حل يوم 18 مارس، وهو الموعد النهائي الذي حدده الجيش الجزائري لأصحاب ضيعات النخيل الواقعة في منطقة العرجة قرب فيكيك، من أجل مغادرتها، دون أي تدخل رسمي من قبل السلطات المغربية. وبدت شوارع مدينة فكيك التي عاشت لأيام على وقع المسيرات والوقفات، اليوم الخميس خاوية فيما أغلق التجار محالهم.
وقال الناشط محمد عماري في حديث لموقع يابلادي "تم تجميد جميع الأنشطة في المدينة تعبيرا عن احتجاج وغضب الأهالي"، وتشهد مداخل المدينة بالموازاة مع ذلك تواجدا كثيفا لأجهزة الأمن المغربية.
وأعلن أهالي المدينة اليوم "يوما للحداد"، وهو اليوم الذي منع فيه أصحاب ضيعات النخيل من الاقتراب من ممتلكاتهم في المنطقة التي تعتبر أيضا غنية بالمواد الخام التي تستعمل في البناء.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال الفاعل الجمعوي عبد الجبار الجباري هذه "نكسة خطيرة، اقتطعت أرض أخرى من فيكيك. مرة أخرى يُجرد المغرب من جزء من أراضيه، كما كان عليه الحال عدة مرات في نفس المنطقة".
الفلاحون متمسكون بممتلكاتهم الخاصة
بدوره قال عبد المالك.ب، وهو فلاح من المنطقة ليابلادي، "لم نعمل على أرض ليست ملكنا، خاصة وأن وثائقنا تثبت أن آبائنا وأجدادنا استثمروا أموالهم هناك لزراعة النخيل". ويملك هذا الفلاح "وثائق تثبت أن الأرض التي كان يستغلها كانت في حيازة عائلته منذ الثلاثينيات على الأقل، ودائما ما يتم دفع الضرائب إلى إدارة الضرائب المغربية في جرادة".
وتابع أن المغرب كان يعتبر تلك الأراضي تابعة له "فبين شتنبر وأكتوبر 2008، أثناء فيضان وادي العرجة الذي أثر على أراضينا، قمنا بجمع ملفات بصفتنا من مالكي الأراضي المتضررين، وقدمناها إلى وزارة الفلاحة المغربية، والتي عوضتنا بمنحنا دفعات من أشجار النخيل، حسب درجة الخسائر التي لحقت بكل شخص".
ويوضح عبد الجبار الجباري أنه "آنذاك سافرت لجنة خاصة مكونة من وزراء ومستشارين من الرباط للتحقق من الأضرار، وحضر الدرك الملكي والأمن الوطني إلى عين المكان وأعدوا تقاريرهم بعد الفيضانات". وتساءل "إذا لم تكن هذه الأرض في الواقع تحت السيادة المغربية، فكيف يمكننا أن نفسر أن الإدارة المغربية كانت دائمًا اللاعب المؤسسي في العرجة كما أنها كانت ملجأ الفلاحين؟"
ويرى عبد الجبار الجباري أن "الاتفاقية المغربية الجزائرية المتعلقة بترسيم الحدود لعام 1972 هي موضوع سوء فهم كبير من حيث القراءة". علما أن الجيش الجزائري استند على هذه الاتفاقية لمطالبة الفلاحين بمغادرة أراضيهم. وتحدث الفاعل الجمعوي عن إشارة الاتفاق إلى "وادي مجهول" باعتباره الفاصل بين الحدود المغربية والجزائرية، وأكد أن "سكان المنطقة كبارا وصغارا يعرفون أن لكل واد اسم".
"الوادي المجهول هو في الواقع وادي المالح، على الجانب الآخر، الذي كان أسلافنا يحصلون منه على الملح، ولكن ليس ذلك الذي يعبر شمال شرق فكيك والذي يسمى وادي العرجة. مهما تحدثنا، فإنه لا شيء يمكن أن يعوض أولئك الذين ولدوا هناك واستثمروا كل ثرواتهم بالمنطقة".
خيبة أمل
وبالنسبة للناشط الجمعوي "فإن أبناء المنطقة يعرفون هذه الأراضي جيدا، ويعرفون تحديد موقع كل واد، سواء كان نشطًا أو جافًا، وإن كانت الأراضي تابعة لأطراف أخرى، لكان سكان فكيك هم أول من أعادوها لأصحابها".
واستنكر عبد الجبار رد فعل السلطات المحلية التي وصفت عمليات الترحيل بأنها إجراء "مؤقت وظرفي"، وأكد أنه خلال الاجتماع الأخير الذي عقده الباشا مع ممثلي الفلاحين الذين عبروا له عن استيائهم، رد عليهم بسؤالهم عما يقترحونه، وتابع أنهم أصيبوا بخيبة الأمل جراء " نقص الدعم والمرافقة لهؤلاء الأشخاص الذين يمرون بوقت عصيب".
وبحسبه فإنه لن يكون الفلاحون المتضررون الوحيدون، حيث "تشكل أراضي العرجة مساحة حقيقية للتوظيف المباشر وغير المباشر للعديد من المهن، وخاصة لأولئك المتخصصين في المهن الأخرى المرتبطة بالفلاحة"، وتساءل مصير "الأجيال الشابة التي تعمل في المنطقة، والتي ستجد نفسها بين عشية وضحاها من دون مورد رزق".
وأكد أن "كل سكان فكيك نساء ورجالا وأطفالا سيخرجون هذا المساء في مسيرة لأنها قضية وطنية". وأكد أن "الإضراب العام بدأ قبل 18 مارس، حيث تم تجميد العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية في المدينة".