عائلة عائشة هي واحدة من العائلات التي كانت تخطط للسفر إلى المغرب، قبل أن يخيب أملها بعد إعلان قرار المغرب استبعاد الموانئ الاسبانية من عملية مرحبا لهذه السنة. وقالت المغربية التي تعيش بمدينة ليريدا الواقعة بالقرب من برشلونة، لمدة 24 سنة، وهي أم لطفلين، في تصريح لموقع يابلادي "بعدما لم نتمكن السنة الماضية من القدوم بسبب الأزمة الصحية، قررنا التوجه إلى المغرب هذه السنة لرؤية عائلتنا وقضاء عطلة الصيف هناك، لكن بعدما تقرر عدم فتح الحدود البرية مع إسبانيا، ألغينا الفكرة" مشيرة إلى أن لديها رهاب ركوب الطائرة "لذلك فإن فكرة القدوم عبر الطائرة مستبعدة تماما".
وأضافت عائشة التي تنحدر من مدينة الرشيدية، واعتادت السفر إلى المغرب كل سنة " بالنسبة لعائلة بأكملها، فإن تكلفة التذاكر من فرنسا باهظة جدا، لذا قررنا قضاء عطلتنا في مدينة سياحية بإسبانيا، بدلا من الذهاب إلى المغرب". ولا تعتبر حالة عائشة معزولة، نظرا لأن مجموعة من المغاربة المقيمين في الخارج، كانوا ينتظرون فتح الحدود البرية مع إسبانيا بفارغ الصبر، لتسهيل دخولهم إلى أرض الوطن.
وفي هذا السياق، تحدثت مجموعة من جمعيات مغاربة العالم، بصوت الجالية معربة عن غضبها واستيائها من هذا القرار. وقال محمد العلمي السوسي، رئيس جمعية أصدقاء الشعب المغربي "من غير الممكن أن يقضوا المغاربة المقيمين بالخارج 20 أو 30 ساعة على متن الباخرة مرورا من فرنسا أو إيطاليا حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم. إنه أمر غير مقبول"
ووصف رئيس الجمعية التي تتخذ من إسبانيا مقرا لها، القرار بـ "شكل من أشكال التعذيب لمنع المغاربة من زيارة عائلاتهم التي لم يروها منذ عامين" وأضاف قائلا "كيف يمكننا أن نضمن أن بلدنا تحبنا حقا؟ لماذا تجعلنا نتحمل كل المعاناة وهذه المصاريف؟
ويرى الفاعل الجمعوي أن "المغرب يتصرف بهذه الطريقة، كرد فعل على المشاكل السياسية وما حدث في سبتة" وأضاف "يجب أن نتوقف عن استخدام جائحة كورنا كذريعة، لأن معظم المغاربة هنا يمكنهم التنقل دون مشاكل، لأنه تم تلقيحهم ضد الفيروس".
"هذا القرار يؤثر بشكل مباشر على مغاربة العالم، خاصة المقيمين في إسبانيا الذين يجدون أنفسهم مجبرين على قطع مسافات طويلة وإنفاق آلاف اليوروهات ليتمكنوا من السفر من سيت. لدينا شعور بأن المغرب يريدنا أن نواصل إرسال الأموال فقط، ولا يريد استقبالنا".
كما أشار رئيس الجمعية، إلى أنه سبق أن لجأ إلى السلطات المغربية بشأن العديد من المشاكل التي واجهت مغاربة الخارج، أثناء الجائحة لكننا لم نتلق أية "إجابة".
من جهته، أشار محمد الغريب، رئيس جمعية العمال المهاجرين المغاربة التي تتخذ أيضا من إسبانيا مقرا لها إلى أن "غالبية مغاربة الخارج حتى أولئك الموجودون في فرنسا وبلجيكا وهولندا يمرون عبر إسبانيا للسفر إلى المغرب، لأن هذا الطريق لا يكلف كثيرا" وأضاف "في عام 2019، عبر أكثر من 3 ملايين مسافر ميناء الجزيرة الخضراء وهذه العملية تتطلب استعدادًا كبيرًا من قبل المغرب وإسبانيا لتجنب المشاكل التي واجهناها في التسعينيات".
ويرى محمد الغريب أنه "لم يتم التحضير مسبقا لا في ميناء سيت ولا جنوة مثلما تم في ميناء طنجة المتوسط وميناء الجزيرة الخضراء لاستقبال عدد كبير من مغاربة العالم أثناء العبور". وبالتالي فإنه يتوقع أن تشهد "العملية عبور 20 إلى 30٪ من المغاربة الذين اعتادوا السفر بالسيارة إلى بلادهم خلال فترة الصيف".
"لا يبدو أن لهذا القرار أسباب وجيهة. إن القرار الذي اتخذه المغرب خاطئ لأنه يعطي الانطباع بأن المملكة لم تأخذ في الاعتبار المعاناة التي يمكن أن يلاقيها مواطنوها "
وبالنسبة للناشط الجمعوي فإن "الحسابات السياسية بين إسبانيا والمغرب" لا تبرر استبعاد الموانئ الإسبانية من هذه العملية، وبالإضافة إلى "الانعكاسات" الاقتصادية لقرار كهذا على المغرب وإسبانيا، فإن "الروابط الاجتماعية ستتأثر بدورها بهذا القرار" الذي يأتي في الوقت الذي كان فيه مغاربة العالم "ينتظرون بفارغ الصبر، زيارة عائلاتهم وأقاربهم الذين لم يروهم منذ عامين".
وعبر رئيس الجمعية عن أمله، في أن يتراجع المغرب عن هذا القرار الذي لا يخدم بأي حال من الأحوال مصالحه الاقتصادية أو علاقاته الاجتماعية مع مواطنيه بالخارج، خاصة وأن عددًا كبيرًا منهم كانوا يخططون للاحتفال بعيد الأضحى مع أحبائهم ".