حبها للطرب الغرناطي، ترعرع معها منذ الصغر لتظل وفيه له بعد كبرها، بل وعملت على نقله من المغرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية. تشبعها بحب هذا النوع الموسيقي لم يكن بمحض الصدفة، وإنما جاء نتيجة نشأتها في عاصمة الشرق المعروفة بهذا النوع الموسيقي الأندلسي.
في سن العاشرة، وباقتراح من والدة الفنانة فاطمة الزهراء القرطبي، التي تعتبر إحدى أيقونات هذا النوع الموسيقي، ولجت سكينة جمالي التي يبلغ عمرها الآن 25 عاما، إلى الجمعية الإسماعيلية للطرب الغرناطي من أجل تعلم أبجديات الطرب الغرناطي. وقالت خلال حديثها مع موقع يابلادي "رغم أنها لم تكن في ذلك الوقت بالموسيقي التي كنت معجبة بها، إلا أنني وقعت في عشقها فور دخولي إلى المعهد. في البداية بدأت العزف على آلة البانجو، وانتقلت إلى آلات أخرى، والآن أنا أعزف على آلة المندولين".
وبعدها بدأت سكينة، تشارك في عدة حفلات موسيقية، من بينها وأهمها، مهرجان الطرب الغرناطي في وجدة بالإضافة إلى حفلات في عدة مدن مغربية أخرى. لكن انشغالها بالموسيقى لم ينسها دراستها، فبعد حصولها على شهادة الباكالوريا سنة 2014 في شعبة الاقتصاد، قررت مواصلة مشوارها الدراسي في إدارة الأعمال لمدة سنتين، وبعدها بسنتين انتقلت إلى الولايات المتحدة عام 2019، لمواصلة مسارها في نفس الاختصاص، بكانزاس سيتي، وهي أكبر مدن ولاية ميزوري، لتصطدم بالواقع "فور دخولي إلى المعهد، شعرت بإحساس غريب، وكأنني تائهة وباختصار أحسست أنه ليس ما كنت أريده حقا".
"ترعرعت في وسط عائلي أغلبهم مقاولون، لهذا وجدت نفسي أسلك نفس الطريق دون أن أدرك ذلك، لكنني كنت دائما أعتبر وأقدم نفسي على أنني موسيقية، لذلك قررت اتباع إحساسي ومواصلة مشواري الموسيقي الذي بدأته في المغرب".
لكن بما أن السنة الدراسية كانت قد انطلقت بالفعل في الولايات المتحدة، كان من الصعب أن تغير طريقها. "في هذه المرحلة، كنت تائهة بالفعل، وكنت مجبرة على البحث عن العمل من أجل إعالة نفسي، ولسوء الحظ كان الأمر صعبا جدا، وأقفلت جميع الأبواب أمامي" لكن ما كانت سكينة تراه، سوء حظ، كان في الحقيقة من حسن حظها. فبدل أن تجلس مكتوفة الأيدي، بدأت البحث عن فرصها بطريقة أخرى "دخلت إلى مجموعة من المواقع التي تجمع بين الموسيقيين من أجل التعرف على مهنيين لمدي بيد العون في هذا المجال الذي لطالما أحببته وأتقنه حقا"
استمر الحال لمدة شهرين لتقع في نهاية المطاف على الشخص المناسب "تعرفت على شخص في إحدى المواقع، وبعد تعرفه على ما أقوم به، مدني بالبريد إلكتروني لإحدى الموسيقيين المشهورين في المنطقة". وهو مدير مجموعة فرقة إيبيريكا، يجمع بين موسيقيين من مجموعة من الدول، متخصصون في الموسيقى (الإيبيرية) الأندلسية، وهو نفس النوع الموسيقي الذي تحترفه سكينة، بل وتتقن تقنيات تشتهر في المغرب والجزائر، ليكون لها الفضل في تعرفهم عليها.
ولم تتردد الفنانة المغربية في التواصل مع قائد المجموعة، فرغم رده المتأخر "بسبب جولة كان يقوم بها" إلا أنه أعطى لنفسه الفرصة للتعرف عليها أكثر، ليكتشف بدوره أنها بمثابة إضافة نوعية لفرقته الموسيقية. وقالت "اقترح علي في البداية المشاركة في إحدى الحفلات، وبعد مشاهدته لي في التدريبات التي قمت بها برفقتهم، عرض علي الانضمام إلى المجموعة، لأصبح أحد أعضاءها الرسميين".
"عند تواصلي معه، كنت أطمح لأن يساعدني في الولوج إلى المعهد الموسيقي لا أقل ولا أكثر، وحصلت في النهاية على عرض لم أكن أتوقعه. قدمت لهم "نوبات" الطرب الغرناطي، وكل ما يتعلق بهذا الفن، لتنطلق مسيرتي الموسيقية في الولايات المتحدة، ولا زلت أغني بلغتي. كما أنني الوحيدة من أصل شمال إفريقي".
انضمام سكينة إلى هذه الفرقة التي تجمع بين موسيقيين محترفين، فتح لها الأبواب أمام عروض أخرى مع مجموعة من الموسيقيين المشهورين، من بينهم مغنية الأوبرا فيكتوريا بوتيرو، والتي ستقوم معها بعدة جولات موسيقية.
وبالموازاة مع ذلك، لازالت الفنانة المغربية، مصرة على مواصلة مشوارها الدراسي في الموسيقي، حيث ولجت إلى الجامعة عام 2020، للحصول على شواهد تمكنها من شق طريقها أمام فرص أكبر.
وتطمح سكينة لتنظيم حفلات في المغرب رفقة فريقها، كما أنها بصدد التحضير لأول ألبوم لها، بشكل فردي، وذلك بعدما كانت قد أصدرت أول أغنية لها عام 2019، من خلال تأديتها أغنيته للفنان الجزائري كمال المسعودي، وذلك تكريما "لأحد أساتذتي في الموسيقى كان قد توفي" وبعدها بسنة أطلقت أغنيتها الأولى "زهرة رمان" والتي هي من كتاباتها.