منذ يوم 13 نونبر الجاري، تاريخ التدخل العسكري المغربي في الكركرات من أجل إنهاء عرقلة جبهة البوليساريو لحركة المرور في المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا، ووسائل إعلام جزائرية وأخرى تابعة للانفصالين تنشر أخبار تتحدث تارة عن هجومات لميليشيا البوليساريو، وتارة أخرى عن غضب موريتاني من العملية المغربية.
ولجأت صحيفة الشروق المقربة من صناع القرار في الجزائر إلى شخص يدعى إسماعيل ولد الشيخ سيدنا، وصفته بالخبير الموريتاني في الشؤون المغاربة والإفريقية وأجرت معه حوارا عنونته بـ"قلق موريتانيا نابع من خرق وقف إطلاق النار وتغير مواقع الجيش المغربي".
وتحدث الصحيفة عن انزعاج "سياسي وأمني" موريتاني من اقتراب الجيش المغربي بشكل غير مسبوق من الحدود الموريتانية. وأعادت صحيفة "المساء" الجزائرية أيضا نقل نفس الخبر، الذي وجد له صدى في مواقع وصفحات اجتماعية تابعة لأنصار جبهة البوليساريو.
لكن وبالمقابل نفى سياسيون وإعلاميون موريتانييون ما ذهب إليه الإعلام الجزائري وإعلام البوليساريو، مؤكدين أن موريتانيا على العكس من ذلك استفادت من فتح المعبر الحدودي.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال صالح ولد حننا وهو ضابط سابق ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم"، إنه " لا يوجد أي انزعاج سياسي أو أمني موريتاني من التدخل المغربي في الكركرات، والحديث عن هذا الأمر لا أساس له من الصحة".
"موريتانيا تتبنى الحياد الإيجابي، وتفضل ألا تكون هناك مشكلة، لكن في النهاية التحرك المغربي في الكركرات كان ضروريا، لفتح الطريق، لذلك لا يوجد أي انزعاج. موريتانيا استفادت من الخطوة المغربية، التي انعكست إيجابا على الأسواق".
وتابع حديثه قائلا "نحن في حزبنا نعتبر أن هذا الخطوة كانت ضرورية، ولم يكن أمام المغرب خيار ثاني لفتح الطري"، وأكد أنه لا يتوقع "أن تتطور الأمور في المستقل، لن يحدث أي تطور (يضحك) تهديدات البوليساريو مجرد كلام إعلامي".
وسار الكاتب الصحفي الشيخ أحمد أمين رئيس تحرير موقع "أنباء انفو" الموريتاني في نفس الاتجاه وقال في تصريح لموقع يابلادي "الخبر عار من الصحة، ونشرت مقالا يوم أمس أشرت فيه إلى تعاون مغربي موريتاني لفتح مبر الكركرات، كان هناك تعاون تحت الطاولة".
وتابع "موريتانيا أرسلت قوات إلى الحدود الشمالية، قبل فتح المعبر، وهذه القوات انسحبت مباشرة بعد تأمين المعبر من قبل القوات المغربية، وهذا يفيد عكس ما نشر. لو كانت القوات الموريتانية تشك في نوايا القوات المغربية لما انسحبت".
"المكالمة الهاتفية التي جرت بين الملك محمد السادس وولد الشيخ الغزواني دليل على وجود تعاون، ونشر الخبر في وكالة الأنباء الرسمية يدل على ذلك، فالرئيس يجري مكالمات يومية مع قادة الدول ولكنها لا ترقى لأن تنشر من رئاسة الجمهورية. أنا أعتقد أن هذه الأخبار هي للاستهلاك الإعلامي، وتهدف إلى التشويش على التقارب المغربي الموريتاني الذي تم مؤخرا. هذا المعبر تستفيد منه موريتانيا مثل ما تستفيد منه المغرب، موريتانيا تعول عليه اقتصاديا، كان تعطيل مداخيل على مستوى الجمارك وأنواع التجارة الأخرى".
ولم تختلف وجهة نظر الباحث والمحلل السياسي الموريتاني الحافظ ولد الغابد كثيرا عما قاله صالح ولد حننا و الشيخ أحمد أمين، وقال في تصريح مماثل لموقع يابلادي "الشعب الموريتاني في أغلبيته الساحقة مرتاح للخطوات المغربية التي فتحت الطريق الدولي المهم مع موريتانيا. هذا الطريق يشكل إغلاقه اعتداء سافر على خطة المنيرسو والجهود الاممية لرعاية السلام".
وتابع "وإن كان ثمة من غضب فهو من فئة محدودة تتعاطف بسبب ارتباط اجتماعية أو سياسية بالبوليساريو وهو مجرد تعاطف شكلي لا ينبني عليه أي موقف".
"لا أتصور أن المغرب أقدم على خطوته إلا بعد تشاور مع موريتانيا كجهة معنية بالحياد الايجابي تجاه هذه القضية التي خسرت فيها موريتانيا رغم أنها ضحت من أجلها. وأظن أن البوليساريو أيضا من خلال اغلاق المعبر أقدمت على خطوة غير مدروسة ستفقدها مصداقية نضالها لأنها ضربت مصالح دولية وليس مصلحة المغرب منفردة".
واعتبر أن مثل هذه الأخبار تندرج "ضمن الدعاية والخطاب التعبوي ولا تأثير له وصوته خافت وغير مسموع وليس مؤثرا في موريتانيا. لا تأثير لدعاية المتعاطفين مع البوليساريو على القرار السياسي أو توجهات البلاد".