزه".
"خلال 22 عامًا من حياتي المهنية، كنت دائمًا في مهمة لتقديم بلدي وتقاليده، دون تعليمات من أحد للقيام بذلك. أقوم بذلك من أجل بلدي الذي أتيت منه. كان يكفي أن تسألني من أين أتيت للعرض، لكي أتحدث عن الرباط، الوداية، ودباغة الجلود...".
في عام 2013، وقع المصمم في سحر مونتريال، وقرر الاستقرار بها. وقال "أنا مواطن عالمي وأردت الوصول إلى الأمريكيتين". "لقد رأيت كل شيء في الشرق الأوسط وأوروبا وأردت البحث عن شيء آخر، وفهمه واكتشافه من خلال الاستلهام من الثقافات الأخرى، أثناء الحديث عن المغرب في بيئة أخرى"، وأشار إلى أن منتجاته مطلوبة في كندا وأن "عمله يسير بشكل جيد"
وحتى بالنسبة لتصميماته، فإن "معظم المنتجات تأتي من المغرب" بحثا عن الجودة، كما بدأ في تدريب زملائه في كندا على كيفية صنع القفاطين والخياطة المغربية التقليدية. وقال "حقيقة رؤية شخص آخر يقوم بـ "السفيفة" بالطريقة التي أقوم بها أنا، يشعرني بالفخر" ويرى أنه أمر رائع أن ينضم إلى هذا النوع من الخياطة أشخاص من ثقافات أخرى.
وإذا كان يصمم إبداعاته في مونتريال، فإنه يقوم بإرسالها الى المغرب للتطريز والديكور قبل إعادتها الى كندا للقيام باللمسات الأخيرة. أما بالنسبة لمجموعته الأخيرة، "فقد صنعت من الألف إلى الياء في مونتريال".
بالنسبة للمصمم المغربي، يظل تطور الموضة، خاصة في بلده الأصلي، شيء مثيرًا للإعجاب. وقال "أنا فخور للغاية بارتفاع عدد الشباب المغاربة الموهوبين في هذا المجال. بالإضافة إلى افتتاح مدارس الموضة أكثر من ذي قبل، كما أنني أعتقد أنهم لم يواجهوا نفس المشاكل التي واجهتها مع والديّ لأن العقليات تغيرت، بالإضافة إلى توفر شبكة الإنترنت، وهو الأمر الذي كان يفتقده جيلنا، حيث كنا نستعين بمجلات أزياء باهظة الثمن لمشاهدة الإبداعات".
"اليوم نتوفر على جميع الأدوات اللازمة من أجل الإبداع. كما أنني لاحظت أننا أصبحنا في المغرب أكثر اهتماما بـ "الموضة" من أي مكان آخر، بل أكثر أناقة مما هو الحال في باريس ".
أما بالنسبة لمشاريعه، فقد افتتح المصمم مؤخرا صالة عرضه الجديدة في مونتريال، حيث يعرض الأزياء الراقية المغربية والغربية. كما يعمل هذا الشاب المغربي على "توأمة الفن والثقافة الكندية المغربية" بهدف التقارب بين الشعبين من خلال تنظيم حدث يسلط الضوء على الفن والشعر والتصميم والحرف اليدوية. وأضاف قائلا "أود أن يأتي المغاربة إلى كندا ليروا كيف تسير الأمور ومن أجل التبادل الثقافي أيضا". ومن المقرر أن ينظم إسماعيل أكديم في عام 2022 عرضين، الأول في باريس والثاني في مدريد، لتقديم لمسته المغربية ومجموعاته الجديدة.