أعلنت وزارة الصحة خلال الشهر الماضي أنها تمكنت، في إطار الخطة الاستراتيجية الوطنية لسنة 2023 لمحاربة داء السيدا، من توسيع عملية الكشف عن فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة، حيث بلغت نسبة الأشخاص المتعايشين معه والذين يعرفون إصابتهم 78 في المائة.
وتضع هذه النسبة المغرب على المسار الصحيح للقضاء على هذا المرض الذي يمثل المرحلة المتقدمة من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، بحلول سنة 2030، وفقا لأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.
ورغم ذلك لا يزال هذا المسار مليئا بالعقبات، حيث يتم تضييع العديد من الفرص للكشف المبكر عن فيروس نقص المناعة البشرية، بناءً على العلامات الخطيرة أو المؤشرات السريرية، وفقًا لدراسة نُشرت في إصدار يناير 2021 لمجلة الأمراض المعدية BMC.
وتم جمع بيانات هذه الدراسة بين ماي 2012 ودجنبر 2013، من مرضى تم تشخيص إصابتهم حديثًا بالسيدا في ستة أقسام مغربية للأمراض المعدية، استقبلت أكثر من 85 ٪ من الأشخاص الذين يعالجون من المرض في المملكة.
ووجدت الدراسة أن ما يقرب من اثنين من كل ثلاثة مرضى حضروا إلى المرافق الصحية خلال الفترة المحتملة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، ولكن "العديد من أولئك الذين لديهم مؤشرات على حمل فيروس نقص المناعة البشرية والذين طلبوا الرعاية لم يتلقوا أي عرض لإجراء تشخيص للفيروس".
المؤشرات السلوكية "نادرًا ما تناقش"
وتؤكد الدراسة أن المؤشرات السلوكية ناذرا ما تناقش، وقدمت مثالا بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، مؤكدة أن 83٪ منهم لم يناقشوا سلوكهم الجنسي مع مقدم الرعاية الصحية خلال زيارتهم له. وتأسف واضعوا الدراسة لكون 13٪ من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال الذين أتيحت لهم الفرصة لإجراء اختبار فيروس نقص المناعة البشرية، عُرض على واحد فقط من كل ثلاثة منهم إجراء الاختبار.
وتوضح الدراسة أنه لم يعرض على 69٪ من الأشخاص الذين سعوا للحصول على رعاية للحالات السريرية المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية، اجراء اختبار، مما يعني أن "مقدمي الرعاية قد فوتوا العديد من الفرص للتعرف على إمكانية حمل مرضاهم فيروس نقص المناعة البشرية".
وتشير الدراسة أيضا إلى أن مقدمي الرعاية لم يجمعوا أي معلومات عن عاملات الجنس، على الرغم من أن بعض النساء ، اللائي يمثلن 11٪ من العينة المدروسة، أفدن لاحقًا بأن لديهن متوسط من 40 شريكًا جنسيًا خلال الفترة المدروسة وأبلغوا أيضًا عن المزيد من الأمراض المنقولة جنسياً، دون أن يُعرض عليهن إجراء اختبار.
"نادرًا ما تمت مناقشة المؤشرات السلوكية مع مقدم الرعاية الصحية (...) لكن الطبيب لم يطرح أسئلة حول المؤشرات السلوكية للمطالبة بإجراء اختبار".
تعميم الاختبارات والاختبارات الذاتية والعلاج الوقائي
رغم أن الدراسة تشير إلى الصعوبات المتعلقة بالوصم الاجتماعي، إلا أنها تؤكد على دور التشخيص، وتوضح أن الأشخاص الذين خضعوا للاختبار مرة واحدة في حياتهم كانوا أقل عرضة للإصابة بالفيروس.
وأكدت أنه في سنة 2012، نهجت وزارة الصحة سياسة جديدة تهدف إلى تعزيز الاستشارات والاختبارات المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية من خلال عدد أكبر من مراكز الفحص الطوعي وتنفيذ استراتيجية فحص المحمول.
وقالت "لقد زاد الوصول إلى اختبار فيروس نقص المناعة البشرية بشكل كبير مع إدخال الاختبار المجتمعي من خلال الاختبارات السريعة"، وتابع الباحثون أن هذه "النتيجة الجيدة" توضح الحاجة إلى قاعدة اجراء اختبار فيروس نقص المناعة البشرية بشكل دائم للوصول إلى الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والعاملين بالجنس، والسكان الأكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وكذلك أولئك الذين يعيشون في المناطق القروية.
ولتعزيز وتوسيع خدمات تشخيص فيروس السيدا والتغلب على العوائق التي تحول دون اجرائه، تقترح الدراسة "أن يتم تقديم الاختبار في الصيدليات للوصول إلى عدد كبير من السكان".
وتابعت أن "التنفيذ المستقبلي للاختبار الذاتي في المغرب يمكن أن يساعد أيضًا في الوصول إلى الفئات السكانية المعرضة لخطر كبير، لا سيما في السياق المرتبط بالمثلية الجنسية ووصمة فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة".
وتقترح الدراسة أيضا أن تستكمل استراتيجيات تشخيص فيروس السيدا باستراتيجيات مثل العلاج الوقائي (TasP) أو الوقاية قبل التعرض للمرض (PrEP) لمنع انتقال العدوى.