يتبنى تقرير النموذج التنمـوي الجديـد الذي سلمه يوم أمس رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي شكيب بنموسى، للملك محمد السادس، كطمــوح مشــترك "الانتقال إلى مغـرب مزدهـر، مغـربِ الكفــاءات، مغــربِ الإدماج والتضامــن، مغــربِ الاستدامة والجــرأة".
وأكد التقرير أن هــذا الطمـوح يستوجب فـي جوهـره تعبئـة كل إمكانـات البلاد عبـر وضـع العنصـر البشـري فـي صلـب أولويـات السياسـات العموميــة، ســواء باعتبــاره فاعلا أو مســتفيدا مــن مســيرة التنميــة.
ويقترح التقرير الذي يتكون من 152 صفحة، أن تتم ترجمة هــذا الطموح إلى أهـداف تنموية محددة وفي المتناول قصـد الارتقاء بالمملكـة لتتبـوأ مكانتهـا ضمـن الثلـث الأول مـن ترتيـب الـدول فـي عـدة مجالات فـي أفـق 2035 .
وأضاف أن من شأن ذلك أن يكـرس خاصية المغرب كنموذج يحتذى به داخل محيطــه الإقليمي وحتى الدولي.
ومن بين الأهداف التي وضعها التقرير الذي استغرق إعداده ما يقارب السنة ونصف السنة، مضاعفـة الناتج الداخلي الخام حسـب الفرد، من 7826 دولار سنويا حسب إحصائيات 2009 إلى 16 ألف دولار في أفق سنة 2035.
كما يطمح التقرير إلى ضمـان امتـاك 90 %مـن التلاميذ للتعلمات الأساسية، بالإضافة الـى الرفـع مـن معـدل التأطيـر الطبي للملاءمة مع معاييـر منظمـة
الصحـة العالميـة، وتقليـص نسـبة الشـغل فـي القطـاع غيـر المهيكل إلـى 20% ورفـع نسـبة مشـاركة المـرأة فـي سـوق العمـل إلـى 45 % مقابل 22 % حاليـا والوصـول الـى نسـبة رضـا المواطنيـن عـن الإدارة والخدمـات العموميـة تزيـد عـن 80 %.
ويسعى النموذج التنموي الجديد إلى تسـريع وتيـرة النمـو الاقتصادي لتبلـغ نسـبة سـنوية تفـوق 6 % فـي المتوسـط. ومن أجل ذلك يتعين على المغرب حسب نفس الوثيقة الشـروع فـي تفعيـل مسلســل تحــول نســيجه الاقتصادي.
ومــن أجــل تطويــر الاقتصاد الوطنــي بشــكل أكبـر وجعلـه يقتـرب مـن بنيـة الاقتصادات المتقدمـة، يتوجـب تشـجيع أربـع عمليـات أساسـية، وهـي: تحديـث النسـيج الاقتصادي الحالـي مـن خلال إدمـاج أغلـب الأنشطة فـي القطـاع المنظـم والرفـع مـن تنافسـية هـذا النسـيج وإنتاجيتـه؛ تنويـع الاقتصاد للسـماح بتطويـر أنشـطة اقتصاديـة ومهـارات جديـدة؛ الرفـع مـن مسـتوى القيمـة المضافـة المحليـة؛ وأخيـرا الاندماج الأكبر فـي الاقتصاد العالمـي بهـدف توجيـه المقاولات المغربيـة نحـو التصديـر. وسيسـمح هـذا التحـول الاقتصادي المنتـج مـن تحقيـق الرهـان المتمثـل فـي إشـعاع علامة "صنـع فـي المغـرب"
المغرب قوة إقليمية
ومن بين أهداف التقرير أيضا تحويل المغرب إلى قوة إقليمية، حيث جاء فيه أنه "في أفق 2035، يتعزز المغرب كبلد ديمقراطي يمتلك فيه جميع المواطنين القدرة الكاملة على تولي زمام أمورهم وتحرير طاقاتهم والعيش بكرامة في مجتمع منفتح ومتنوع وعادل ومنصف. بلد قادر على خلق القيمة المضافة، يستثمر مؤهلاته بصفة مستدامة ومسؤولة".
وتابع أنه بالاستناد "على التقدم المضطرد الذي يحققه على المستوى الوطني، يبرز المغرب كقوة إقليمية تضطلع بدور طلائعي في مواجهة التحديات التي تواجه العالم".
ومن أجل ذلك يقترح النموذج التنموي كســب خمسة رهانات مسـتقبلية جريئة ســتجعله، مجتمعــة، قطبــا اقتصاديــا ومركــزا للمعرفـة ضمـن البلـدان الأكثر ديناميـة وجاذبيـة علـى المسـتوى الإقليمي والقـاري:
1 ) التحـول نحـو بلـد رقمي حيـث تعبـأ القـدرات التحويليـة للتكنولوجيـا الرقميـة تعبئـة كاملـة، 2 ) الارتقاء كمركـز جهـوي فـي ميـدان التعليـم العالـي والبحـث والابتكار، 3 ) كسـب الريـادة الجهوية فيمـا يخـص مجـال الطاقـة ذات الانبعاثات المنخفضـة مـن الكاربـون، 4 ) إكتسـاب مركـز مرجعـي كقطـب مالـي علـى المسـتوى القـاري، 5 ) جعـل علامة "صنـع فـي المغـرب" عالمـة للجودة والتنافسـية الاستدامة لتسـريع الاندماج فـي سلاسل القيمـة العالميـة والإقليمية.
ومن شأن هذه الرهانات التي ترتكز على المزايا التنافســية للمملكـة وإمكاناتهــا، أن تشكل "نقــط التقــارب والتلاقي في المصالح بيــن المملكـة وشـركائها الرئيسـيين بالخـارج، التـي مـن شـأنها المسـاهمة فـي تعزيـز التعـاون والشـراكات ورفـع مختلـف التحديـات الكامنـة فـي النمـوذج التنمـوي الجديـد بكيفيـة عرضانيـة".
وأكدت اللجنة أنه هـذا التقريـر يرسم ملامـح النمـوذج الجديـد "الـذي يتضمـن طموحـا وطنيـا ويقتـرح مسـارا للتغييـر ذا مصداقيـة وقابـا للتنفيـذ علـى أرض الواقـع".
وأشارت إلى أن هذا النمـوذج التنمـوي "يشـكل مقترحـا لمسـار تنمـوي جديـد ودعـوة عامـة للتعبئـة الشـاملة والعمـل والتفانـي قصـد بنـاء المغـرب الـذي نطمـح إليـه جميعـا".